قال الشيخ العثيمين رحمه الله في شرح العقيدة الواسطية(153-156): من
هم الذين أنعم الله عليهم؟
فسرها
تعالى بقوله:
{وَمَنْ
يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ
مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ
عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ
وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ
وَالصَّالِحِينَ}
[النساء:
69] ،
فهؤلاء أربعة أصناف.
أولاً:
النبيون.
وهم
كل من أوحى الله إليهم ونبأهم فهو داخل
في هذه الآية:
فيشمل
الرسل، لأن كل رسول نبي، وليس كل نبي
رسولاً وعلى هذا فيكون النبيون شاملاً للرسل أولي العزم وغيرهم شاملاً أيضاً
للنبيين الذين لم يرسلوا وهؤلاء أعلى
أصناف الخلق.
ثانياً:
الصديقون. جمع
صديق على وزن فعيل صيغة مبالغة.
فمن
هو الصِّدِّيق؟
أحسن
ما يفسر به الصديق قوله تعالى:
{وَالَّذِي
جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ}
[الزمر:
33] ،
وقال تعالى {وَالَّذِينَ
آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ
هُمُ الصِّدِّيقُونَ}
[الحديد:
19] ،
فمن حقق الإيمان ـ ولا يتم تحقيق الإيمان
إلا بالصدق والتصديق ـ فهو صِدِّيق:
الصدق
في العقيدة:
بالإخلاص،
وهذا أصعب ما يكون على المرء حتى قال بعض
السلف:
ما
جاهدت نفسي على شيء مجاهدتها على الإخلاص،
فلا بد من الصدق في المقصد ـ وهو العقيدة
ـ والإخلاص لله عز وجل.
الصدق
في المقال:
لا
يقول إلا ما طابق الواقع، سواء على نفسه
أو على غيره، فهو قائم بالقسط على نفسه
وعلى غيره، أبيه وأمه وأخيه وأخته..
وغيرهم.
الصدق
في الفعال:
وهي
أن تكون أفعاله مطابقة لما جاء به النبي
صلى الله عليه وسلم ومن صدق الفعال أن
تكون نابعة عن إخلاص، فإن لم تكن نابعة
عن إخلاص، لم تكن صادقة,
لأن
فعله يخالف قوله.
فالصديق
إذاً من صدق في معتقده وإخلاصه وإرادته،
وفي مقاله
وفي فعاله.
وأفضل
الصديقين على الإطلاق أبو بكر رضي الله
عنه، لأن أفضل الأمم هذه الأمة، وأفضل
هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر رضي الله
عنه.
والصديقية
مرتبة تكون للرجال والنساء، قال الله
تعالى في عيسى ابن مريم:
{وَأُمُّهُ
صِدِّيقَةٌ}
[المائدة:
75] ،
ويقال:
الصديقة
بنت الصديق عائشة رضي الله عنها، والله
تعالى يمن على من يشاء من عباده.
أما
الشهداء قيل:
هم
الذين قتلوا في سبيل الله، لقوله:
{وَلِيَعْلَمَ
اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ
مِنْكُمْ شُهَدَاءَ}
وقيل:
العلماء،
لقوله تعالى:
{شَهِدَ
اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاّ هُوَ
وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ}
[آل
عمران:
18] ،
فجعل أهل العلم شاهدين بما شهد الله لنفسه
ولأن العلماء يشهدون للرسل بالبلاغ وعلى
الأمة بالتبليغ ولو قال قائل:
الآية
عامة لمن قتلوا في سبيل الله تعالى
وللعلماء، لأن اللفظ صالح للوجهين، ولا
يتنافيان، فيكون شاملاً للذين قتلوا في
سبيل الله وللعلماء الذين شهدوا لله
بالوحدانية وشهدوا للنبي صلى الله عليه
وسلم بالبلاغ وشهدوا على الأمة بأنها
بلغت.
أما
الصالحون يشمل كل الأنواع الثلاثة السابقة
ومن دونهم في المرتبة، فالأنبياء صالحون،
والصديقون صالحون، والشهداء صالحون،
فعطفها من باب عطف العام على الخاص.
والصالحون
هم الذين قاموا بحق الله وحق عباده، لكن
لا على
المرتبة السابقة ـ النبوة والصديقية
والشهادة ـ، فهم دونهم في المرتبة.
هذا
الصراط الذي جاءت به الرسل هو صراط هؤلاء
الأصناف الأربعة، فغيرهم لا يمشون على
ما جاءت به الرسل.