الأربعاء، 22 مارس 2017

احذروا البدع صغيرها وكبيرها


التعبيد لغير الله شرك


.
 لا يجوز أن يقال : عبد النبي ولا عبد علي ، ولا عبد الحسين هذا منكر لا يجوز إنما التعبيد لله وحده ، عبد الله ، عبد الرحمن ، عبد الرحيم ، عبد الملك ، عبد القدوس ، هذا هو التعبيد ولا يعبّد لغير الله .
 قال ابن حزم أبو محمد المشهور : اتفق العلماء على تحريم كل اسم معبد لغير الله ، كعبد عمر وعبد الكعبة ونحو ذلك ، ما عدا عبد المطلب فليس فيه اتفاق ، المقصود أنه حكى اتفاق العلماء على تحريم هذا الشيء ، فلا يجوز التعبيد لغير الله كائنا من كان ، فلا يقال : عبد الحسين ولا عبد عمر ، ولا عبد النبي ، ولا عبد الكعبة ، ولا أشباه ذلك بل يجب التسمي بالتعبيد لله ، أو بأسماء أخرى كصالح ، ومحمد ، وأحمد وزيد ، وخالد ، وبكر ، وأشباه ذلك .
.
 (الإمام ابن باز - نور على الدرب)

حكم التسمي بعبد المطَّلب


.
.
قال الشيخ العثيمين رحمه الله :  الصواب : تحريم التعبيد للمطلب ، فلا يجوز لأحد أن يسمي ابنه عبد المطلب ، وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( أنا ابن عبد المطلب ) ، فهو من باب الإخبار وليس من باب الإنشاء ، فالنبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن له جداً اسمه عبد المطلب ، ولم يرد عنه صلى الله عليه وسلم أنه سَمَّى عبد المطلب ، أو أنه أذن لأحد صحابته بذلك ، ولا أنه أقر أحداً على تسميته عبد المطلب...
إلى أن قال: فالصواب أنه لا يجوز أن يعبد لغير الله مطلقاً ، لا بعبد المطلب ولا غيره ، وعليه فيكون التعبيد لغير الله من باب الشرك.
(القول المفيد (3/644))

الثلاثاء، 21 مارس 2017

تذكرة


حكم الذكر بقول: هو هو أو الله الله

حكم الذكر بقول: هو. هو، أو: الله. الله
.
.
سائلة تقول:
 لنا جماعة هم أصحاب الطريقة التيجانية، يجتمعون كل يوم جمعة ويوم اثنين، ويذكرون الله بهذا الذكر: لا إله إلا الله، ويقولون في النهاية: الله. الله، بصوتٍ عالٍ. فما حكم الشرع في عملهم هذا؟
.
 .
الجواب:
 الطريقة التيجانية طريقة مبتدعة، وطريقة باطلة، وفيها أنواع من الكفر لا يجوز اتباعها، بل يجب تركها، وننصح المعتنقين لها بأن يدعوها ويلتزموا بطريقة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي الطريقة التي درج عليها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وتلقوها عن نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم، وتلقاها عنهم أئمة الإسلام كذلك، كالإمام مالك، والشافعي، والإمام أبي حنيفة، وأحمد، والأوزاعي، وإسحاق بن راهوية، والثوري وغيرهم من أهل العلم تلقوها ودرجوا عليها، ودرج عليها أهل السنة والجماعة، وهي توحيد الله وعبادته، وإقامة الصلاة، وأداء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت، وطاعة الأوامر التي جاء به المصطفى صلى الله عليه وسلم، وترك النواهي، وهذه هي الطريقة التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم.
.
 أما الطرق الصوفية فالواجب تركها إلا ما كان فيه من الأشياء التي توافق الشرع فإنه يؤخذ بها؛ لأنها جاء بها الشرع، وأما الشيء الذي أحدثه الصوفية فيترك، ومن ذلك اجتماعهم على: الله الله، أو: هو هو، فهذا كله بدعة لا أصل له في الشرع المطهر، فإن المشروع أن يقال: لا إله إلا الله، أو: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، أما تقطيعها: هو. هو، أو الله الله، فهذا بدعة لا أصل لها.
فأنصحك أيتها السائلة بألا تحضريهم، وألا تكوني منهم، وأن تلتزمي الطريقة المحمدية التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي الذكر المعروف، كسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، في البيت، وفي المسجد، وفي الطريق، وفي المطبخ، وفي أي مكان، يذكر الإنسان الله سبحانه وتعالى على عمله، يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وسبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم.
وهكذا وليس لها حد محدود، بل هكذا كما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يقل: الله. الله، أو: هو. هو، أو يجتمعون على رقص وضرب للطبول، فإن كل هذا منكر.
http://www.binbaz.org.sa/fatawa/4849

الأحد، 19 مارس 2017

(تفريغ الدرس الثاني/الجزء4 والجزء5) من شرح الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين/شرح الشيخ علي الرملي حفظه الله


