قال الشيخ العثيمين رحمه الله في شرح العقيدة الواسطية(164-165): النبي صلى الله عليه وسلم سأل أبي بن كعب، قال: "أي آية في كتاب الله أعظم؟ " فقال له: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} فضرب على صدره، وقال: "ليهنك العلم أبا المنذر" .
يعني:
أن
النبي صلى الله عليه وسلم أقره بأن هذه
أعظم آية في كتاب الله، وأن هذا دليل على
علم أبي في كتاب الله عز وجل.
وفي
هذا الحديث دليل على أن القرآن يتفاضل،
كما دل عليه حديث سورة الإخلاص، وهذا موضع
يجب فيه التفصيل، فإننا نقول:
أما
باعتبار المتكلم به، فإنه لا يتفاضل لأن
المتكلم به واحد وهو الله عز وجل، وأما
باعتبار مدلولاته وموضوعاته فإنه يتفاضل،
فسورة الإخلاص التي فيها الثناء على الله
عز وجل بما تضمنته من الأسماء والصفات
ليست كسورة المسد التي فيها بيان حال أبي
لهب من حيث الموضوع كذلك، يتفاضل من حيث
التأثير والقوة في الأسلوب، فإن من الآيات
ما تجدها آية قصيرة لكن
فيها ردع قوي للقلب وموعظة، وتجد آية أخرى
أطول منها بكثير لكن لا تشتمل على ما تشتمل
عليه الأولى، فمثلاً قوله تعالى:
{يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا
تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ
مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ}
[البقرة:
282] .. إلخ،
هذه آية موضوعها سهل، والبحث فيها في
معاملات تجري بين الناس وليس فيها ذاك
التأثير الذي يؤثره مثل قوله تعالى:
{كُلُّ
نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا
تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ
النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ
فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاّ
مَتَاعُ الْغُرُورِ}
[آل
عمران:
185] ،
فهذه تحمل معاني عظيمة، فيها زجر وموعظة
وترغيب وترهيب، ليست كآية الدين مثلاً
مع أن آية الدين أطول منها.