الجمعة، 28 فبراير 2014

هل الركعتان قبل صلاة الجمعة واجبة أم مستحبة؟ وفيه أن الأذان الأول ليس بمشروع


من فتاوى الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله 

السؤال: هل الركعتان قبل صلاة الجمعة واجبة أم مستحبة ، وهل يصح أن يصلي أحدٌ والخطيب يخطب أم يجلس وأيهما أفضل ؟

الإجابة: 
الركعتان قبل صلاة الجمعة ؛ إن عنيت تحية المسجد دخلت إلى المسجد ، ففي < الصحيحين > عن جابر أن رجلاً دخل إلى المسجد والنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يخطب ، فقال : " هل صليت ركعتين ؟ " ، قال : لا ، قال : " قم فصلِ ركعتين " .
وأيضاً ثبت في < الصحيحين > عن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قال : " إذا دخل أحدكم المسجد ؛ فلا يجلس حتى يركع ركعتين " .
فإذا عنيت تحية المسجد فهي سنة ؛ بل من أهل العلم من يوجبها وهو الصحيح .

وإذا عنيت أنه إذا أذن المؤذن وقام الخطيب وأنت في المسجد تقوم وتصلي فلا .

وإن عنيت ما يفعل في الحرمين بأن يؤذن الأذان الأول - وهو ليس بسنة ما فعله إلا عثمان ؛ وإلا ففي < صحيح البخاري > عن السائب بن يزيد أنه ذكر الأذان ثم قال : لما جاء عثمان ورأى الناس قد كثروا أمر المؤذن أن يؤذن من الزوراء - فإن عنيت أنك تقوم إذا أذن المؤذن الأول وهو ليس بسنة كما سمعت لا تظن أنه سنة ، إذا إذن الأذان الأول تقوم وتركع ركعتين لا ، وتستدل بحديث : " بين كل أذانين صلاة " لأن الأذان الأول ليس بمشروع ؛ بل قال عبدالله بن عمر كما في < مصنف بن أبي شيبة > : إنه بدعة ، ولسنا نقول إن عثمان مبتدع رضي الله تعالى عنه وحاشاه ، ولكننا نقول : إن عثمان فعله مجتهداً ، ونحن لا يجوز لنا أن نفعله وقد وضحت لنا سنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - . 


▪من شريط : ( الأجوبة العجال على أسئلة أصحاب الطيال ) .
لسماع الفتوى صوتياً :

اسم الله (السميع) له معنيان

قال الشيخ العثيمين رحمه الله في شرح العقيدة الواسطية(206-208): قوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} : {السَّمِيعُ} له معنيان أحدهما: بمعنى المجيب. والثاني: بمعنى السامع للصوت.
أما السميع بمعنى المجيب، فمثلوا له بقوله تعالى عن إبراهيم: {إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ} [إبراهيم: 39] ، أي: لمجيب الدعاء.
وأما السميع بمعنى إدراك الصوت، فإنهم قسموه إلى عدة أقسام:
الأول: سمع يراد به بيان عموم إدراك سمع الله عز وجل، وأنه ما من صوت إلا ويسمعه الله.
الثاني: سمع يراد به النصر والتأييد.
الثالث: سمع يراد به الوعيد والتهديد.
مثال الأول: قوله تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ} [المجادلة: 1] ، فهذا فيه بيان إحاطة سمع الله تعالى بكل مسموع، ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها: "الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات، والله إني لفي الحجرة، وإن حديثها ليخفى على بعضه".
ومثال الثاني: كما في قوله تعالى لموسى وهارون: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: 46] .
ومثال الثالث: الذي يراد به التهديد والوعيد: قوله تعالى: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} [الزخرف: 80] ، فإن هذا يراد به تهديدهم ووعيدهم، حيث كانوا يسرون ما لا يرضى من القول.
والسمع بمعنى إدراك المسموع من الصفات الذاتية، وإن كان المسموع قد يكون حادثاً.
والسمع بمعنى النصر والتأييد من الصفات الفعلية، لأنه مقرون بسبب.
والسمع بمعنى الإجابة من الصفات الفعلية أيضاً.



