قال
الشيخ العثيمين رحمه الله في شرح العقيدة
الواسطية(59-65): الملائكة
عالم غيبي، خلقهم الله عز وجل من نور،
وجعلهم طائعين له متذللين له، ولكل منهم
وظائف خصه الله بها، ونعلم من وظائفهم:
أولاً: جبريل: موكل
بالوحي، ينزل به من الله تعالى إلى الرسل.
ثالثاً: ميكائيل: موكل
بالقطر والنبات.
وهؤلاء
الثلاثة كلهم موكلون بما فيه حياة، فجبريل
موكل بالوحي وفيه حياة القلوب، وميكائيل
بالقطر والنبات وفيه حياة الأرض، وإسرافيل
بنفخ الصور وفيه حياة الأجساد يوم المعاد.
ولهذا
كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوسل
بربوبية الله لهم في دعاء الاستفتاح في
صلاة الليل، فيقول:
"اللهم
رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر
السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة،
أنت تحكم بين عباد فيما كانوا فيه يختلفون،
اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك. إنك
تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم"
،
هذا الدعاء الذي كان يقوله في قيام الليل
متوسلاً بربوبية الله لهم.
كذلك
نعلم أن منهم من وكل بقبض أرواح بني آدم،
أو بقبض روح كل ذي روح وهم: ملك
الموت وأعوانه ولا يسمى عزرائيل، لأنه
لم يثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أن
اسمه هذا.
قال
تعالى:
{حَتَّى
إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ
تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا
يُفَرِّطُونَ}
[الأنعام:
61] . وقال
تعالى:
{قُلْ
يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي
وُكِّلَ بِكُمْ}
[السجدة:
11] .
وقال
تعالى:
{اللَّهُ
يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا}
[الزمر:
42]
ولا
منافاة بين هذه الآيات الثلاث، فإن
الملائكة تقبض الروح، فإن ملك الموت إذا
أخرجها من البدن تكون عنده ملائكة، إن
كان الرجل من أهل الجنة، فيكون معهم حنوط
من الجنة، وكفن من الجنة، يأخذون هذه
الروح الطيبة، ويجعلونها في هذا الكفن،
ويصعدون بها إلى الله عز وجل حتى تقف بين
يدي الله عز وجل، ثم يقول اكتبوا كتاب
عبدي في عليين وأعيدوه إلى الأرض، فترجع
الروح إلى الجسد من أجل الاختبار: من
ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ وإن كان الميت
غير مؤمن والعياذ بالله، فإنه ينزل ملائكة
معهم كفن من النار وحنوط من النار، يأخذون
الروح، ويجعلونها في هذا الكفن، ثم يصعدون
بها إلى السماء، فتغلق أبواب السماء دونها
وتطرح إلى الأرض، قال الله تعالى:
{وَمَنْ
يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ
مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ
أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ
سَحِيقٍ}
[الحج:
31] ،
ثم يقول الله: اكتبوا
كتاب عبدي في سجين نسأل الله
العافية!.
هؤلاء
موكلون بقبض الروح من ملك الموت إذا قبضها،
وملك الموت هو الذي يباشر قبضها، فلا
منافاة إذن، والذي يأمر بذلك هو الله،
فيكون في الحقيقة هو المتوفّي.
ومنهم
ملائكة سياحون في الأرض، يلتمسون حلق
الذِكر، إذا
وجدوا حلقة العلم والذكر، جلسوا.
وكذلك
هناك ملائكة يكتبون أعمال الإنسان:
{وَإِنَّ
عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَاماً
كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ}
[الانفطار:
10-12] {مَا
يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاّ لَدَيْهِ
رَقِيبٌ عَتِيدٌ}
[ق:
18] .
دخل
أحد أصحاب الإمام أحمد عليه وهو مريض رحمه
الله فوجده يئن من المرض، فقال له: يا
أبا عبد الله! تئن،
وقد قال طاووس: إن
الملك يكتب حتى أنين المريض، لأن الله
يقول:
{مَا
يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاّ لَدَيْهِ
رَقِيبٌ عَتِيدٌ}
[ق:
18] ؟
فجعل أبو عبد الله يتصبر, وترك
الأنين2،
لأن كل شيء يكتب {مَا
يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ}
: من: زائدة
لتوكيد العموم، أي قول تقوله، يكتب لكن
قد تجازى عليه بخير أو بشر، هذا حسب القول
الذي قيل.
ومنهم
أيضاً ملائكة يتعاقبون على بني آدم في
الليل والنهار، {لَهُ
مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ
وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ
أَمْرِ اللَّهِ}
[الرعد:
11] .
ومنهم
ملائكة ركع وسجد لله في السماء، قال النبي
عليه الصلاة والسلام:
"أطت
السماء، وحق لها أن تئط" والأطيط: صرير
الرحل، أي: إذا
كان على البعير حمل ثقيل، تسمع له صرير
من ثقل الحمل، فيقول الرسول عليه الصلاة
والسلام:
"أطت
السماء، وحق لها أن تَئِط ما من موضع أربع
أصابع منها، إلا وفيه ملك قائم لله أو
راكع أو ساجد",وعلى
سعة السماء فيها هؤلاء الملائكة.