.
.
 قال زيد: (وسألنا عن الصلاة الوسطى): يعني الذي ورد ذكرها في القرآن (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ). 
ما المقصود بالصلاة الوسطى؟ 
قال: (وهي الظهر): هذا تفسير زيد بن ثابت.
 قال: (وسألنا): يدل على أن المسئولين أكثر من زيد، ليس زيداً وحده، الظاهر أن أكثر من صحابي كان. 
 ونبَّه شيخنا رحمه الله على أن هذا القول -وهو اختيار الصلاة الوسطى بأنها صلاة الظهر- قول ضعيف، والراجح الصلاة الوسطى هي صلاة العصر. وسيأتي إن شاء الله تحرير المسألة في موضعها.
فوائد هذا الحديث:
 قال ابن القيم رحمه الله في "مفتاح دار السعادة" بعد أن ذكر هذا الحديث: ولو لم يكن في فضل العلم إلا هذا الحديث وحده لكفى به شرفاً.
لذلك ساقه شيخنا في هذا الموطن.
 لاحظ قوله: ولو لم يكن في فضل العلم إلا هذا الحديث وحده لكفى به شرفاً، فإن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لمن سمع كلامه، ووعاه، وحفظه، وبلَّغه، وهذه هي مراتب العلم.
السماع، والفهم، والحفظ، والإبلاغ. 
 قال: أولها وثانيها: -وهو السماع والفهم- سماعُه وعقلُه -يعني فهمه- فإذا سمعه وعاه بقلبه، أي: عقَله واستقر في قلبه كما يستقر الشيء الذي يوعى في وعائه ولا يخرج منه، وكذلك عقْلُه هو بمنزلة عقل البعير والدابة ونحوها -يعني ربْطها- حتى لا تشرد وتذهب -حتى لا تشرد: يعني لا تهرب-، ولهذا كان الوعي والعقل قدراً زائداً على مجرد إدراك المعلوم.
المرتبة الثالثة: تعاهده وحفظه حتى لا ينساه فيذهب.
 المرتبة الرابعة: تبليغه وبثه في الأمة ليحصل به ثمرته ومقصوده، وهو بثه في الأمة، فهو بمنزلة الكنز المدفون في الأرض الذي لا يُنفق منه وهو معَرَّض لذهابه، فإن العلم ما لم يُنفَق منه ويعلَّم يوشك أن يذهب، فإذا أُنفق منه نما وزكا على الإنفاق-كلما أعطيت منه كلما زاد، وهذه فضيلة في العلم. إذا أردت أن تتقن العلم وأن تزداد به خيراً وتزداد علماً فدرِّس، ما وجدت طريقة لتثبيت العلم أفضل من هذه الطريقة. إذا درَّست مع التحضير طبعاً تزداد علماً إلى علمك، وكلما أعطيت كلما ازددت علماً-.
 قال: فمن قام بهذه المراتب الأربع دخل تحت هذه الدعوة النبوية المتضمنة لجمال الظاهر والباطن، فإن النُّضرة هي البهجة والحسن الذي يُكساه الوجه من آثار الإيمان وابتهاج الباطن به وفرح القلب وسروره والتذاذه به، فتظهر هذه البهجة والسرور والفرحة نضارة على الوجه، ولهذا يجمع له سبحانه بين السرور والنُّضرة، كما في قوله تعالى: (فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا). فالنضرة في وجوههم، والسرور في قلوبهم، فالنعيم وطيب القلب يظهر نضارة في الوجه، كما قال تعالى: (تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ).
 والمقصود: أن هذه النضرة في وجه من سمع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ووعاها وحفظها وبلغها هي أثر تلك الحلاوة والبهجة والسرور الذي في قلبه وباطنه.
 وقوله صلى الله عليه وسلم: "رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه" تنبيه منه على فائدة التبليغ، وأن المبلَّغ قد يكون أفهم من المبلِّغ، فيحصل له في تلك المقالة ما لم يحصل للمبلِّغ.
 أو يكون المعنى: أن المبلَّغ قد يكون أفقه من المبلِّغ فإذا سمع تلك المقالة حملها على أحسن وجوهها واستنبط فقهها وعلم المراد منها .
 وقوله صلى الله عليه وسلم :"ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم ... الخ" أي: لا يحمل الغل ولا يبقى فيه من هذه الثلاث فإنها تنفي الغل والغش وفساد القلب وسخائمه، فالمخلص لله إخلاصه يمنع غل قلبه ويخرجه ويزيله جملة، لأنه قد انصرفت دواعي قلبه وإرادته إلى مرضاة ربه فلم يبق فيه موضع للغل والغش كما قال تعالى: (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ)، فلما أخلص لربه صرف عنه دواعي السوء والفحشاء.
 ولهذا لما علم إبليس أنه لا سبيل له على أهل الإخلاص استثناهم من شرطته التي اشترطها للغواية والإهلاك، فقال: ( فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)، قال تعالى: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَك عَلَيْهِمْ سُلْطَان إِلَّا مَنْ اِتَّبَعَك مِنْ الْغَاوِينَ).
فالإخلاص هو سبيل الخلاص، والإسلام مركب السلامة، والإيمان خاتم الأمان.
 قوله: "ومناصحة أئمة المسلمين": هذا أيضاً منافٍ للغل والغش فإن النصيحة لا تجامع الغل إذ هي ضده، فمن نصح الأئمة والأمة فقد برئ من الغل.
 وقوله: "ولزوم جماعتهم": هذا أيضاً مما يطهر القلب من الغل والغش، فإن صاحبه -للزومه جماعة المسلمين- يحب لهم ما يحب لنفسه، ويكره لهم ما يكره لها، ويسوؤه ما يسوؤهم، ويسره ما يسرهم.
 وهذا بخلاف من انحاز عنهم واشتغل بالطعن عليهم والعيب والذم، كفعل الرافضة والخوارج والمعتزلة وغيرهم، فإن قلوبهم ممتلئة غلاً وغشا، ولهذا تجد الرافضة أبعد الناس من الإخلاص، وأغشهم للأئمة والأمة، وأشدهم بعداً عن جماعة المسلمين.
 فهؤلاء أشد الناس غلاً وغشاً بشهادة الرسول والأمة عليهم، وشهادتهم على أنفسهم بذلك، فإنهم لا يكونون قط إلا أعواناً وظهراً على أهل الإسلام، فأي عدو قام للمسلمين كانوا أعوان ذلك العدو وبطانته.
وهذا أمر قد شاهدته الأمة منهم، ومن لم يشاهده فقد سمع منه ما يصمُّ الآذان ويشجي القلوب.
 وقوله: "فإن دعوتهم تحيط من ورائهم": هذا من أحسن الكلام وأوجزه وأفخمه معنىً، شبَّه دعوة المسلمين بالسور والسياج المحيط بهم، المانع من دخول عدوهم عليهم ... الخ ما ذكر، وقد كنا قرأنا هذا الكلام.
 قلت: في هذا الحديث الحث على الرغبة في الآخرة وجعلها أكبر هم العبد، والحث على طلبها بالتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بأنواع العبادات التي شرعها، والتقليل من طلب الدنيا والرضى بما قسمه الله للعبد من الرزق والله أعلم.
هذا آخر ما يتعلق بهذا الحديث
أما الحديث الثالث: 
قال المؤلف رحمه الله: ((قال الإمام أحمد رحمه الله(82577): ثنا أبو عبد الرحمن ثنا سعيد ثنا محمد بن عجلان عن القعقاع عن أبي صالح عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يزال لهذا الأمر" أو "على هذا الأمر عصابة على الحق، ولا يضرهم خلاف من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله". 
هذا حديث حسن. وسعيد: هو ابن أبي أيوب. وأبو عبد الرحمن: هو عبد الله بن يزيد المقرئ.
وقال الإمام أحمد رحمه الله (8465): ثنا يونس ثنا ليث عن محمد -وهو ابن عجلان- به.
وقال الإمام أحمد رحمه الله (جـ 2 ص 3799) (ح) -(ح) هذه تُذْكر لتحويل الإسناد، قد مر معنا ذلك في كتب المصطلح-: حدثنا قتيبة حدثنا ليث عن ابن عجلان، به.
وأخرجه البزار كما في كشف الأستار (جـ 4 ص 111).))
هذا الحديث الثالث
 ذكر الإمام أحمد رحمه الله شيخه بكنيته، ولم يزد على ذلك، وذكر شيخ شيخه بكلمة سعيد. وهذا النوع الذي يسمى بالمهمَل، وهذا بإمكانك أن تعرفه عن طريق جمع طرق الحديث، فربما تجده قد ذُكر بما يُعرف به في إسناد آخر، يعني ربما تجده في إسناد آخر يقول: حدثنا سعيد بن أبي أيوب حدثنا محمد بن عجلان، فيبين لك من هو سعيد هذا. 
هذه طريقة من طرق معرفة المهمَل. بجمع طرق الحديث يتبين معك.
والطريقة الأخرى: بالنظر في الشيوخ والتلاميذ. هنا مثلاً: سعيد حدثنا محمد بن عجلان.
ترجع إلى ترجمة محمد بن عجلان في "تهذيب الكمال"، وتنظر من الذي يروي عنه واسمه سعيد؟.
وكذلك تفعل مع أبي عبد الرحمن، وبهذا يظهر لك.