الخميس، 27 فبراير 2014

معنى اسم الله (المتين)


قال الشيخ العثيمين رحمه الله في شرح العقيدة الواسطية(ص205): قوله: {الْمَتِينُ} : قال ابن عباس رضي الله عنهما: الشديد. أي الشديد في قوته، والشديد في عزته، الشديد في جميع صفات الجبروت، وهو من حيث المعنى توكيد للقوي.
ويجوز أن نخبر عن الله بأنه شديد، ولا نسمي الله بالشديد، بل نسميه بالمتين، لأن الله سمى نفسه بذلك.

إذا قال قائل: إذا كان الله هو الرزاق، فهل أسعى لطلب الرزق: أو أبقى في بيتي ويأتيني الرزق؟

قال الشيخ العثيمين رحمه الله في شرح العقيدة الواسطية(ص204): إذا قال قائل: إذا كان الله هو الرزاق، فهل أسعى لطلب الرزق: أو أبق في بيتي ويأتيني الرزق؟
فالجواب نقول: اسع لطلب الرزق، كما أن الله غفور، فليس معنى هذا أن لا تعمل وتتسبب للمغفرة.
أما قول الشاعر:
جنون من أن تسعى لرزق ... ويرزق في غشاوته الجنين
فهذا القول باطل
وأما استشهاده بالجنين، فالجواب: أن يقال الجنين لا يمكن أن يوجه إليه طلب الرزق، لأنه غير قادر، بخلاف القادر.

ولهذا قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} [الملك: 15] ، فلابد من سعي، وأن يكون هذا السعي على وفق الشرع.

ما حكم التغني بالأذان ؟




السؤال: ما حكم التغني بالأذان ؟

الإجابة
التغني بالأذان تحسين الصوت لا بأس به ، لكن التمطيط ليس بمشروع ، وربما أدى إلى السخرية .
فيؤذن على حسب طبيعته ، ولا يتجاوز القواعد التجويدية والله المستعان .

من فتاوى الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله 
من شريط " أسئلة المدينة
لسماع الفتوى صوتياً :




الأربعاء، 26 فبراير 2014

هل صح أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أنه لم يسجد لصنم فلذا سمي بـ( كرم الله وجهه ) ؟ وهل يلزم في ذكر علي بن أبي طالب أن يقال ( كرم الله وجهه ) ؟


من فتاوى الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله 


السؤال: هل صح أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أنه لم يسجد لصنم فلذا سمي بـ( كرم الله وجهه ) ؟ وهل يلزم في ذكر علي بن أبي طالب أن يقال ( كرم الله وجهه ) ؟



الإجابة: 
لا نعلم أنه سجد لصنم ، ولا أنه لم يسجد لصنم .

وأما تخصيصه بـ( كرم الله وجهه ) فليس على ما ينبغي ، بل ينبغي أن يجري مجرى إخوانه من الصحابة وأن يقال ( رضي الله عنه ) ، فتخصيص بـ( كرم الله وجهه ) ، أو بـ( عليه السلام ) ليس على ما ينبغي لعدم الدليل على التخصيص .

▪راجع كتاب المصارعة ( ص 131 ) 
لسماع الفتوى : 

الثلاثاء، 25 فبراير 2014

الغربة ثلاثة أنواع


الغربة ثلاثة أنواع

قال الإمام ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين(186-190) -بتصرفي-:

الغربة ثلاثة أنواع: 

[الأول غربة أهل الله وأهل سنة رسوله بين هذا الخلق]
______________________________________

وهي الغربة التي مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم أهلها، وأخبر عن الدين الذي جاء به: أنه بدأ غريبا وأنه سيعود غريبا كما بدأ وأن أهله يصيرون غرباء.

وهذه الغربة قد تكون في مكان دون مكان، ووقت دون وقت، وبين قوم دون قوم، ولكن أهل هذه الغربة هم أهل الله حقا، فإنهم لم يأووا إلى غير الله، ولم ينتسبوا إلى غير رسوله صلى الله عليه وسلم، ولم يدعوا إلى غير ما جاء به، وهم الذين فارقوا الناس أحوج ما كانوا إليهم، فإذا انطلق الناس يوم القيامة مع آلهتهم بقوا في مكانهم، فيقال لهم: ألا تنطلقون حيث انطلق الناس؟ فيقولون: فارقنا الناس ونحن أحوج إليهم منا اليوم، وإنا ننتظر ربنا الذي كنا نعبده.

