قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في شرحه لكتاب التوحيد(2/104): ذكر
الشيخ محمد بن عبد الوهاب في بعض أجوبته
لَمّا سُئل عن هذه الآية:
{مَنْ
كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا
وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ
أَعْمَالَهُمْ فِيهَا}
،
أنها تشمل أنواعاً:
النوع
الأول:
المشرك
والكافر الذي يعمل أعمالاً صالحة في هذه
الدنيا من إطعام الطعام وإكرام الجار
وبرِّ الوالدين والصدقات والتبرُّعات
ووجوه الإحسان، ولا يُؤْجَر عليها في
الآخرة لأنها لم تُبْنَ على التوحيد، فهو
داخلٌ في قوله:
{مَنْ
كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا
وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ
أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا
يُبْخَسُونَ (15)
} ،
فالكافر إذا عمل حسنات فإنه قد يجازى بها
في الدنيا، وأما الآخرة فليس له جزاء
عليها عند الله لأنها لم تُبْنَ على
التوحيد والإخلاص لله عزّ وجلّ.
النوع
الثاني:
المؤمن
الذي يعمل أعمالاً من أعمال الآخرة، لكنه
لا يريد بها وجه الله، وإنما يريد بها طمع
الدنيا، كالذي يحج ويعتمر، عن غيره، يريد
أخذ العِوَض والمال، وكالذي يتعلّم ويطلب
العلم الشرعي من أجل أن يحصل على وظيفة.
فهذا
عمله باطلٌ في الدنيا، وحابطٌ في الآخرة،
وهو شركٌ أصغر.
النوع
الثالث:
مؤمن
عمل العمل الصالح مخلصاً لله عزّ وجلّ لا
يريد به مالاً أو متاعاً من متاع الدنيا
ولا وظيفة، لكن يريد أن يجازيه الله به،
بأن يشفيه الله من المرض، ويدفع عنه العين،
ويدفع عنه الأعداء.
فإذا
كان هذا قصده فهذا قصد سيِّء، ويكون عمله
هذا داخلاً في قوله:
{مَنْ
كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا
وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ
أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا
يُبْخَسُونَ (15)
} . والمفروض
في المسلم:
أن
يرجو ثواب الآخرة، يرجو أعلى ممّا في
الدنيا، وتكون همّته عالية.
وإذا
أراد الآخرة أعانه الله على أمور الدنيا،
ويسّرها له:
{وَمَنْ
يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً
* وَيَرْزُقْهُ
مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ
يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}
.
النوع
الرابع: من
يعمل أعمالاً صالحة ثم يفسدها بالشرك،
كأن يدعو غير الله من الموتى وأصحاب
الأضرحة، كما عليه كثير من المنتسبين
للإسلام اليوم.