 والشيخ رحمه الله قد سهَّل عليك هذا الأمر فبيَّن لك المقصود من سعيد ومن أبي عبد الرحمن. فقال: سعيد هو أبي أيوب، وأبو عبد الرحمن هو عبد الله بن يزيد المقرئ، وعرفت أنت كيف تقف على مثل هذه الأسماء.
أما رجال الإسناد:
 فـ (أبو عبد الرحمن): هو عبد الله بن يزيد القرشي أبو عبد الرحمن القصير. قال الحافظ ابن حجر: ثقة فاضل. وقد أخرج له الجماعة، فلا إشكال فيه. وصرَّح الإمام أحمد بالسماع منه.
 وأما (سعيد): فهو سعيد بن أبي أيوب الخزاعي مولاهم المصري أبو يحيى بن مقلاص، ثقة ثبت أخرج له الجماعة وقد صرَّح أبو عبد الرحمن بالسماع من سعيد وصرَّح سعيد بالسماع من محمد بن عجلان.
 أما (محمد بن عجلان): فهو المدني. أخرج له البخاري تعليقاً، وأخرج له مسلم في المتابعات. قال الحافظ ابن حجر: صدوق إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة.
هذا ما ذكره في التقريب.
 نحن نقرأ ترجمته من "تهذيب التهذيب" لأن هذا سيمر معنا كثيراً، بما أن الشيخ رحمه الله قد أدخله في هذا الكتاب محتجاً به، وليس في الشواهد والمتابعات، بل احتج به أخرج له في الأصول،إذاً سيمر معنا فيما هو آت فنقرأ ترجمته ونحرِّر القول فيه كي ننهي الأمر هنا.
قال في "تهذيب التهذيب": (خت م 44): يعني أخرج له البخاري تعليقاً -في المعلقات- وأخرج له مسلم في صحيحه. طبعاً أنتم علمتم أن الحافظ ابن حجر هنا في هذه الفقرة الأولى من الكتاب يذكر ما ذكره المزي في "تهذيب الكمال" ويختصره فقط، ثم بعد ذلك يعقِّب بكلامه عند قوله: (قلت).
 هذا الكلام الآن الذي معنا كلام المزي، فالمزي قال أن مسلماً قد أخرج له، لم يفصِّل هل أخرج له في الأصول أم في المتابعات، يعني أخرج له محتجاً به أم أخرج له في الشواهد والمتابعات. أما البخاري إذا أخرج له تعليقاً فلا إشكال، هو ليس من شرط الكتاب أصلاً، لكن مسلماً أخرج له في صحيحه، كيف؟ الآن ظاهر ما فعله المزي أنه أخرج له في الأصول، أو أنه على الأقل أبهم ولم يبين لنا كيف أخرج له، وسيأتي الآن مزيد بيان من الحافظ بن حجر .
قال: والأربعة: يعني أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.
 قال: محمد بن عجلان المدني القرشي مولى فاطمة بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة أبو عبد الله أحد العلماء العاملين -هو عالم كان فقيهاً رحمه الله وكان معروفاً بالزهد.
 إذاً من هذا نعرف أن عدالة الرجل لا إشكال فيها، وأن علمه لا إشكال فيه، لكن عندنا إشكال في شيء آخر سيأتي إن شاء الله-.
 قال: روى عن أبيه وأنس بن مالك وسلمان بن أبي حازم الأشجعي ... الخ ما ذكر، ثم قال: وعنه -يعني روى عنه- صالح بن كيسان وهو أكبر منه -عندما المحدِّث يروي عنه من هو أكبر منه سناً يدل ذلك على أن حديثه يُحتاج إليه، لذلك يروي عنه من هو أكبر سناً منه- وعبد الوهاب بن بُخت ومات قبله، وإبراهيم بن أبي عبلة وهو من أقرانه ومالك ومنصور وشعبة وزياد بن سعد والسفيانان -أي سفيان الثوري وسفيان بن عيينة- والليث -هو الليث بن سعد- وسليمان بن بلال وابن لهيعة وبكر بن مُضَر وداود بن قيس الفرّاء والداروردي وحاتم بن إسماعيل وأبو خالد الأحمر والوليد بن مسلم ويحيى القطان والمغيرة بن عبد الرحمن المخزومي وعبد الله بن إدريس وأبو عاصم الضحاك بن مخلد النبيل وآخرون -آخرون هذه من عند الحافظ ابن حجر، اختصر، لأن المزي يذكر جميع ما يقع له من شيوخ الراوي ومن تلاميذه من الرواة عنه، لكن الحافظ يختصر هذا-.
نأتي الآن على كلام في الجرح والتعديل
قال صالح بن أحمد عن أبيه -يعني أحمد بن حنبل- قال: ثقة.
 وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: سمعت ابن عيينة يقول: حدثنا محمد بن عجلان وكان ثقة -الآن التوثيق من سفيان بن عيينة وتوثيق أيضاً من الإمام أحمد. سجِّل عندك هذه كي تخرج بخلاصة في النهاية. عندنا الآن تذكر مثلاً وثَّقه أحمد وابن عيينة-. 
 وقال أيضاً: سألت أبي عن محمد بن عجلان وموسى بن عقبة فقال: جميعاً ثقة وما أقربهما -يعني هما قريبان في الحفظ وكلاهما ثقة وهذا توثيق آخر من الإمام أحمد-. 
وقال إسحاق بن منصور عن ابن معين: ثقة، وقدمه على داود بن قيس الفرَّاء.
إذاً الآن صار عندنا: وثقه أحمد وابن معين وابن عيينة.
 وقال الدوري عن ابن معين ثقة، أوثق من محمد بن عمرو وما يشك في هذا أحد. كان داود بن قيس يجلس إلى ابن عجلان يتحفظ عنه وكان يقول: إنها اختلطت عن ابن عجلان_يعني أحاديث سعيد المقبري-.
هذا أول مأخذ، تسجل عندك ملاحظة: اختلطت عليه أحاديث سعيد المقبري.
ثم قال: وقال يعقوب بن شيبة: صدوق وسط -لم يجعله في مرتبة الثقة، أنزله فقال: صدوق-.
وقال أبو زرعة: ابن عجلان من الثقات.
وقال أبو حاتم والنسائي: ثقة.
كم واحد عندنا الآن؟ 
أبو زرعة وأبو حاتم والنسائي، وهؤلاء كلهم توثيق: ثقة، ثقة، ثقة.
 وقال الواقدي: سمعت عبد الله بن محمد بن عجلان يقول: حُمل بأبي أكثر من ثلاث سنين. قال: وقد رأيته وسمعت منه ومات سنة ثمان أو تسع وأربعين ومائة وكان ثقة كثير الحفظ -كل هذا ما من ورائه فائدة، لأن الراوي لهذا الخبر كله: الواقدي وهو متروك لا يُعتمد على ما قال-.
 وقال ابن يونس: -وابن يونس من العلماء في المصريين له تاريخ في أهل مصر وهو خبير بهم، قدم مصر وصار إلى الإسكندرية فتزوج بها امرأة، فأتاها في دبرها، فشكته إلى أهلها فشاع ذلك، فصاحوا به، فخرج منها وتوفي بالمدينة سنة ثمان وأربعين. هذا إن صح فهو محمول على أنه كان له فقه في هذه المسألة، لم يصح عنده اتفاق في تحريمها أو لم يطلع على الاتفاق وكان يحل ذلك. هذا المظنون به، لماذا؟ لأنهم قد أثنوا على دينه-.
قلتُ -الآن انتهى كلام المزي وسيبدأ الحافظ ابن حجر-: إنما أخرج له مسلم في المتابعات ولم يحتج به.
 شفت الآن انتقد ما ذكره المزي، انتقده فقال: أخرج له مسلم في المتابعات ولم يحتج به، يعني سواء كان قد قرر المزي أنه قد احتج به أو أبهم الكلام كان ينبغي أن يبين، لذلك اعترض مباشرة الحافظ ابن حجر بهذا. 
إذاً مسلم لم يحتج به إنما أخرج له في المتابعات.
 وقال يحيى القطان عن ابن عجلان كان سعيد المقبري يحدث عن أبي هريرة وعن أبيه عن أبي هريرة وعن رجل عن أبي هريرة فاختلطت عليه فجعلها كلها عن أبي هريرة.
 إذاً الملاحظة التي ذكرناها سابقاً أُكِّدت هنا، أن أحاديث سعيد المقبري اختلطت عليه، أحاديث سعيد المقبري في السابق، هنا ليست فقط أحاديث سعيد المقبري بل وأحاديث أبي هريرة أيضاً، قال: فجعلها كلها عن أبي هريرة مع أن بعضها سعيد المقبري عن أبي هريرة، وبعضها عن أبيه عن أبي هريرة، وبعضها عن رجل عن أبي هريرة.
إذاً أحاديث أبي هريرة اختلطت عليه.
 قال: ولما ذَكر ابن حبان في كتاب "الثقات" هذه القصة قال: ليس هذا بوهن يوهَّن الإنسان به، لأن الصحيفة كلها في نفسها صحيحة فربما قال ابن عجلان عن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة، فهذا مما حُمل عنه قديما قبل اختلاط صحيفته فلا يجب الاحتجاج إلا بما يروي عنه الثقات.
هذا كله توجيه من ابن حبان لما قيل في روايته لأحاديث أبي هريرة.
 وقال ابن سعد: كان عابداً ناسكاً فقيهاً -انظر كيف يثنون على عبادته وعلى تدينه وعلى علمه- وكانت له حلقة في المسجد وكان يفتي.
وقال العجلي: مدني ثقة.
وقال الساجي: هو من أهل الصدق لم يحدث عنه مالك إلا يسيرا.
وقال ابن عيينة: كان ثقة عالما.
وقال العقيلي: يضطرب في حديث نافع -زيادة أخرى-.
ما الخلاصة التي تخرج بها من خلال هذا الكلام كله؟