فهذه الغربة لا وحشة على صاحبها، بل وآنس ما يكون إذا استوحش الناس، وأشد ما تكون وحشته إذا استأنسوا، فوليه الله ورسوله والذين آمنوا، وإن عاداه أكثر الناس وجفوه.

قال الحسن: المؤمن في الدنيا كالغريب لا يجزع من ذلها، ولا ينافس في عزلها، للناس حال وله حال، الناس منه في راحة وهو من نفسه في تعب.

من صفات هؤلاء الغرباء: التمسك بالسنة، إذا رغب عنها الناس، وترك ما أحدثوه، وإن كان هو المعروف عندهم وتجريد التوحيد، وإن أنكر ذلك أكثر الناس، وترك الانتساب إلى أحد غير الله ورسوله، لا شيخ ولا طريقة ولا مذهب ولا طائفة، بل هؤلاء الغرباء منتسبون إلى الله بالعبودية له وحده، وإلى رسوله بالاتباع لما جاء به وحده، وهؤلاء هم القابضون على الجمر حقا، وأكثر الناس بل كلهم لائم لهم.

فلغربتهم بين هذا الخلق: يعدونهم أهل شذوذ وبدعة، ومفارقة للسواد الأعظم.

ومعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: «هم النزاع من القبائل» أن الله سبحانه بعث رسوله وأهل الأرض على أديان مختلفة، فهم بين عُباد أوثان ونيران، وعباد صور وصلبان، ويهود وصابئة وفلاسفة، وكان الإسلام في أول ظهوره غريباً، وكان من أسلم منهم واستجاب لله ولرسوله غريبا في حيه وقبيلته وأهله وعشيرته.

فكان المستجيبون لدعوة الإسلام نزاعا من القبائل، بل آحاداً منهم تغربوا عن قبائلهم وعشائرهم، ودخلوا في الإسلام، فكانوا هم الغرباء حقا، حتى ظهر الإسلام وانتشرت دعوته ودخل الناس فيه أفواجاً، فزالت تلك الغربة عنهم، ثم أخذ في الاغتراب والترحل، حتى عاد غريباً كما بدأ، بل الإسلام الحق الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه هو اليوم أشد غربة منه في أول ظهوره، وإن كانت أعلامه ورسومه الظاهرة مشهورة معروفة، فالإسلام الحقيقي غريب جداً، وأهله غرباء أشد الغربة بين الناس.

وكيف لا تكون فرقة واحدة قليلة جداً غريبة بين اثنتين وسبعين فرقة، ذات أتباع ورئاسات ومناصب وولايات، ولا يقوم لها سوق إلا بمخالفة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم؟

فإن نفس ما جاء به يضاد أهواءهم ولذاتهم، وما هم عليه من الشبهات والبدع التي هي منتهى فضيلتهم وعملهم، والشهوات التي هي غايات مقاصدهم وإراداتهم؟

فكيف لا يكون المؤمن السائر إلى الله على طريق المتابعة غريباً بين هؤلاء الذين قد اتبعوا أهواءهم، وأطاعوا شحهم، وأعجب كل منهم برأيه؟ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم «مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، حتى إذا رأيتم شحا مطاعا وهوى متبعا ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، ورأيت أمرا لا يد لك به، فعليك بخاصة نفسك، وإياك وعوامهم، فإن وراءكم أياما صبر الصابر فيهن كالقابض على الجمر» .

ولهذا جعل للمسلم الصادق في هذا الوقت إذا تمسك بدينه: أجر خمسين من الصحابة، ففي سنن أبي داود والترمذي من حديث أبي ثعلبة الخشني قال: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: {ياأيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} [المائدة: 105] فقال: بل ائتمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر، حتى إذا رأيت شحا مطاعا، وهوى متبعا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بخاصة نفسك ودع عنك العوام، فإن من ورائكم أيام الصبر؛ الصبر فيهن مثل قبض على الجمر، للعامل فيهن أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله، قلت: يا رسول الله أجر خمسين منهم؟ قال: أجر خمسين منكم» . وهذا الأجر العظيم إنما هو لغربته بين الناس، والتمسك بالسنة بين ظلمات أهوائهم وآرائهم.

