قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في شرحه لكتاب التوحيد(2/180-182): كلّ
اسم فيه تعظيمٌ شديد للمخلوق من الألقاب
والأسماء التي فيها التعظيم الذي لا يليق
إلاّ بالله سبحانه وتعالى، مثل:
"ملِك
الأملاك" و"سيِّد
السادات"،
وما أشبه ذلك من الألقاب الضّخمة التي
يتلقّب أو يتسمّى بها بعض الجبابرة أو
المستكبرين، كلُّ
هذا محرَّم ومنهيٌّ عنه، لأنّ المطلوب
من المخلوق التواضُع مع الله سبحانه
وتعالى، وتجنُّب ما فيه تزكيةٌ للنفس أو
تعظيمٌ للنفس، لأنّ هذا يحمل على الكِبْر
والإعجاب، وخروج الإنسان عن طَوره ووضعه
الصحيح.
وكلُّ
هذا يُخلُّ بعقيدة التّوحيد، لأنّ عقيدة
التّوحيد تدور على توحيد الله سبحانه
وتعالى، وعلى تنزيه الله عن المشابَهة
والمماثَلة، فمن تسمّى باسم لا يليق إلاّ
بالله على وجه التعاظُم فهذا فيه تشبيه
بأسماء الله سبحانه وتعالى.
فمثلاً:
(قاضي
القُضاة) هذا
لا يليق إلاّ لله عزّ وجلّ، لأنّ الله
سبحانه وتعالى الذي يقضي النّاس يوم
القيامة القضاء النهائي، يقضي بين جميع
الخلْق، ملوكهم وعامّتهم وعلمائهم
وعوامّهم، يقضي بين جميع خلقه سبحانه
وتعالى، فالقضاء المطلَق هو لله سبحانه
وتعالى، فلا يليق أن يقال للمخلوق:
"قاضي
القُضاة"،
لأنّ الله هو الذي يقضي بين جميع النّاس
يوم القيامة، يقضي بينهم بحكمه:
{إِنَّ
رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ} ،
فهو الذي يقضي بين النّاس سبحانه وتعالى.
أما
القاضي من النّاس فإنه يقضي بين فئاتٍ
قليلة من النّاس، لا يقضي بين كلّ النّاس،
وإنما يقضي بين عدد قليل محصور، إما في
بلد وإما في قضيّة خاصّة، ثم قضاؤه- أيضاً- قد
يكون صواباً وقد يكون خطئاً، أما قضاء
الله جل وعلا فإنّه لا يكون إلاّ حقًّا
وصواباً، ولا يتطرّق إليه الخطأ والنقص
جل وعلا.
ففي
هذه الكلمة "قاضي
القُضاة" تعظيم
زائد، ومنحٌ للمخلوق لصفةٍ لا يستحقُّها
ومرتبة لا يرقى إليها.
فالمناسب
أن يُقال:
"رئيس
القُضاة"،
بمعنى: أنه
يُرجع إليه في أُمور القضاء وتنظيماته
ومُجرياته.
وكذلك:
"ملِك
الأملاك"،
لأن المُلك المطلق لله عزّ وجلّ، وهو
المُلْك الدائم الشامل، أما ملك المخلوق
فهو مُلك جزئي ومؤقت.
وكذلك
ملك المخلوق مِنْحَة من الله سبحانه
وتعالى، وعاريّة، لم يملك هذا المُلك
بحوله ولا قوّته، وإنّما الله هو الذي
ملّكه:
{قُلِ
اللهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي
الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ
الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ
مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ
بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ
شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)
} ،
فالذي يملِّك الملوك هو الله سبحانه
وتعالى، هو الذي يعطي الملك لمن يشاء،
وينزع الملك ممّن يشاء، أمّا ملك الله جل
وعلا فإنّه مُلكٌ حقيقيٌّ عام دائم.
وقال: قال
سُفيان بن عُيينة: "مثل: شاهان
شاه" يعني: عند
العجم، فمعنى هذا اللقب عندهم:
"ملك
الملوك".
ومقصود
سفيان رحمه الله بهذا أن يبيِّن أنّ هذا
اللّقب ممنوعٌ في جميع اللّغات، سواء
بالعربيّة أو بالأعجميّة، سواء سُمّي "ملك
المُلوك" أو "شاهان
شاه"،
فالمعنى واحد، وكذلك "قاضي
القُضاة" أو
ما أشبه ذلك، فهذا منهيٌّ عنه في جميع
اللُّغات.
وقال في ص184: أما الأسماء التي يُسمّى بها المخلوق ويسمّى بها الخالق مثل: الملِك، والعزيز، وأشباه ذلك؛ فهذه ليست من هذا الباب، فالله له أسماء تختصّ به، والمخلوق له أسماء تختصّ به، فالله سمّى نفسه: (الرؤوف، الرحيم) ، وقال عن نبيّه بأنّه: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} ، وسمّى نفسه بالعليم، ووصف وسمّى عبده {بِغُلامٍ عَلِيمٍ} وسمّى نفسه بالحليم، وسمّى عبده: {بِغُلامٍ حَلِيمٍ} ، فهذه أشياء مشتركة يجوز أن يسمّى بها المخلوق، ولكن يُعلم أنّها ليست كأسماء الله سبحانه وتعالى.
وقال في ص184: أما الأسماء التي يُسمّى بها المخلوق ويسمّى بها الخالق مثل: الملِك، والعزيز، وأشباه ذلك؛ فهذه ليست من هذا الباب، فالله له أسماء تختصّ به، والمخلوق له أسماء تختصّ به، فالله سمّى نفسه: (الرؤوف، الرحيم) ، وقال عن نبيّه بأنّه: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} ، وسمّى نفسه بالعليم، ووصف وسمّى عبده {بِغُلامٍ عَلِيمٍ} وسمّى نفسه بالحليم، وسمّى عبده: {بِغُلامٍ حَلِيمٍ} ، فهذه أشياء مشتركة يجوز أن يسمّى بها المخلوق، ولكن يُعلم أنّها ليست كأسماء الله سبحانه وتعالى.