قال الشيخ العثيمين رحمه الله في شرح العقيدة الواسطية(65-68): رسل
الله هم
الذين أوحى الله إليهم بالشرائع وأمرهم
بتبليغها، وأولهم نوح وآخرهم محمد صلى
الله عليه وسلم.
الدليل
على أن أولهم نوح:
قوله
تعالى:
{إِنَّا
أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا
إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ
بَعْدِهِ}
[النساء:
163] ،
يعني:
وحياً،
كإيحائنا إلى نوح والنبيين من بعده، وهو
وحي الرسالة.
وقوله:
{وَلَقَدْ
أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ
وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا
النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ}
[الحديد:
26] : {فِي
ذُرِّيَّتِهِمَا}
أي
ذرية نوح وإبراهيم، والذي قبل نوح لا يكون
من ذريته.
وكذلك
قوله تعالى:
{وَقَوْمَ
نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا
قَوْماً فَاسِقِينَ}
[الذاريات:
46] ،
قد نقول:
إن
قوله:
{مِنْ
قَبْلُ}
: يدل
على ما سبق.
إذاً
من القرآن ثلاثة أدلة تدل على أن نوحا أول
الرسل ومن السنة ما ثبت في حديث الشفاعة:
"أن
أهل الموقف يقولون لنوح:
أنت
أول رسول أرسله الله إلى أهل الأرض"،
وهذا صريح.
أما
آدم عليه الصلاة والسلام، فهو نبي، وليس
برسول.
وأما
إدريس، فذهب كثير من المؤرخين أو أكثرهم
وبعض المفسرين أيضاً إلى أنه قبل نوح،
وأنه من أجداده لكن هذا قول ضعيف جداً
والقرآن والسنة ترده والصواب ما ذكرنا.
وآخرهم
محمد عليه الصلاة والسلام، لقوله تعالى:
{وَلَكِنْ
رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}
[الأحزاب:
40] ،
ولم يقل:
وخاتم
المرسلين، لأنه إذا ختم النبوة، ختم
الرسالة من باب أولى.
فإن
قلت:
عيسى
عليه الصلاة والسلام ينزل في آخر الزمان وهو
رسول، فما الجواب؟
نقول:
هو
لا ينزل بشريعة جديدة، وإنما يحكم بشريعة
النبي صلى الله عليه وسلم.
فإذا
قال قائل:
من
المتفق عليه أن خير هذه الأمة بعد نبيها
أبو بكر، وعيسى يحكم بشريعة النبي صلى
الله عليه وسلم، فيكون من أتباعه، فكيف
يصح قولنا:
إن
خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر؟
فالجواب:
أحد
ثلاثة وجوه:
أولها:
أن
عيسى عليه الصلاة والسلام رسول مستقل من
أولي العزم ولا يخطر بالبال المقارنة
بينه وبين الواحد من هذه الأمة، فكيف
بالمفاضلة؟!
وعلى
هذا يسقط هذا الإيراد من أصله، لأنه من
التنطع، وقد هلك المتنطعون، كما قال النبي
صلى الله عليه وسلم.
الثاني:
أن
نقول:
هو
خير الأمة إلا عيسى.
الثالث:
أن
نقول:
إن
عيسى ليس من الأمة، ولا يصح أن نقول:
إنه
من أمته، وهو سابق عليه، لكنه من أتباعه
إذا نزل، لأن شريعة النبي صلى الله عليه
وسلم باقية إلى يوم القيامة.
فإن
قال قائل:
كيف
يكون تابعاً، وهو يقتل الخنزير، ويكسر
الصليب، ولا يقبل إلا الإسلام مع أن
الإسلام يقر أهل الكتاب الجزية؟!.
قلنا:
إخبار
النبي صلى الله عليه وسلم بذلك إقرار له،
فتكون من شرعه ويكون نسخاً لما سبق من حكم
الإسلام الأول.