فإذا أراد المؤمن الذي قد رزقه الله بصيرة في دينه، وفقها في سنة رسوله، وفهما في كتابه، وأراه ما الناس فيه من الأهواء والبدع والضلالات وتنكبهم عن الصراط المستقيم الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فإذا أراد أن يسلك هذا الصراط فليوطن نفسه على قدح الجهال وأهل البدع فيه، وطعنهم عليه، وإزرائهم به وتنفير الناس عنه وتحذيرهم منه، كما كان سلفهم من الكفار يفعلون مع متبوعه وإمامه صلى الله عليه وسلم، فأما إن دعاهم إلى ذلك، وقدح فيما هم عليه: فهنالك تقوم قيامتهم ويبغون له الغوائل وينصبون له الحبائل ويجلبون عليه بخيل كبيرهم ورجله.
فهو غريب في دينه لفساد أديانهم، غريب في تمسكه بالسنة لتمسكهم بالبدع، غريب في اعتقاده لفساد عقائدهم، غريب في صلاته لسوء صلاتهم، غريب في طريقه لضلال وفساد طرقهم، غريب في نسبته لمخالفة نسبهم، غريب في معاشرته لهم؛ لأنه يعاشرهم على ما لا تهوى أنفسهم.
وبالجملة: فهو غريب في أمور دنياه وآخرته لا يجد من العامة مساعدا ولا معينا فهو عالم بين جهال، صاحب سنة بين أهل بدع، داع إلى الله ورسوله بين دعاة إلى الأهواء والبدع، آمر بالمعروف ناه عن المنكر بين قوم المعروف لديهم منكر والمنكر معروف.

[الثاني غربة أهل الباطل]
__________________

النوع الثاني من الغربة غربة مذمومة وهي غربة أهل الباطل وأهل الفجور بين أهل الحق، فهي غربة بين حزب الله المفلحين وإن كثر أهلها فهم غرباء على كثرة أصحابهم وأشياعهم، أهل وحشة على كثرة مؤنسهم، يعرفون في أهل الأرض، ويخفون على أهل السماء.

[الثالث غربة مشتركة لا تحمد ولا تذم]
_______________________________

النوع الثالث: غربة مشتركة لا تحمد ولا تذم

وهي الغربة عن الوطن؛ فإن الناس كلهم في هذه الدار غرباء، فإنها ليست لهم بدار مقام، ولا هي الدار التي خلقوا لها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما: «كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل» . وهكذا هو في نفس الأمر؛ لأنه أمر أن يطالع ذلك بقلبه ويعرفه حق المعرفة، ولي من أبيات في هذا المعنى:

وحي على جنات عدن فإنها ... منازلك الأولى وفيها المخيم
ولكننا سبي العدو فهل ترى ... نعود إلى أوطاننا ونسلم
وأي اغتراب فوق غربتنا التي ... لها أضحت الأعداء فينا تحكم
وقد زعموا أن الغريب إذا نأى ... وشطت به أوطانه ليس ينعم
فمن أجل ذا لا ينعم العبد ساعة ... من العمر إلا بعد ما يتألم

وكيف لا يكون العبد في هذه الدار غريبا، وهو على جناح سفر، لا يحل عن راحلته إلا بين أهل القبور؟ فهو مسافر في صورة قاعد، وقد قيل:

وما هذه الأيام إلا مراحل ... يحث بها داع إلى الموت قاصد
وأعجب شيء لو تأملت أنها ... منازل تطوى والمسافر قاعد

الاثنين، 24 فبراير 2014

حكم دخول الزوج (العريس) على النساء في الأعراس بحجة السلام على الأهل

سئل العلامة صالح الفوزان حفظه الله عن حكم دخول الزوج (العريس) على النساء في الأعراس بحجة السلام على الأهل
الجواب:

مما جاء فيه: أن هذا من الأمور المستحدثة التي هي قلة حياء.

وفيه: ما كان هذا من عمل المسلمين أبداً.

