قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في شرحه لكتاب التوحيد(2/115): من
ردّ قول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ متعمِّداً تَبَعاً لهواه، أو
تعصُّباً لشيخه الذي يقلِّده، فإنه مهدّد
بعقوبتين:
العقوبة
الأولى:
الزيغ
في قلبه، لأنه إذا ترك الحق ابتُلي بالباطل،
قال تعالى:
{فَلَمَّا
زَاغُوا أَزَاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ}
،
وقال تعالى:
{وَإِذَا
مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ
إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ
ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللهُ
قُلُوبَهُمْ}
،
لَمّا انصرفوا عن تلقِّي القرآن عند نزوله
وتعلُّمه صرف الله قلوبهم عن الحق عقوبةً
لهم، وقال تعالى:
{وَنُقَلِّبُ
أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا
لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ}
،
لَمّا رفضوه أول الأمر عند ذلك ابتلاهم
الله بتقليب أفئدتهم وأبصارهم عقوبةً
لهم، فلا تقبل الحق بعد ذلك.
وهذا
خطرٌ شديد، بخلاف الذي يقبل الحق ويرغب
فيه، فإن الله يهديه ويزيده علماً وبصيرة،
كما في قوله تعالى:
{وَإِذَا
مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ
يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ
إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا
فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ
يَسْتَبْشِرُونَ (124)
وَأَمَّا
الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ
فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ
وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ (125)
} ،
فالمؤمن يَتْبع الدليل ويفرح به إذا حصل
عليه، والحق ضالّة المؤمن أنّى وجده أخذه،
أما الذي في قلبه زيع أو نفاق فهذا إنما
يتّبع هواه ولا يتّبع الدليل، وهذا يُصاب
بالزيغ والانحراف في العقيدة والانحراف
في الدين والانحراف في الأخلاق وفي كلِّ
شيء، عقوبةً له من الله سبحانه وتعالى.
والعقوبة
الثانية:
{أَوْ
يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
في
أبدانهم، بالقتل في الدنيا، بأن يسلِّط
الله عليهم من يستأصِل شَأْفَتهم ويقتلهم،
إما من المؤمنين، وإما من غير المؤمنين،
عقوبةٌ لهم {أَوْ
يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
،
إن ماتوا ولم يُقتلوا بأن يعذبوا في النار.
فهذا
وعيدٌ شديد على مخالفة أمر الرسول صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فترك
أمر الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، والأخذ بأقوال العلماء
والأمراء المخالِفة لِمَا قاله الرسول
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في
التحليل والتحريم يسبب الفتنة، أو العذاب
الأليم.