قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في شرحه لكتاب التوحيد(2/79-80): الصبر
لغة:
الحبْس،
قال الله تعالى لنبيه:
{وَاصْبرْ
نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ
رَبَّهُمْ}
أي:
احبسها
مع هؤلاء.
وأما
في الشرع فالصبر هو:
حبس
النفس على طاعة الله سبحانه وتعالى وترك
معصيته.
وذكر
العلماء:
أن
الصبر له ثلاثة أنواع:
صبرٌ
على طاعة الله، وصبرٌ عن محارم الله،
وصبرٌ على أقدار الله المؤلِمة.
فالأول:
صبرٌ
على طاعة الله:
بأن
يؤدي الإنسان ما أمر الله تعالى به؛ وإن
كان فيه مشقّة عليه، وإن كانت نفسه تريد
الراحة؛ فإنه يصبر، فيقوم للصلوات الخمس،
ويقوم لصلاة الفجر ويترك النوم، ويقوم
لصلاة الليل ويترك النوم، ويصوم ويترك
الطعام والشراب، ويترك الأهل؛ طاعة لله
سبحانه وتعالى، ويجاهد في سبيل الله ويصبر
على الجراح وعلى الآلام وعلى ملاقاة
الأعداء، ويصبر على طاعة الله سبحانه
وتعالى، لأن الطاعة لابد فيها من تعب.
الثاني:
صبرٌ
عن محارم الله:
فيتجنّب
ما نهى الله تعالى عنه، والنفس تنازعه
تريد الشهوات المحرَّمة، فهو يصبر على
حبسها عنها وإمساكها عنها، وإن كانت
تنازعه
وتدعوه، وكذلك شياطين الإنس والجن يدعونه
ويرغِّبونه ويحسِّنون له القبيح، لكن
يمسك نفسه ويحبسها عن محارم الله.
والثالث:
صبرٌ
على أقدار الله المؤلِمة:
فإن
أصابه مرض أو أصابته مصيبة في ماله أو
ولده أو في قريبه فإنه يصبر ولا يجزع.
هذا
من الإيمان بالله، قال تعالى:
{وَبَشِّرِ
الصَّابِرِينَ *
الَّذِينَ
إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا
إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ
رَاجِعُونَ (156)
} ،
يعرفون أن هذا من الله، وأنه بقضاء الله
وقدره؛ فلا يجزعون ولا يتسخّطون.
أما
أقدار الله غير المؤلمة التي تلائم النفس
فهذه لا تحتاج إلى صبر، لأن النفس تميل
إليها.
وهذا
النوع الأخير-
الصبر
على أقدار الله المؤلمة-
ذكروا
أنه ثلاثة أنواع -
أيضاً-:
النوع
الأول:
حبس
النفس عن الجزع.
والنوع
الثاني:
حبس
اللسان عن التشكِّي لغير الله سبحانه
وتعالى.
والنوع
الثالث:
حبس
الجوارح عن لطم الخدود وشقِّ الجيوب.
ويقول
أمير المؤمنين علي رضي الله عنه:
"الصبر
من الدين بمنزلة الرأس من الجسد؛ فلا
إيمان لمن لا صبر له"،
ويقول الإمام أحمد رحمه الله:
"وجدت
أنّ الله ذكر الصبر في القرآن في تسعين
موضعاً"؛
مما يدلّ على أهميّته، وعلى عِظَم شأنه.
فالصبر
له مقامٌ عظيمٌ في الدين، ولابد للمؤمن
من الصبر لِمَا يواجه في هذه الحياة من
المشاكل ومن المشاق والصعوبات لكنه يصبر
عليها طاعة لله سبحانه وتعالى.