مَنْ ادعى علم الساعة، فهو كاذب كافر، ومن صدقه، فهو أيضاً كافر

قال الشيخ العثيمين رحمه الله في شرح العقيدة الواسطية(ص194) وعند شرحه على قوله تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاّ هُوَ } [الأنعام: 59]:
هذه المفاتح سواء قلنا إن المفاتح: هي المبادئ، أو: هي الخزائن، أو: المفاتيح، لا يعلمها إلا الله عز وجل، فلا يعلمها ملَك، ولا يعلمها رسول، حتى إن أشرف الرسل الملَكي وهو جبريل ـ سأل أشرف الرسل البشري ـ وهو محمد عليه الصلاة والسلام ـ قال: أخبرني عن الساعة؟ قال: "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل", والمعنى: كما أنه لا علم لك بها، فلا علم لي بها أيضاً. فمن ادعى علم الساعة، فهو كاذب كافر، ومن صدقه، فهو أيضاً كافر، لأنه مكذب للقرآن.



الفرق بين حكم الله الكوني والشرعي

قال الشيخ العثيمين رحمه الله في شرح العقيدة الواسطية(188-189): حُكْم الله إما كوني وإما شرعي:
فحكم الله الشرعي ما جاءت به رسله ونزلت به كتبه من شرائع الدين.
وحكم الله الكونيما قضاه على عباده من الخلق والرزق والحياة والموت ونحو ذلك من معاني ربوبيته ومتقتضياتها.
دليل الحكم الشرعيقوله تعالى في سورة الممتحنة: {ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ} [الممتحنة: 10] .
ودليل الحكم الكونيقوله تعالى عن أحد أخوة يوسف: {فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ} [يوسف: 80] .
وأما قوله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ، فشامل للكوني والشرعي، فالله عز وجل حكيم بالحكم الكوني وبالحكم الشرعي.

تعريف التوكل مع ذكر أقسام التوكل على غير الله وحكم كل منها

قال الشيخ العثيمين رحمه الله في شرح العقيدة الواسطية(185-186): عرف بعض العلماء التوكل على الله بأنهصدق الاعتماد على الله في جلب المنافع ودفع المضار، مع الثقة به سبحانه وتعالى، وفعل الأسباب الصحيحة.
وصدق الاعتمادأن تعتمد على الله اعتماداً صادقاً، بحيث لا تسأل إلا الله، ولا تستعين إلا بالله، ولا ترجو إلا الله، ولا تخاف إلا الله، تعتمد على الله عز وجل بجلب المنافع ودفع المضار، ولا يكفي هذا الاعتماد دون الثقة به مع فعل السبب الذي أذن به، بحيث إنك واثق بدون تردد مع فعل السبب الذي أذن فيه.
فمن لم يعتمد على الله واعتمد على قوته، فإنه يخذل، ودليل ذلك ما وقع للصحابة مع نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم في غزوة حنين، حين قال الله عز وجل: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ} , حيث قالوالن نغلب اليوم من قلة، {فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا} [التوبة: 25-26] .
ومن توكل على الله، ولكن لم يفعل السبب الذي أذن الله فيه، فهو غير صادق، بل إن عدم فعل الأسباب سفه في العقل ونقص في الدين، لأنه طعن واضح في حكمة الله.
والتوكل على الله هو شطر الدين، كما قال تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] ، والاستعانة بالله تعالى هي ثمرة التوكل، {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} [هود: 123] .
ولهذا، فإن من توكل على غير الله لا يخلو من ثلاثة أقسام:
أولاًأن يتوكل توكل اعتماد وتعبد، فهذا شرك أكبر، كأن يعتقد بأن هذا المتوكل عليه هو الذي يجلب له كل خير ويدفع عنه كل شر، فيفوض أمره إليه تفويضاً كاملاً في جلب المنافع ودفع المضار، مع اقتران ذلك بالخشية والرجاء، ولا فرق بين أن يكون المتوكل عليه حياً أو ميتاً، لأن هذا التفويض لا يصح إلا الله.
ثانياًأن يتوكل على غير الله بشيء من الاعتماد لكن فيه إيمان بأنه سبب وأن الأمر إلى الله، كتوكل كثير من الناس على الملوك والأمراء في تحصيل معاشهم، فهذا نوع من الشرك الأصغر.
ثالثاًأن يتوكل على شخص على أنه نائب عنه، وأن هذا المتوكل فوقه، كتوكل الإنسان على الوكيل في بيع وشراء ونحوهما مما تدخله النيابة، فهذا جائز، ولا ينافي التوكل على الله، وقد وكل النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في البيع والشراء ونحوهما.

