قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في شرحه لكتاب التوحيد(2/60-65): التوكل
هو:
التفويض،
فالتوكل على الله:
تفويض
الأمور إليه سبحانه، وهو من أعظم أنواع
العبادة.
لَمّا
كان التوكل على الله عبادةً لله عزّ وجلّ
وجب إخلاصه لله وترك التوكُّل على مَن
سواه، لأن العبادة حقٌّ لله، فإذا صُرفت
لغيره صار ذلك شركاً، فالتوكلُّ
على الله وحده توحيد، والتوكُّل على غيره
شرك.
قال تعالى: {وَعَلَى
رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}
قدم
المعمول وهو الجار والمجرور على
العامل وهو {يَتَوَكَّلُونَ}
ليُفيد
الحصر، وبيان أن التوكّل عبادة يجب إفراد
الله سبحانه وتعالى فيها، ولا يجوز
التوكُّل على غير الله.
وقد
جعل سبحانه التوكل شرطاً في صحة الإيمان؛
فقال:
{وَعَلَى
اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ
مُؤْمِنِينَ}
،
فمن توكّل على غير الله فليس بمؤمن.
وقوله
تعالى:
{وَمَنْ
يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} أي:
يفوِّض
أمره إلى الله ويعتمد على الله فإن الله
حسبه، أي:
كافيه
جميع الأمور.
أما
من لم يتوكّل على الله فإن الله يَكِلُه
إلى من اعتمد عليه كما في الحديث:
"من
تعلّق شيئاً وُكِل إليه"؛
فمن تعلّق بالله كفاه، ومن تعلّق بغيره
خذله الله ووكله إلى ضعيف.
فهذا
فيه:
ثمرة
التوكُّل على الله سبحانه وتعالى، وأن
الله يكفي من توكّل عليه، ومن كان الله
كافيه فإنه هو الرابح والمفلح في الدنيا
والآخرة، ولا يخاف من غيره أبداً، إنما
يخاف من الله سبحانه وتعالى.
وعن
ابن عبّاس قال:
{حَسْبُنَا
اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}
،
قالها إبراهيم عليه السلام حين أُلْقيَ
في النار. وقالها
محمدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
حين قالوا له:
{إِنَّ
النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ
فَزَادَهُمْ إِيمَاناً}
الآية"
هذه
كلمة عظيمة قالها الخليلان:
إبراهيم
ومحمد-
صلى
الله عليهما وسلم- في
أضيق الأحوال وأحرج المواقف، وهكذا
الأنبياء عند تأزُّم الأمور؛ لا يعتمدون
إلاَّ على الله سبحانه وتعالى، ولا يلجئون
إلاَّ إليه، وتزيد رغبتهم في الله عند
الشدائد، ويُحسنون الظن بالله سبحانه
وتعالى دائماً وأبداً.
فالأنبياء
وأتباعهم لا يعتمدون إلاَّ على الله،
خصوصاً عند المضائق وتأزُّم الأمور؛
يتوكّلون على الله ولا يضعُفون أو يخضعون
لغير الله سبحانه وتعالى، أو يتنازلون
عن شيء من عقيدتهم ودينهم أبداً.