قال الشيخ العثيمين رحمه الله في شرح العقيدة الواسطية(142-144): كل
ما أثبت الله لنفسه من الصفات، فهو صفة
كمال ولا يمكن أبداً أن يكون فيما أثبته
الله لنفسه من الصفات نقص.
ولكن،
إذا قال قائل:
هل
الصفات توقيفية كالأسماء، أو هي اجتهادية، بمعنى أنه يصح لنا أن نصف الله سبحانه
وتعالى بشيء لم يصف به نفسه؟.
فالجواب
أن نقول:
إن
الصفات توقيفية على المشهور عند أهل
العلم، كالأسماء، فلا تصف الله إلا بما
وصف به نفسه.
وحينئذ
نقول:
الصفات
تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
صفة
كمال مطلق،
وصفة كمال مقيد، وصفة نقص مطلق.
أما
صفة الكمال على الإطلاق، فهي ثابتة لله
عز وجل، كالمتكلم، والفعال لما يريد،
والقادر..
ونحو
ذلك.
وأما
صفة الكمال بقيد، فهذه لا يوصف الله بها
على الإطلاق إلا مقيداً، مثل:
المكر،
والخداع، والاستهزاء..
وما
أشبه ذلك، فهذه الصفات كمال بقيد، إذا
كانت في مقابلة من يفعلون ذلك، فهي كمال،
وإن ذكرت مطلقة، فلا تصح بالنسبة لله عز
وجل، ولهذا لا يصح إطلاق وصفه بالماكر أو
المستهزئ أو الخادع، بل تقيد فنقول:
ماكر
بالماكرين، مستهزئ بالمنافقين، خادع
للمنافقين، كائد للكافرين، فتقيدها لأنها
لم تأت إلا مقيدة.
وأما
صفة النقص على الإطلاق، فهذه لا يوصف الله
بها بأي حال من الأحوال، كالعاجز والخائن
والأعمى والأصم، لأنها نقص على الإطلاق،
فلا يوصف الله بها وانظر إلى الفرق بين
خادع وخائن، قال الله تعالى:
{إِنَّ
الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ
وَهُوَ خَادِعُهُمْ}
[النساء:
142] ،
فأثبت خداعه لمن خادعه لكن قال في الخيانة:
{وَإِنْ
يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا
اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ}
[الأنفال:
71] ولم
يقل:
فخانهم،
لأن الخيانة خداع في مقام الائتمان،
والخداع في مقام الائتمان نقص، وليس فيه
مدح أبداً.
فإذاً،
صفات النقص منفية عن الله مطلقاً.والصفات المأخوذة من الأسماء هي كمال بكل حال ويكون الله عز وجل قد أتصف بمدلولها، فالسمع صفة كمال دل عليها اسمه السميع، فكل صفة دلت عليها الأسماء، فهي صفة كمال مثبته لله على سبيل الإطلاق، وهذه تجعلها قسماً منفصلاً، لأنه ليس فيها تفصيل، وغيرها تنقسم إلى الأقسام الثلاثة التي سلف ذكرها، ولهذا لم يسم الله نفسه بالمتكلم مع أنه يتكلم، لأن الكلام قد يكون خيراً، وقد يكون شراً، وقد لا يكون خيراً ولا شراً، فالشر لا ينسب إلى الله، واللغو كذلك لا ينسب إلى الله، لأنه سفه، والخير ينسب إليه، ولهذا لم يسم نفسه بالمتكلم، لأن الأسماء كما وصفها الله عز وجل: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الأعراف: 180] ، ليس فيها أي شيء من النقص ولهذا جاءت باسم التفضيل المطلق.