الأحد، 23 فبراير 2014

الثمرة التي ينتجها الإيمان بأن الله بكل شيء عليم: كمال مراقبة الله عز وجل وخشيته

قال الشيخ العثيمين رحمه الله في شرح العقيدة الواسطية(ص184): عِلْمُ الله تعالى محيط بكل شيءوالثمرة التي ينتجها الإيمان بأن الله بكل شيء عليمكمال مراقبة الله عز وجل وخشيته، بحيث لا يفقده حيث أمره، ولا يراه حيث نهاه.

حزب التحرير حزب منحرف ضال يحرف في العقيدة، ويبيح المحرمات ويهمه الوثوب على السلطة

قال الإمام مقبل الوادعي رحمه الله:  أما حزب التحرير فهو حزب منحرف ضال يحرف في العقيدة، ويبيح المحرمات ومصافحة النساء، ويهمه الوثوب على السلطة، فهو أخبث من حزب الإخوان المفلسين -وأخبث أفعل تفضيل يدل على المشاركة وزيادة- فيجب أن يبتعد عنه، وقد قيل للنبهاني الذي كان مؤسسه: لماذا لا تعلمون شبابكم القرآن؟ فقال: أنا لا أريد أن أخرج دراويش، وأجاز للمرأة الدخول في الانتخابات.
أسئلة البريطانيين عن جمعية إحياء التراث وحزب التحرير(156)

مذهب أهل السنة والجماعة أن الله سبحانه وتعالى عال بذاته، وأن علوه من الصفات الذاتية الأزلية الأبدية.