الخلاصة التي ذكرها الحافظ قال: صدوق إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة.
الآن اختلطت عليه أحاديث نافع في كلام العقيلي، إذاً انتهينا.
 إذاً مع توثيق الذين وثقوه وهم أئمة كثر نقول: الأصل فيه أنه ثقة، إلا في حديث نافع -اعتماداً على ما ذكره العقيلي- هذا استثناء، وحديث المقبري. وهل أحاديث أبي هريرة كلها قد اضطرب فيها أم خاصة بحديث سعيد المقبري؟ 
 الآن الكلام السابق فيه هذا وهذا. لما بحثنا زيادة وجدنا إضافة: قال المرّوذي: سألته-يعني أحمد بن حنبل رحمه الله الذي كان أحد الذين وثقوه- عن ابن عجلان فقال: ثقة. قلت: إن يحيى قد ضعفه.
ذكرنا فيما سبق من وثّقوه. 
هل المقصود يحيى بن معين أم يحيى بن سعيد؟ 
 قد مر معنا في السابق أن يحيى بن معين قد وثقه، لكن يحيى بن معين أحياناً يكون له أكثر من قول في الرجل.
 قال-أي الإمام أحمد-: كان ثقة إنما اضطرب عليه حديث المقبري، كان عن رجلٍ جعل يصيِّره عن أبي هريرة.
شفت التفصيل الآن؟ 
هذا التفصيل يحل لك الإشكال السابق. فالظاهر أن الاختلاط حصل في حديث سعيد المقبري خاصة.
 على كلٍّ من قال أنا أتوقف في أحاديث أبي هريرة كلها لأننا لا ندري ما هو من حديث سعيد وما هو من حديث غيره، فالكلام قريب. وهذا الكلام مذكور في "شرح علل الترمذي" لابن رجب، وفي "الثقات" لابن حبان.
وقال يحيى بن سعيد: مضطرب الحديث في حديث نافع.
 إذاً صار عندنا العقيلي والظاهر أن العقيلي أخذها عن يحيى بن سعيد الذي قرر أنه مضطرب في حديث نافع.
 انتهينا الآن من موضوع ابن عجلان وفهمنا الخلاصة: هو مضطرب في حديث أبي هريرة وحديث نافع.
إذاًهذه خلاصة ابن عجلان.
هل هذا الحديث الذي معنا من حديث نافع؟ لا.
هل هو من حديث سعيد المقبري؟ لا. 
 هو من حديث أبي هريرة، لكن كما ذكرنا، وكما نص عليه الإمام أحمد أن الروايات المضطربة هي روايات سعيد المقبري، فتارة كان يجعلها عن أبي هريرة، وتارة يجعلها عن رجلٍ. 
فإذاً المقصود ليست جميع أحاديث أبي هريرة، وإنما هي التي من طريق سعيد المقبري.
وكما ذكرنا الأمر يبقى فيه إشكال من حيث رواياته لحديث أبي هريرة، وهذا الحديث الذي معنا منها.
بالنسبة للسماع:
صرَّح ابن عجلان بالسماع من القعقاع في أسانيد صحيحة فلا غبار على هذا.
 أما (القعقاع): فهو القعقاع بن حكيم الكناني المدني وثَّقه أحمد وابن معين وقال أبو حاتم: ليس بحديثه بأس. وذكره ابن حبان في "الثقات" فهو ثقة.
روايته عن أبي صالح في صحيح مسلم صرَّح بالتحديث في أسانيد صحيحة.
قد أخرج له مسلم والأربعة
 أما (أبو صالح): فهو ذكوان السَّمّان الزيَّات المدني. قال الحافظ: ثقة ثبت. وروايته عن أبي هريرة في الصحيحين. أخرج له الجماعة.
 وأما (أبو هريرة): فهو الدوسي الصحابي الجليل مختلف في اسمه، أجمع أهل الحديث على أنه أكثر الصحابة حديثاً. لذلك فمن طعن فيه فإنما أراد الطعن في الإسلام. قال الإمام الشافعي والإمام البخاري: أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره. من مناقبه أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له ولأمه قال: اللهم حبِّب عُبَيْدَك هذا-يعني أبا هريرة- وأمه إلى عبادك المؤمنين وحبِّب إليهم المؤمنين. قال أبو هريرة: فما خُلق مؤمن يسمع بي ولا يراني إلا أحبني" أخرجه مسلم في صحيحه.
أما رجال الإسناد الثاني:
فـ (يونس): يونس هو محمد بن مسلم البغدادي أبو محمد المؤدب، ثقة ثبت، أخرج له الجماعة.
 و(الليث): هو الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي أبو الحارث المصري الإمام المشهور، ثقة ثبت فقيه إمام مشهور حافظ.
رجال الإسناد الثالث: 
 (قتيبة): هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف الثقفي أبو رجاء البغلاني. قال الحافظ: ثقة ثبت. أخرج له الجماعة.
 ثم قال شيخنا رحمه الله: (هذا حديث حسن):-أي لذاته-، وإلا فالحديث صحيح متواتر، ولكن الشيخ رحمه الله اقتصر على الحكم على ذات الحديث دون النظر إلى شواهده، وهو عمل كثير من المحدثين. يعرف ذلك من مارس علم الحديث، وأما من اقتصر على دراسة كتب المصطلح ربما أنكر هذا الفعل. والله المستعان.
تخريج الحديث: 
 الحديث أخرجه الطبري في "تهذيب الآثار" وابن حبان في صحيحه وغيرهما عن محمد بن عجلان به. وروي عن أبي هريرة من أوجه أخرى بزيادات فيه، توسع ابن عساكر في ذكرها في "تاريخ دمشق". وله شواهد كثيرة ذكر بعضها شيخنا الوادعي في هذا الكتاب وذكر مجموعة منها في الصحيح المسند من دلائل النبوة، وكذا فعل ابن عساكر في "تاريخ دمشق" والطبري في "تهذيب الآثار" والألباني في "الصحيحة".
بالنسبة للسماع: صرَّح ابن عجلان بالسماع من القعقاع في أسانيد صحيحة فلا غبار على هذا.
 أما (القعقاع): فهو القعقاع بن حكيم الكناني المدني وثَّقه أحمد وابن معين وقال أبو حاتم: ليس بحديثه بأس. وذكره ابن حبان في الثقات فهو ثقة.
روايته عن أبي صالح في صحيح مسلم صرَّح بالتحديث في أسانيد صحيحة.
قد أخرج له مسلم والأربعة
 أما (أبو صالح): فهو ذكوان السَّمّان الزيَّات المدني. قال الحافظ: ثقة ثبت. وروايته عن أبي هريرة في الصحيحين. أخرج له الجماعة.
 وأما (أبو هريرة): فهو الدوسي الصحابي الجليل مختلف في اسمه، أجمع أهل الحديث على أنه أكثر الصحابة حديثاً. لذلك فمن طعن فيه فإنما أراد الطعن في الإسلام. قال الإمام الشافعي والإمام البخاري: أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره. من مناقبه أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له ولأمه قال: اللهم حبِّب عُبَيْدَك هذا-يعني أبا هريرة- وأمه إلى عبادك المؤمنين وحبِّب إليهم المؤمنين. قال أبو هريرة: فما خُلق مؤمن يسمع بي ولا يراني إلا أحبني" أخرجه مسلم في صحيحه.
 (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يزال لهذا الأمر" أو "على هذا الأمر عصابة على الحق -يعني جماعة على الحق-، ولا يضرهم خلاف من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله".): هذا قد تقدم شرحه وبيانه بالتفصيل في الحديث الأول وسيأتي إن شاء الله الحديث الذي بعده أيضاً حول هذا الأمر.
أما رجال الإسناد الثاني:
فـ (يونس): يونس هو محمد بن مسلم البغدادي أبو محمد المؤدب، ثقة ثبت، أخرج له الجماعة.
 و(الليث): هو الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي أبو الحارث المصري الإمام المشهور، ثقة ثبت فقيه إمام مشهور حافظ.
رجال الإسناد الثالث: 
 (قتيبة): هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف الثقفي أبو رجاء البغلاني. قال الحافظ: ثقة ثبت. أخرج له الجماعة.
 ثم قال شيخنا رحمه الله: (هذا حديث حسن):-أي لذاته-، وإلا فالحديث صحيح متواتر، ولكن الشيخ رحمه الله اقتصر على الحكم على ذات الحديث دون النظر إلى شواهده، وهو عمل كثير من المحدثين. يعرف ذلك من مارس علم الحديث، وأما من اقتصر على دراسة كتب المصطلح ربما أنكر هذا الفعل. والله المستعان.
تخريج الحديث: 
 الحديث أخرجه الطبري في "تهذيب الآثار" وابن حبان في صحيحه وغيرهما عن محمد بن عجلان به. وروي عن أبي هريرة من أوجه أخرى بزيادات فيه، توسع ابن عساكر في ذكرها في "تاريخ دمشق". وله شواهد كثيرة ذكر بعضها شيخنا الوادعي في هذا الكتاب وذكر مجموعة منها في "الصحيح المسند من دلائل النبوة"، وكذا فعل ابن عساكر في "تاريخ دمشق" والطبري في "تهذيب الآثار" والألباني في "الصحيحة".
 إلى هنا نكتفي بهذا القدر اليوم والحمد لله رب العالمين

