قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في شرحه لكتاب التوحيد(2/133): الرّشوة
مثلّث الرّاء، يقال:
رِشوة،
ورَشوة، ورُشوة، هي:
ما
يدفعه أحدُ الخصمين للحاكم من أجل أن يقضي
له، وما يدفعه للموظّف أحدُ المراجعين
من أجل أن يقدِّم معاملته على معاملة غيره
من المستحقِّين، أو من أجل أن يعطيه ويحرِم
المستحقِّين، أو من أجل أن يعطيه حقّه
الذي ليس فيه ضرر على أحد، فهذه رشوة،
سواء كانت للقاضي في المحكمة، أو كانت
لموظّف في أحد الدوائر الحُكوميّة، من
أجل أن يتلاعب بحقوق المراجعين، ويقدِّم
من لا يستحقّ التقديم، ويؤخّر من يستحقّ
التقديم، أو يعطي من لا يستحقّ، ويحرِم
المستحقّ في الوظائف أو في أيّ شيء من
المراجَعات.
والرّشوة
سُحْتٌ:
قال
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"لعن
الله الراشي والمرتشي"
الراشي
هو:
الذي
يدفع الرّشوة، والمرتشي هو:
الذي
يأخُذ الرشوة، وقد سمّاها الله سُحْتاً
في قوله عن اليهود:
{أَكَّالُونَ
لِلسُّحْتِ}
،
والمراد بالسُّحت:
الرّشوة،
لأنّ الرشوة تُفسد المجتَمَع، فتفسد
الحُكّام، والقُضاة، والموظّفين، وتضرّ
أهل الحق، وتقدِّم الفُسّاق، ويحصُل بها
خللٌ عظيم في المجتمع.
فالرشوة
وَباءٌ خطير، إذا فَشَتْ في المجتمع خَرب
نظامُه، واستطال الأشرار على الأخيار،
وأُهين الحقّ، فهي سُحْتٌ وباطلٌ، وهي
من أعظم الحرام-
والعياذ
بالله-
قال
الله سبحانه وتعالى:
{وَلا
تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ
بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى
الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً
مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْأِثْمِ
وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (188)
} قيل:
هذه
الآية نزلت في الرّشوة التي تُدفع للحُكّام
من أجل أكل أموال النّاس بالباطل، سُمِّيت
رشوة؛ مأخوذة من الرِّشاء وهو الحبل الذي
يُتَوَصِّل به إلى استنباط الماء من
البئر، فكأن مقدِّم الرشوة يريد سحب الحكم
أو جذب الحكم لنفسه دون غيره، من ذلك سمّيت
رشوة.