قال الشيخ العثيمين رحمه الله في شرح العقيدة الواسطية(175-179): مذهب أهل السنة والجماعة أن الله سبحانه وتعالى عال بذاته، وأن علوه من الصفات الذاتية الأزلية الأبدية.
وخالف أهل السنة في ذلك طائفتانطائفة قالواإن الله بذاته في كل مكان وطائفة قالواإن الله ليس فوق العالم ولا تحت العالم ولا في العالم ولا يمين ولا شمال ولا منفصل عن العالم ولا متصل.
والذين قالوا بأنه في كل مكان استدلوا بقول الله تعالى: {وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [المجادلة: 7] ، واستدلوا بقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الحديد: 4] ، وعلى هذا، فليس عالياً بذاته، بل العلو عندهم علو صفة.
أما الذين قالواإنه لا يوصف بجهة، فقالوالأننا لو وصفناه بذلك، لكان جسماً، والأجسام متماثلة، وهذا يستلزم التمثيل وعلى هذا، فننكر أن يكون في أي جهة.
ولكننا نرد على هؤلاء وهؤلاء من وجهين:
الوجه الأولإبطال احتجاجهم.
والثانيإثبات نقيض قولهم بالأدلة القاطعة.
1- أما الأول، فنقول لمن زعموا أن الله بذاته في كل مكاندعواكم هذه دعوى باطلة يردها السمع والعقل:
أما السمع، فإن الله تعالى أثبت لنفسه أنه العلي والآية التي استدللتم بها لا تدل على ذلك، لأن المعية لا تستلزم الحلول في المكان، ألا ترى إلى قول العربالقمر معنا، ومحله في السماء؟ ويقول الرجلزوجتي معي، وهو في المشرق وهي في المغرب؟ ويقول الضابط للجنوداذهبوا إلى المعركة وأنا معكم، وهو في غرفة القيادة وهم في ساحة القتال؟ فلا يلزم من المعية أن يكون الصاحب في مكان المصاحب أبداً، والمعية يتحدد معناها بحسب ما تضاف إليه، فنقول أحياناًهذا لبن معه ماء وهذه المعية اقتضت الاختلاطويقول الرجل متاعي معي، وهو في بيته غير متصل به، ويقولإذا حمل متاعه معهمتاعي معي وهو متصل بهفهذه كلمة واحدة لكن يختلف معناها بحسب الإضافة، فبهذا نقولمعية الله عز وجل لخلقة تليق بجلاله سبحانه وتعالى، كسائر صفاته، فهي معية تامة حقيقية، لكن هو في السماء.
وأما الدليل العقلي على بطلان قولهم، فنقولإذا قلتإن الله معك في كل مكان، فهذا يلزم عليه لوازم باطلة، فيلزم عليه:
أولاًإما التعدد أو التجزؤ، وهذا لازم باطل بلا شك، وبطلان اللازم يدل على بطلان اللزوم.
ثانياًنقولإذا قلتإنه معك في الأمكنه، لزم أن يزداد بزيادة الناس، وينقص بنقص الناس.
ثالثاًيلزم على ذلك ألا تنزهه عن المواضع القذرة، فإذا قلتإن الله معك وأنت في الخلاء فيكون هذا أعظم قدح في الله عز وجل.
فتبين بهذا أن قولهم مناف للسمع ومناف للعقل، وأن القرآن لا يدل عليه بأي وجه من الدلالات، لا دلالة مطابقة ولا تضمن ولا التزام أبداً.
2- أما الآخرون، فنقول لهم:
أولاًإن نفيكم للجهة يستلزم نفي الرب عز وجل، إذ لا نعلم شيئاً لا يكون فوق العالم ولا تحته ولا يمين ولا شمال، ولا متصل ولا منفصل، إلا العدم، ولهذا قال بعض العلماءلو قيل لنا صفوا الله بالعدم ما وجدنا أصدق وصفاً للعدم من هذا الوصف.
ثانياًقولكمإثبات الجهة يستلزم التجسيمنحن نناقشكم في كلمة الجسم:
ما هذا الجسم الذي تنفرون الناس عن إثبات صفات الله من أجله؟!
أتريدون بالجسم الشيء المكون من أشياء مفتقر بعضها إلى بعض لا يمكن أن يقوم إلا باجتماع هذه الأجزاء؟فإن أردتم هذا، فنحن لا نقره، ونقولإن الله ليس بجسم بهذا المعنى، ومن قالإن إثبات علوه يستلزم هذا الجسم، فقوله مجرد دعوى ويكفينا أن نقوللا قبول.
أما إن أردتم بالجسم الذات القائمة بنفسها المتصفة بما يليق بها، فنحن نثبت ذلك، ونقولإن لله تعالى ذاتاً، وهو قائم بنفسه، متصف بصفات الكمال، وهذا هو الذي يعلم به كل إنسان.
وبهذا يتبين بطلان قول هؤلاء الذين أثبتوا أن الله بذاته في كل مكان، أو أن الله تعالى ليس فوق العالم ولا تحته ولا متصل ولا منفصل ونقولك هو على عرشه استوى عز وجل.
أما أدلة العلو التي يثبت بها نقيض قول هؤلاء وهؤلاء، والتي تثبت ما قاله أهل السنة والجماعة، فهي أدلة كثيرة لا تحصر أفرادها، وأما أنواعها، فهي خمسةالكتاب، والسنة، والإجماع، والعقل، والفطرة.
أما الكتاب، فتنوعت أدلته على علو الله عز وجل منها التصريح بالعلو والفوقية وصعود الأشياء إليه ونزولها منه وما أشبه ذلك.
أما السنة، فكذلك، فتنوعت دلالتها، واتفقت السنة بأصنافها الثلاثة على علو الله بذاته، فقد ثبت علو الله بذاته في السنة من قول الرسول صلى الله عليه وسلم وفعله وإقراراه.
أما الإجماع، فقد أجمع المسلمون قبل ظهور هذه الطوائف المبتدعة على أن الله تعالى مستو على عرشه فوق خلقه.
قال شيخ الإسلام: "ليس في كلام الله ولا رسوله، ولا كلام الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان ما يدل لا نصاً ولا ظاهراً على أن الله تعالى ليس فوق العرش وليس في السماء، بل كل كلامهم متفق على أن الله فوق كل شيء".
وأما العقل، فإننا نقولكل يعلم أن العلو صفة كمال، وإذا كان صفة كمال، فإنه يجب أن يكون ثابتاً لله، لأن الله متصف بصفات الكمال، ولذلك نقولك إما أن يكون الله في أعلى أو في أسف أو في المحاذي، فالأسفل والمحاذي ممتنع، لأن الأسفل نقص في معناه، والمحاذي نقص لمشابهة المخلوق ومماثلته، فلم يبق إلا العلو، وهذا وجه آخر في الدليل العقلي.
وأما الفطرة، فإننا نقولما من إنسان يقولياربإلا وجد في قلبه ضرورة بطلب العلو.
فتطابقت الأدلة الخمسة.
وأما علو الصفات، فهو محل إجماع من كل من يدين أو يتسمى بالإسلام.