قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في شرح العقيدة الواسطية(8-10) وعند شرحه على قول المؤلف: من
الإيمان بالله الإيمان بما وصف به نفسه
في كتابه ووصفه به رسوله محمد ـ صلى الله
عليه وسلم ـ من غير تحريف ولا تعطيل، ومن
غير تكييف ولا تمثيل:
بعدما ذكر المصنف رحمه الله الأصول التي
يجب الإيمان بها مجملة شرع يذكرها على
سبيل التفصيل وبدأ بالأصل الأول وهو
الإيمان بالله تعالى فذكر أنه يدخل فيه الإيمان
بصفاته التي وصف نفسه بها في كتابه أو
وصفه بها رسوله في سنته، وذلك بأن نثبتها
له كما جاءت في الكتاب والسنة بألفاظها
ومعانيها من غير تحريف لألفاظها ولا تعطيل
لمعانيها ولا تشبيه لها بصفات المخلوقين.
وأن
نعتمد في إثباتها على الكتاب والسنة فقط
لا نتجاوز القرآن والحديث لأنها توفيقية.
والتحريف:
هو
التغيير إمالة الشيء عن وجهه.
يقال:
انحرف
عن كذا إذا مال.
وهو
نوعان:
النوع
الأول:
تحريف
اللفظ وهو العدول به عن جهته إلى غيرها
إما بزيادة كلمة أو حرف أو نقصانه، أو
تغيير حركة كقول أهل الضلال في قوله
تعالى:
{الرَّحْمَنُ
عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}
أي:
استولى،
فزادوا في الآية حرفًا.
وكقولهم
في قوله تعالى:
{وَجَاء
رَبُّكَ}
أي:
أمْرُ ربك، فزادوا كلمة.
وكقولهم
في قوله تعالى:
{وَكَلَّمَ
اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}
بنصب
لفظ الجلالة فغيروا الحركة الإعرابية من
الرفع إلى النصب.
النوع
الثاني:
تحريف
المعنى، وهو العدول به عن وجهه وحقيقته
وإعطاء اللفظ معنى لفظ آخر كقول المبتدعة:
إن
معنى الرحمة:
إرادة
الإنعام.
وإن
معنى الغضب إرادة الانتقام.
والتعطيل
لغة:
الإخلاء،
يقال:
عطله،
أي:
أخلاه
والمراد به هنا نفي الصفات عن الله سبحانه
وتعالى.
والفرق
بين التحريف والتعطيل:
أن
التحريف هو نفي المعنى الصحيح الذي دلت
عليه النصوص واستبداله بمعنى آخر غير
صحيح.
والتعطيل:
هو
نفي المعنى الصحيح من غير استبدال له
بمعنى آخر، كفعل المفوضة.
فكل
محرف معطل وليس كل معطل محرفًا.
والتكييف:
هو
تعيين كيفية الصفة.
يقال:
كيف
الشيء إذا جعل له كيفية معلومة، فتكييف
صفات الله هو تعيين كيفيتها والهيئة التي
تكون عليها وهذا لا يمكن للبشر لأنها مما
استأثر الله تعالى بعلمه فلا سبيل إلى
الوصول إليه، لأن الصفة تابعة للذات،
فكما أن ذات الله لا يمكن للبشر معرفة
كيفيتها، فكذلك صفته سبحانه لا تعلم
كيفيتها.
ولهذا
لما سئل الإمام مالك ـ رحمه الله ـ فقيل
له:
{الرَّحْمَنُ
عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}
كيف
استوى فقال:
الاستواء
معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب،
والسؤال عنه بدعة.
وهذا
يقال في سائر الصفات.
والتمثيل:
هو
التشبيه بأن يقال:
إن
صفات الله مثل صفات المخلوقين، كأن يقال
يد الله كأيدينا وسمعه كسمعنا، تعالى
الله عن ذلك، قال تعالى في الآية (11)
من
سورة الشورى:
{لَيْسَ
كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ
البَصِيرُ}
فلا
يقال في صفاته إنها مثل صفاتنا أو شبه
صفاتنا أو كصفاتنا، كما لا يقال:
إن
ذات الله مثل أو شبه ذواتنا، فالمؤمن
الموحد يثبت الصفات كلها على الوجه اللائق
بعظمة الله وكبريائه.
والمعطل
ينفيها أو ينفي بعضها.
والمشبه
الممثل يثبتها على وجه لا يليق بالله
وإنما يليق بالمخلوق.