ما حكم الاحتفال بما يسمى #عيد_الأم؟


.
.
الإجابة:
 إن كل الأعياد التي تخالف الأعياد الشرعية كلها أعياد بدعٍ حادثة لم تكن معروفة في عهد السلف الصالح، وربما يكون منشؤوها من غير المسلمين أيضاً، فيكون فيها مع البدعة مشابهة أعداء الله سبحانه وتعالى.
والأعياد الشرعية معروفة عند أهل الإسلام، وهي عيد الفطر، وعيد الأضحى، وعيد الأسبوع "يوم الجمعة" وليس في الإسلام أعياد سوى هذه الأعياد الثلاثة، وكل أعيادٍ أحدثت سوى ذلك فإنها مردودة على محدثيها وباطلة في شريعة الله سبحانه وتعالى، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"، أي مردود عليه غير مقبول عند الله، وفي لفظ: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد".
وإذا تبين ذلك فإنه لا يجوز في العيد الذي ذكر في السؤال والمسمى عيد الأم، لا يجوز فيه إحداث شيء من شعائر العيد؛ كإظهار الفرح والسرور، وتقديم الهدايا وما أشبه ذلك، والواجب على المسلم أن يعتز بدينه ويفتخر به وأن يقتصر على ما حدَّه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، في هذا الدين القيم الذي ارتضاه الله تعالى لعباده فلا يزيد فيه ولا ينقص منه.
والذي ينبغي للمسلم أيضاً أن لا يكون إمعة يتبع كل ناعق، بل ينبغي أن يكون شخصيته بمقتضى شريعة الله تعالى حتى يكون متبوعاً لا تابعاً، وحتى يكون أسوة لا متأسياً، لأن شريعة الله والحمد لله كاملة من جميع الوجوه كما قال الله تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً فمن اضطرّ في مخمصةٍ غير متجانفٍ لإثمٍ فإنّ اللّه غفورٌ رّحيمٌ}.
والأم أحق من أن يحتفي بها يوماً واحداً في السنة، بل الأم لها الحق على أولادها أن يرعوها، وأن يعتنوا بها، وأن يقوموا بطاعتها في غير معصية الله عز وجل في كل زمان ومكان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد السادس عشر - باب صلاة العيدين

ليس ساعةٌ مِن ساعاتِ الدنيا إلا وهي مَعروضةٌ على العبد يوم القيامة

قال الإمام الأوزاعي رحمه الله :
👈« ليس ساعةٌ مِن ساعاتِ الدنيا إلا وهي مَعروضةٌ على العبد يوم القيامة ، يومًا فيَوم ، وساعةً فساعة..
ولا تمر ساعةٌ لم يَذكَرِ اللهَ تعالى فِيها إلا تقطّعَتْ نفسُهُ عليها حسرات !!!
فكيف بمن مَرَّتْ به ساعةٌ مع ساعة ، ويومٌ مع يوم ، وليلةٌ مع ليلة ؛ وهو لم يَذكُر ربَّه⁉ ».
_____________
📔 [حِلية الأولياء]

تعريف البدعة وأمثلة على ذلك


.
البدعة هي ما أحدثه الناس في الدين ونسبوه إليه وليس منه
لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد 
>> ومن أمثلة ذلك:
بدعة الرفض
وبدعة الاعتزال
وبدعة الإرجاء
وبدعة الخوارج
وبدعه الاحتفال بالموالد
وبدعة البناء على القبور واتخاذ المساجد عليها
إلى غير ذلك من البدع.
.
 (الإمام ابن باز رحمه الله - حكم الانتماء إلى أحزاب دينية)

حكم الانتماء إلى أحزاب دينية


.
أما الانتماءات إلى الأحزاب المحدثة فالواجب تركها
وأن ينتمي الجميع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم
وأن يتعاونوا في ذلك بصدق وإخلاص
 وبذلك يكونون من حزب الله الذي قال الله فيه سبحانه في آخر سورة المجادلة: (أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) بعدما ذكر صفاتهم العظيمة في قوله تعالى: (لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَه).
.
 >> ومن صفاتهم العظيمة ما ذكره الله عز وجل في سورة الذاريات في قول الله عز وجل: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ)
 فهذه صفات حزب الله لا يتحيزون إلى غير كتاب الله والسنة والدعوة إليها والسير على منهج سلف الأمة من الصحابة رضي الله عنهم وأتباعهم بإحسان.
 فهم ينصحون جميع الأحزاب وجميع الجمعيات ويدعونهم إلى التمسك بالكتاب والسنة، وعرض ما اختلفوا فيه عليهما فما وافقهما أو أحدهما فهو المقبول وهو الحق، وما خالفهما وجب تركه.
 ولا فرق في ذلك بين جماعة الإخوان المسلمين، أو أنصار السنة والجمعية الشرعية، أو جماعة التبليغ أو غيرهم من الجمعيات والأحزاب المنتسبة للإسلام.
 وبذلك تجتمع الكلمة ويتحد الهدف ويكون الجميع حزبا واحدا يترسم خطى أهل السنة والجماعة الذين هم حزب الله وأنصار دينه والدعاة إليه.
ولا يجوز التعصب لأي جمعية أو أي حزب فيما يخالف الشرع المطهر
.
 (الإمام ابن باز رحمه الله - حكم الانتماء إلى أحزاب دينية)

البدعة والسنة




إن البدعة تبعد عن الله، والسُّنة تقرب من الله
إن البدعة تغضب الله، والسُّنة ترضي الله سبحانه وتعالى، لأن الله جل في علاه قال: (وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً)
المبتدع يرى أنه على حق فقَلَّ أن يتوب لأنه يرى أنه على حق 
>>> وهو شر من العاصي 
 فالعاصي يعلم أنه مخالف ويستحي من الله ويستحي من الناس فقريب أن يتوب إلى الله عز وجل >>> أما المبتدع فيرى أنه على حق وأنه على هدى فلا يتوب إلى الله عز وجل.
.
 (العلامة صالح الفوزان - من خطبة "التحذير من البدع")

احذروا من هذا وفقكم الله


.
.
لا تجتمع البدع والسنن 
 فالذي يريد النجاة ويريد الأجر والثواب يقتصر على ما شرعه الله سبحانه وتعالى ولا يلتفت لما يقوله الناس من غير برهان ومن غير دليل 
>> فمن جاءك وقال لك: أفعل كذا فيه أجر فيه ثواب قل له: هات الدليل على هذا!
فإن جاء بدليل فنعم وعلى الرأس والعين وإن لم يأتِ بدليل فهو ضال مضل.
.
 فعلينا أن نتنبه لهذا خصوصا وأننا في زمان تروج فيه البدع بكثرة مع غلبة الجهل في الناس ومع رغبة كثير من الناس في الخير وحبهم للأجر فيستغلون هذا مع غفلة كثير من العلماء فيدسون على الناس هذه السموم لاسيما في هذه الوسائل المستحدثة الإنترنت، الجوال، المواقع، يدسون على الناس هذه الشرور يرسلون رسائل في الجوالات افعلوا كذا، صوموا كذا، صلوا كذا ويرغبون في هذا ويقولون: من يفعل هذا فله أجر ومن تركه فعليه وعيد! ويرتبون أنواعا من أنواع الوعيد والتخويف على من لم يفعل ما ينشرونه؛ بل إنهم يأمرون من بلغته هذه الخرافات أن ينشرها في الناس وأن يبلغها وأن له من الأجر إذا نشرها له أجر كذا وكذا وإن كتمها فعليه أثم كذا وكذا وليتوقع العقوبة العاجلة وما أشبه ذلك من التهديدات والوعيد والوعود بالأجر والثواب لمن قبلها وروجها!
هكذا يفعلون فاحذروهم
لا تقبلوا من أحد أي عبادة أو أي فعل يرجى به الثواب إلا بدليل من الكتاب والسنة
يذكرون أحاديث مكذوبة يرغبون بها الناس أو يضعون هم أحاديث يرغبون بها الناس.
.
 فاحذروا عباد الله، قد قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ"؛ لكن هؤلاء أستنزلهم الشيطان فأغواهم وأغراهم وصاروا يحبون أن يتبعهم الناس وأن يغيروا دين الناس.
.
فاحذروا منهم واحذروا من هذه الوسائل وما ينشر فيها
 ولا تقبلوا منه شيئا إلا بعد أن تسألوا عنه أهل العلم إن كنتم لا تعلمون، أو إن كنتم تعلمون فاعرضوه على الكتاب والسنة, ضيقوا عليهم المجال في هذا الأمر - الحمد لله- (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمْ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ)، (وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً)، والحق بين أيديكم - والحمد لله - كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم عندكم العلماء فاسألوهم عما ينشر وعما يقال سدوا عليهم الطريق وحاصروهم حتى ينصرفوا عنكم وعن أفعالهم القبيحة إذا لم يكن لها رواج وإذا علموا أن في طريقها من ينكرها ويردها عليهم.
.
.
 (العلامة صالح الفوزان - من خطبة "التحذير من البدع")