ولهذا
قال الرسول صلى الله عليه وسلم في البيت
المعمور الذي مر به في ليلة المعراج، قال:
"يطوف
به (أو
قال: يدخله) سبعون
ألف ملك كل يوم، ثم لا يعودون إلى آخر ما
عليهم"
،
والمعنى: كل
يوم يأتي إليه سبعون ألف ملك غير الذين
أتوه بالأمس، ولا يعودون له أبداً، يأتي
ملائكة آخرون غير من سبق، وهذا يدل على
كثرة الملائكة، ولهذا قال الله تعالى:
{وَمَا
يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاّ هُوَ}
[المدثر:
31] .
ومنهم
ملائكة موكلون بالجنة وموكلون بالنار،
فخازن النار اسمه مالك يقول أهل النار:
{يَا
مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ}
[الزخرف:
77] ،
يعنى: ليهلكنا
ويمتنا، فهم يدعون الله أن يميتهم، لأنهم
في عذاب لا يصبر عليه، فيقول:
{إِنَّكُمْ
مَاكِثُونَ}
[الزخرف:
77] ،
ثم
يقال لهم:
{لَقَدْ
جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ
أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ}
[الزخرف:
78] .
المهم: أنه
يجب علينا أن نؤمن بالملائكة.
وكيف
الإيمان بالملائكة؟
نؤمن
بأنهم عالم غيبي لا يشاهدون، وقد يشاهدون،
إنما الأصل أنهم عالم غيبي مخلوقون من
نور مكلفون بما كلفهم الله به من العبادات
وهم خاضعون لله عز وجل أتم الخضوع، {لا
يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ
وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}
[التحريم:
6] .
كذلك
نؤمن بأسماء من علمنا بأسمائهم ونؤمن
بوظائف من علمنا بوظائفهم ويجب علينا أن
نؤمن بذلك على ما عُلمنا.
وهم
أجساد، بدليل قوله تعالى:
{جَاعِلِ
الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ}
[فاطر، 1] ،
ورأى النبي صلى الله عليه وسلم جبريل على
صورته التي خلق عليها له ستمائة جناح قد
سد الأفق,خلافاً
لمن قال: إنهم
أرواح.
إذا
قال قائل: هل
لهم عقول؟ نقولك هل لك عقل؟ ما يسأل عن
هذا إلا رجل مجنون، فقد قال الله تعالى:
{لا
يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ
وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}
[التحريم:
6] ،
فهل يثني عليهم هذا الثناء وليس لهم عقول؟!
{يُسَبِّحُونَ
اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ}
[الأنبياء:
20] ،
أنقول: هؤلاء
ليس لهم عقول؟! يأتمرون
بأمر الله، ويفعلون ما
أمر
الله به ويبلغون الوحي، ونقول: ليس
لهم عقول؟! أحق
من يوصف بعدم العقل من قال: إنه
لا عقول لهم!!
___________________________________
1قال
الشيخ عبد المحسن العباد في شرح سنن أبي
داود(448/3):
وصاحب
الصور المراد به الذي ينفخ في الصور، وقد
اشتهر بأنه إسرافيل، ولا نعلم حديثاً
صحيحاً يدل على تسميته بذلك ولكنه مشهور،
وذكره ابن كثير في تفسيره وقال:
الصحيح
أنه إسرافيل، وأن إسرافيل ينفخ في الصور،
وذلك في سورة الأنعام عند قوله:
{قَوْلُهُ
الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ
يُنفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ
وَالشَّهَادَةِ}
[الأنعام:73]
لكن
لم أقف على حديث في الصحيح يدل على التسمية.ا.هـ
2لعل
الشيخ -
رحمه
الله تعالى -
اعتمد
على ما روي عن ابن عباس -
رضي
اللَّه تعالى عنهما -أن
رسول اللَّه صَلَّى اللَّه عليْهِ وسَلَّم
قال :
إنّ
ملكا من حملة العرش يقال له :
إسرافيل
، زاوية من زوايا العرش على كاهله ، قد
مرقت قدماه في الأرض السابعة السفلى ،
ومرق رأسه من السماء السابعة العليا .
رواه
أبو الشيخ في العظمة (2/697
رقم
:
288) و
(3/949
رقم
:
477) وأبو
نعيم في الحلية (6/65)
كلاهما
من طريق محمد بن مصفى حدثنا يحيى بن سعيد
عن إِسماعيل بن عياش عن الأحوص بن حكيم
عن شهر بن حوشب عن ابن عباس .
وفي
إسناده يحيى بن سعيد العطار وهو ضعيف
والأحوص بن حكيم ضعيف الحفظ وشهر بنو
حوشب أمره معروف .وهناك
روايات على أن اسرافيل من حملة العرش
رويت عن كعب الأحبار ووهب بن منبه ..
ولكنها
اسرائيليات ..والحديث
جاء قريب منه عن ابي هريرة بسند صحيح -
كما
قاله السيوطي في الحبائك -
وعن
جابر وانس وغيرهم بدون تسمية اسرافيل .((منقول))