قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في شرحه لكتاب التوحيد(2/72): قوله تعالى:
{وَمَنْ
يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ}
"هذا
استفهام إنكار من الله سبحانه وتعالى،
وهو بمعنى النفي، أي:
لا
أحد يقنط من رحمة ربه.
"
{إِلَّا
الضَّالُّونَ}
" التائهون
عن الحق.
وهذه
الجملة قالها إبراهيم-
عليه
الصلاة والسلام-
لَمّا
جاءته الملائكة في صورة أضياف يريدون
إهلاك قوم لوط، وكان إبراهيم-
عليه
الصلاة والسلام-
كريماً
مِضْيافاً، فلما جاءه هؤلاء الرجال بادر
إلى ضيافتهم وجاء بعجل حنيذ -وفي
آية أخرى بعجل سمين، وقرّبه إليهم، لكنهم
لم يأكلوا لأنهم ملائكة، والملائكة لا
يأكلون؛ فإبراهيم خاف أنهم أعداء، لكنهم
طمأنوه، وأخبروه بمهمتهم، وأنهم جاءوا
لإهلاك هذه القرية.
وزادوه
-أيضاً-
بالبشرى
بالولد، وكان لا يُولد له فاستبعد ذلك
وقالوا له:
{فَلا
تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ}
.
"
{قَالَ
وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ
إِلَّا الضَّالُّونَ (56)
} " هذا
محلّ الشاهد، أي:
لا
أحد يقنط من رحمة ربه "
{إِلَّا
الضَّالُّونَ}
" عن
الحق؛ لأن المؤمنين -وخاصّة
الأنبياء-
يعلمون
من قدرة الله سبحانه وتعالى وفضله وإحسانه
ما لا يعلمه غيرهم، ويعلمون من قُرب رحمته
وفرجه ما لا يعلمه غيرهم.
هذا
إبراهيم عليه السلام أبو الأنبياء يقول:
" {وَمَنْ
يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا
الضَّالُّونَ}
" مهما
كانتِ الحال من الشدّة ومن الضيق ومن
الحرج؛ فإن المؤمن لا يقنط من رحمة الله،
لأن الله قادرٌ على كل شيء، لا يعجزه شيء،
وهو أرحم الراحمين.
ففي
هذه الآية:
أن
الذي يقنط من رحمة ربه يكون من الضالين،
والضلال ضدُّ الهدى.