الخميس، 16 مارس 2017

(تفريغ الدرس الثاني/الجزء3) من شرح الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين/شرح الشيخ علي الرملي حفظه الله


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
اليوم معنا الدرس الثاني من دروس شرح الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين
ونحن كنا قد انتهينا بفضل الله سبحانه وتعالى من مقدمة الشرح ومن الحديث الأول
واليوم معنا الحديث الثاني من الأحاديث التي وضعها شيخنا رحمه الله في هذا الكتاب
وما زلنا في باب فضل أهل العلم
قال المؤلف رحمه الله: ((قال الإمام أحمد رحمه الله(جـ 5 ص 183): ثنا يحيى بن سعيد ثنا شعبة ثنا عمر بن سليمان -من ولد عمر بن الخطاب رضي الله عنه- عن عبد الرحمن بن أبان بن عثمان عن أبيه أن زيد بن ثابت خرج من عند مروان نحواً من نصف النهار، فقلنا: ما بعث إليه الساعة إلا لشيء سأله عنه. فقمت إليه فسألته، فقال: أجل سألنا عن أشياء سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "نضَّر اللهُ امرءًا سمع منا حديثًا فحفِظه حتى يُبلِّغَه غيرَه ، فإنه رُبَّ حاملِ فقهٍ ليس بفقيهٍ ، و رُبَّ حاملِ فقهٍ إلى من هو أفْقَهُ منه ، ثلاثُ خِصالٍ لا يُغَلَّ عليهنَّ قلبُ مسلمٍ أبدًا : إخلاصُ العملِ للهِ ، و مُناصحةُ وُلاةِ الأمرِ ، و لُزومُ الجماعةِ ، فإنَّ دعوتَهم تُحيطُ مِن ورائِهم" و قال : "من كان همُّه الآخرةَ ، جمعَ اللهُ شملَه ، و جعل غناه في قلبِه ، و أتَتْه الدنيا و هي راغمةٌ ، و من كانت نِيَّتُه الدنيا ، فَرَّق اللهُ عليه ضَيعَتَه ، و جعل فقرَه بين عَينَيه ، و لم يَأْتِه من الدُّنيا إلا ما كُتِبَ له". وسأَلنا عنِ الصلاةِ الوُسطى، وهي الظهرُ.
هذا حديث صحيح، ورجاله ثقات.
وأما الصلاة الوسطى فالصحيح أنها العصر)).
نبدأ بالإسناد
قال الإمام أحمد رحمه الله: (ثنا يحيى بن سعيد ثنا شعبة)
(يحيى بن سعيد): في هذا الإسناد هو القطان وقد تقدم في الحديث الذي قبله. أخرج له البخاري ومسلم وهو ثقة، ثبت، حافظ، إمام من أئمة الجرح والتعديل.
و(شعبة): كذلك تقدم في الإسناد الذي قبله وهو شعبة بن الحجاج الأزدي. أخرج له البخاري ومسلم أيضا.
(عمر بن سليمان): هو عمر بن سليمان بن عاصم بن عمر بن الخطاب المدني. ويقال: اسمه عمرو. من أتباع التابعين وهو ثقة. أخرج له الأربعة -يعني لم يخرج له لا البخاري ولا مسلم-.
صرَّح عمر بالسماع من عبد الرحمن. هو يروي هنا في هذا الإسناد عن عبد الرحمن بن أبان بن عثمان. سماع الإمام أحمد من يحيى بن سعيد، ويحيى بن سعيد من شعبة، هذا كله لا إشكال فيه. وكذلك سماع شعبة من عمر بن سليمان في هذا الإسناد الصحيح: الإمام أحمد، يحيى بن سعيد، شعبة، إلى هنا الإسناد صحيح وقد صرَّح شعبة بالتحديث، إذاً فسماعه من عمر ثابت في هذا الحديث.
أما سماع عمر من عبد الرحمن فقد صرح بالسماع من عبد الرحمن في رواية أبي داود، وهي من رواية محمد بن جعفر عن شعبة، وهي من أصح الروايات عن شعبة -رواية محمد بن جعفر-، وصرَّح البخاري بسماعه من عبد الرحمن في تاريخه أيضاً. إذاً فلا إشكال في سماع عمر بن سليمان من عبد الرحمن بن أبان بن عثمان، وهو ثقة كما ذكرنا أخرج له الأربعة.
وأما (عبد الرحمن بن أبان بن عثمان): فهو عبد الرحمن بن أبان بن عثمان بن عفان الأموي المدني، من أتباع التابعين، وهو ثقة مُقِلّ-يعني أحاديثه قليلة-، عابد-موصوف بالعبادة، يعني رجل صالح-. وقولهم:ثقة: يعني يُعتمد عليه في الحديث وإن كان مقلاً، وهو من أتباع التابعين، وهو في هذا الإسناد يروي عن أبيه بصيغة العنعنة، وأنا بحثت فيما يثبت سماعه من أبيه فوجدت الإمام الذهبي رحمه الله في "تاريخ الإسلام" يذكر أنه سمع من أبيه، وهذا كافٍ عندنا إن شاء الله.الذهبي حافظ ومطلع ولعله اطلع على ما يثبت هذا الأمر لذلك أثبت له ذلك في كتابه "تاريخ الإسلام". ومن منكم وجد غير هذا فليطلعنا عليه، لكن هذا كافي إن شاء الله.
وأما (أبان بن عثمان): فهو أبان بن عثمان بن عفان الأموي أبو سعيد ابن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه، وهو مدني-يعني من أهل المدينة- تابعي ثقة، أخرج له مسلم والأربعة. يروي عن زيد بن ثابت هنا، وسماع أبان من زيد بن ثابت ثابتٌ لهذا الحديث، ففيه التصريح بالسماع منه.
و(زيد بن ثابت): صحابي جليل فقيه من بني النجار، أنصاري خزرجي وهو من كتبة الوحي، كان من علماء الصحابة، وهو ممن جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق. قال له أبو بكر: إنك شابٌ عاقل لا نتَّهمك.هذه تزكية من أبي بكر الصديق له. مات سنة45هـ على قول الأكثر.
هؤلاء هم رجال الإسناد. وكما ترون الإسناد لا غبار عليه.
الحديث أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي في "الكبرى". النسائي له كتابان: "السنن الكبرى" و"السنن الصغرى"، والتي هي من الكتب الستة هي "السنن الصغرى" وهي أنظف أحاديثاً من "الكبرى" وأصح، لكن مع ذلك ليس كل ما فيها صحيح، إلا أنها أصح الكتب الستة بعد الصحيحين، أما السنن الكبرى ففيه أحاديث كثيرة صحيحة، حسنة، وضعيفة، ومعلَّة ويبِّين النسائي نفسه عللها.
وأخرجه ابن ماجه والدارمي وغيرهم عن شعبة به، مطوَّلاً ومختصراً.
مدار الحديث على شعبة، وقد توبع عند ابن ماجه من رواية الليث بن أبي سُلَيم عن يحيى بن عبّاد عن أبيه عن زيد بن ثابت به، دون الفقرة الأخيرة، ولكن الليث بن أبي سليم ضعيف.
والحديث له شواهد كثيرة أجودها حديث ابن مسعود، وقد جمع الشيخ عبد المحسن العباد طرقه في كتاب سماه: "دراسة حديث نضَّر الله امرَءًا سمع مقالتي رواية ودراية" استوعب الشيخ حفظه الله الكلام على هذا الحديث في كتابه المذكور، وقرَّر أن الحديث متواتر، لكن الظاهر أن التواتر فيه نظر، فكثير من الشواهد التي ذُكرت هي منكرات، لكن بالجملة الحديث صحيح لا غبار عليه، صححه جمع من العلماء ومنهم ابن حبان والعراقي والألباني، وهذا شيخنا رحمه الله والعبَّاد وغيرهم.
هذا ما يتعلق بإسناد الحديث وحاله
قال فيه أبان بن عثمان: (أن زيداً خرج من عند مروان نحواً من نصف النهار):
(مروان): هذا المقصود به هو المروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية أبو عبد الملك الأموي المدني، وليَ الخلافة في آخر سنة 64هـ ومات سنة 65هـ في رمضان. قال الحافظ بن حجر: لا تثبت له صحبة. تنازع في صحبته، والذي حققه الحافظ بن حجر أن صحبته لا تثبت. وترجم له الذهبي رحمه الله في "السِّيَر" وجعله من الطبقة الأولى من التابعين، وقال: قيل: له رؤية -ذكره بصيغة التمريض: قيل. له رؤية: أي أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم-. قال: وذلك محتمَل -يعني ربما وربما لا-.
قال: (أن زيداً خرج من عند مروان نحواً من نصف النهار، فقلنا: ما بعث إليه الساعة إلا لشيء سأله عنه): الظاهر أن مروان بن الحكم كان أميراً في ذلك الوقت، ولا يرسل إلى مثل زيد بن ثابت في ذاك الوقت إلا لشيء هام. لذلك ظنوا هذا الظن. يريد أن يسأله عنه.
(فقمت إليه فسألته): سأل أبان زيد بن ثابت.يعني سأله هل سألك مروان عن شيء؟ وإذا سألك عن شيء فما هو؟.
(فقمت إليه فسألته فقال: أجل): نعم سألنا.
(سألنا عن أشياء سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم): يعني سأل مروان زيداً وكان عند زيد علم لِما سُئِل عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم. وذكر الحديث.
(قال عليه الصلاة والسلام: "نضَّر الله امرَءاً سمع منا حديثاً"): نضَّر الله: قال أهل العلم: الضاد هنا تشدَّد وتخفَّف: من النضارة، الحسن والرونق، وهو دعاء والله أعلم، يعني النبي صلى الله عليه وسلم يدعو لمن فعل هذا الفعل.
قال ابن الأثير في "النهاية": نَضَره ونَضَّره وأَنضرَه أي نعَّمه. ويروى بالتخفيف والتشديد من النضارة، وهي في الأصل حسن الوجه والبريق. وإنما أراد حسن خَلْقه وقدره، يعني يدعو له النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.
البعض قال: المقصود من ذلك الدعاء له بالمنزلة، والرفعة، والقدر. والبعض قال: نضارة الوجه -يعني حُسْن الوجه-.
(نضَّر الله امرءًا): أي شخصاً (سمع منا حديثاً فحفظه حتى يبلِّغه غيره): دعاء لمن بلَّغ حديث النبي صلى الله عليه وسلم لغيره. هذا الدعاء يدخل فيه أهل الحديث جميعاً، سواء كانوا رواة فقط أو رواة وفقهاء في الحديث. فكل من روى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قاصداً بذلك التقرب إلى الله سبحانه وتعالى بهذا، يشمله هذا الدعاء الذي دعا به عليه الصلاة والسلام.
("سمع منا حديثاً فحفظه حتى يبلِّغه غيره"): يعني سواء سمعه مباشرة من النبي صلى الله عليه وسلم أو سمعه من غيره. ويدخل في ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أيضا. سواء كان قولياً عن النبي صلى الله عليه وسلم أو فعلاً أو تقريراً نقله أصحابه رضي الله عنهم، كله داخل، حفظه حفظ صدر أو حفظ كتاب، وبقي حافظاً له إلى أن يبلغه غيره، إلى أن ينقل الشيء المسموع للناس كما سمعه.
("فإنه رب حامل فقه ليس بفقيه"): (رُبَّ): تستعمل في لغة العرب للتقليل والتكثير.
(حامل فقه): أي حامل أدلة الأحكام الشرعية، فهي التي يُستنبط منها الفقه، من غير أن يكون له قدرة على الاستدلال واستنباط الأحكام. رب حامل فقه ولكنه ليس بفقيه، لكن هو الذي أوصل الدليل الذي يستخرج منه الفقيه الحكم الشرعي.
("ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه"): يعني حامل الفقه هذا ربما لا يكون فقيهاً ويحمله إلى الفقيه، وربما يكون فقيهاً ولكنه يحمله إلى من هو أفقه منه فيستنبط منه من الأحكام ما لا يستنبطها الأول.
قال: ("ثلاث خصال"): الخصال جمع خَصلة-بفتح الخاء- وهي الخُلَّة والفضيلة. تطلق على الرذيلة أيضاً، أو قد غلبت على الفضيلة، وهو المراد هنا.
("ثلاث خصال لا يَغلُّ عليهن قلب امرئ مسلم أبدا"): لا يَغِلُّ، ويصح أن تقول: لا يُغِلُّ-بضم الياء أو فتحها- تروى بهذا وهذا، ومعناها بالضم: الخيانة -في كل شيء-، ومعناها -بفتح الياء مع شد اللام-: الحقد والشحناء. وتروى -بفتح الياء مع تخفيف اللام- ومعناها: الدخول في الشر.
قال ابن عبد البر في معنى هذه الجملة(لا يَغل عليهن قلب امرئ مسلم أبدا) قال: لا يكون القلب عليهن ومعهن غليلاً أبدا، يعني لا يقوى فيه مرض ولا نفاق إذا أخلص العمل لله ولزم الجماعة وناصح أولي الأمر، أي أن قلبه يكون فارغاً من الغل -من الحقد- ومن النفاق ومن المرض الذي يكون في القلب، فلا يبقى مع هذه الخصال شيء من هذه الأمور في القلب. لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم أبداً، قلبه يكون فارغاً من الحقد والشحناء، إذا حقق هذه الخصال: إخلاص العمل لله، يعني أن تجعل عملك، عباداتك، طاعاتك، لله وحده، لا تريد معها شيئاً من ثناء الناس أو مدحهم، ولا تطلب بها دنيا، بل تعمل العمل لله تبارك وتعالى كي يرضى الله سبحانه وتعالى عنك فقط.
هذا معنى أن يكون العمل خالصاً.
("ومناصحة ولاة الأمر"): أي نصحهم وإرشادهم للخير، ومعاونتهم على الحق، وطاعتهم في الحق.
قال أهل العلم: النصيحة كلمة يعبَّر بها عن جملة هي إرادة الخير للمنصوح له، يعني عندما تريد أن تنصح شخص لا تنصحه من أجل أن يعود الأمر بالنفع عليك، لا، ولكنك تنصحه كي يعود الأمر بالنفع عليه. فإرادة الخير للمنصوح له، أنت ولي الأمر عندما تريد أن تنصحه تبين له الحق من الباطل كي يتَّبع الحق، لأن ولي الأمر إذا اتبع الحق فاز من وراء ذلك المسلمون ورجع النفع والخير إلى الإسلام والمسلمين وإلى ولي الأمر نفسه، لأنه ينجو عند الله سبحانه وتعالى بهذا. فأن تدعو له بالصلاح، هذا من النصح له، أن تدعو له بالصلاح وبالتوبة وبالحكم بشرع الله. هذا من النصح له وهذا الوارد عن السلف رضي الله عنهم، أنهم كانوا يدعون للأئمة بالصلاح. ما نعرف عنهم أنهم كانوا يدعون لولاة الأمر مع فسادهم وطغيانهم في الأرض يدعون لهم بطول العمر، كما يفعل بعض الشباب اليوم، الناس بين إفراط وتفريط في كل شيء. هذا منها. البعض تجده حاكماً لا يرفع رأساً بشريعة الله، ولا يبالي بدين الله، لا من قريب ولا من بعيد، ومع ذلك تجد الشخص يدعو له: اللهم أطل في عمره! على ماذا؟ ادع له بالصلاح. هذا يعود بالنفع عليه وعلى غيره، أما إطالة العمر ربما تعود عليه هو نفسه بالضرر، فإذا بقي في فساده، طال عمره وبقي في فساده يزيد إثمه ويزيد فساده في الأرض. هذا ليس من النصح له. إذا أردت أن تنصح له فادع له بالصلاح، هذا من النصح له.
ندعو لهم لأجل أن يعود الخير عليهم وعلى الإسلام وعلى المسلمين، لا تعصباً كما يفعل البعض. أصلح الله العباد.
("ولزوم الجماعة"): الجماعة هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان على نهجهم وطريقهم، فالحق معهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ستفترق هذه الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: الجماعة"وفي رواية أخرى "ما أنا عليه وأصحابي". إذاً هذه هي الجماعة، الجماعة هو الحق ولو كنت وحدك كما قال السلف رضي الله عنهم في تفسيرها. الحق ولو كنت وحدك، تنطق بالحق، تلزم الحق، تلزم هدي النبي صلى الله عليه وسلم وهدي أصحابه، بذلك تكون ملتزماً بالجماعة.
قال: ("فإن دعوَتَهم تحيط من ورائهم"): ابن القيم له كلام طيب في هذا، نذكره لكم.
قال ابن القيم رحمه الله: هذا من أحسن الكلام وأوجزه وأفخمه معنى - كلام رائع جميل مختصر حسن فخم راقي-. قال: شبَّه دعوة المسلمين بالسور والسياج المحيط بهم، المانع من دخول عدوهم عليهم -سياج كالسور يعني، تلفه هكذا وتضعهم في داخله، هذا السور يكون واقياً لهم، حامياً لهم-. قال: شبَّه دعوة المسلمين بالسور والسياج المحيط بهم، المانع من دخول عدوهم عليهم، فتلك الدعوة التي هي دعوة الإسلام وهم داخلوها، لمّا كانت سوراً وسياجاً عليهم أخبر أن من لزم جماعة المسلمين أحاطت به تلك الدعوة التي هي دعوة الإسلام كما أحاطت بهم، فالدعوة تجمع شمل الأمة وتلم شعثها وتحيط بها، فمن دخل في جماعتها أحاطت به وشملته. -فإن دعوتهم تحيط من ورائهم: يعني تلفهم من خلفهم كما يلف السياج المكان، فيجتمعون في هذا المكان وتحفظهم دعوتهم دعوة الإسلام- فهو إذا لزم جماعة المسلمين شملته هذه الإحاطة مع بقية المسلمين.
وقال عليه الصلاة والسلام:("من كان همه الآخرة"): أي من كان حريصاً عليها وهي نيته وقصده وشغله الشاغل هي الآخرة لا يشتغل في الدنيا إلا بقدر ما يبلِّغه الآخرة، فليست هي همه وليست هي شغله ولا يبالي بها ولا يريد منها إلا ما يوصله إلى ربه تبارك وتعالى. من كان هذا وصفه جمع الله شمله. جمع الله شمله: يعني جمع الله أموره المتفرقة بأن جعله مجموع الخاطر بتهيئة أسبابه من حيث لا يشعر به، فييسِّر الله تبارك وتعالى له جميع شؤونه ويجمع همومه فلا يبقى له إلا هم واحد وهو أن يصل إلى الله تبارك وتعالى، فيهوِّن الله عليه أمور الدنيا ومشاغلها فيبقى شغله الشاغل الذي يشغله هو رضى الله سبحانه وتعالى.
قال: ("وجعل غناه في قلبه"): يعني يجعله قانعاً بالكفاف والكفاية كي لا يتعب في طلب الزيادة . هذا أعظم الغنى -بارك الله فيكم- الغنى الحقيقي هو غنى القلب أن يكون القلب قنوعاً راضياً بما يأتيه من عند الله سبحانه وتعالى، فلا يطمع بزيادة كي يتوسع في أمر الدنيا، بل شغله الشاغل آخرته، ويطلب من الدنيا ما يريحه من أجل أن يتفرغ لطاعة الله سبحانه وتعالى ويعينه على ذلك.
("وأتته الدنيا راغمة"): يعني بعد هذا كله تأتيه الدنيا راغمة، ذليلة، حقيرة، تابعة له، يأتيه ما قسم الله له من الرزق، لكن تُفتح عليه الدنيا بعد أن يكون قد ألقى بها من ورائه وزهد فيها، تأتيه هي راغمة، خاضعة، ذليلة، تأتيه هينة لينة على رغم أنفها، فلا يحتاج أن يطلبها بسعي كثير وعمل شاق، لا.
بينما انظروا إلى الصنف الثاني من الناس
("ومن كانت نيته الدنيا"): همه وقصده الدنيا، وشغله الشاغل الدنيا. وهذا حال الكثيرين اليوم وللأسف. كثير من المسلمين بل أكثر المسلمين هذا شغلهم: الدنيا! صارت الآخرة عندهم أمراً ثانوياً، لمن يهتم بها! السلف رضي الله عنهم كانت الأمور عندهم مقلوبة عما هي عندنا اليوم، فكانت هي الميزان الصحيح والقلب بالعكس حصل عندنا، كان همهم وشغلهم هي الآخرة، يعملون لأجلها، ويأخذون من الدنيا قدر ما يبلغهم الآخرة، أما عندنا اليوم، لأ، العكس حصل، صار شغل الناس الشاغل هي الدنيا، الركض خلفها والاشتغال بها، وأمور الدين صارت ثانوية، إذا بقي عنده وقت إضافي عن الدنيا انشغل بالدين وإلا فلا! انظروا إلى حال -خاصةً- كبار السن متى يأتي إلى المسجد ويصبح من رواد المسجد؟ عندما يتقاعد عن العمل! خلاص يصبح هناك مكان عنده للدين! قبل ذلك لا تكاد تجده يدخل المسجد ليش؟ لأن الدنيا غالبة. هم صنفان كما وردا في هذا الحديث. والفائز عند الله هو الصنف الأول، والصنف الثاني إذا الله أراد له الهداية نجّاه.
("ومن كانت نيته الدنيا فرَّق الله عليه ضيعته"): الضيعة ما يكون منه معاش الرجل، كالصنعة والتجارة والزراعة وغير ذلك، أي جعل الله صنعته وحرفته وما يعيش منه متفرقاً، فلما يتفرق يحصل كثرة التعب واللهث خلفها فيصير قد تشعبت الهموم في قلبه وتوزعت أفكاره فيبقى متحيراً مشغولاً ضائعاً.
("وجعل فقره بين عينيه"): شوف! بالعكس، شوف الأول كيف وهذا ضده. وجعل فقره بين عينيه: يعني جعله دائماً طالباً للدنيا محتاجاً إليها، فإن حاجة الراغب فيها لا تنقضي، كلما حصل على بعضها طلب أكثر "لو أنَّ لابنِ آدمَ واديَيْن من ذهبٍ لابتغَى إليهما ثالثًا ، ولا يملأُ جوفَ ابنِ آدمَ إلَّا التُّرابُ ، ويتوبُ اللهُ على من تاب".
إذا فُقد الغنى من القلب بقيت فقيراً طيلة عمرك، حتى لو كنت صاحب قصور وملايين، تبقى فقيراً ليش؟ لأن الغنى في القلب والفقر في القلب. فإذا بقي قلبك معلقاً بالدنيا راغباً بها يريد الاستكثار منها فلن يستقر لك مستقر، وكلما جاءك من الدنيا كلما طلبت أكثر.
هذا فقر القلب وذاك غناه، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يمن علينا وعليكم بغنى القلب، فهذه نعمة عظيمة يمتن الله بها على من يشاء من عباده.
ومع كل ذلك مع حرصه على الدنيا وفقر قلبه وشغله بها ولهثه خلفها
("ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له"): يعني ما قسم الله لك في النهاية هو الذي سيأتيك، وغير ذلك إنما هو شغل وتعب وركض خلفها من غير فائدة، تضييع للوقت ....