الاثنين، 23 ديسمبر 2013

يجب على المؤمن أن يكون معتدلاً بين الخوف والرجاء، لا يرجو فقط حتى يأمن من مكر الله، ولا يخاف فقط حتى ييأس من رحمة الله

قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في شرحه لكتاب التوحيد(2/73-74): يجب الجمع بين الرجاء والخوف، بأن يكون خائفاً راجياً، لا يكون خائفاً فقط، لأن هذا يقنِّطه من رحمة الله سبحانه وتعالى، ولا يكون راجياً فقط، لأن هذا يؤمِّنه من مكر الله؛ فإذا خاف الإنسان وقنِط من رحمة الله لم يتب، وإذا أمِن من مكر الله فإنه لا يترُك المعاصي بل يزيد منها.
ولهذا يقول العلماء: "من عبد الله بالخوف فقط فهو حروري"، يعني: من الخوارج، لأن الخوارج وعيديّة يأخذون بآيات الوعيد -والعياذ بالله-، ويخرجون العاصي من الإسلام ويخلِّدونه في النار، وهذا يأس من رحمة الله، نسأل الله العافية.
"ومن عبد الله بالرجاء فقط فهو مرجئ" لأن المرجئة هم الذين يقولون: لا يضر مع الإيمان معصية، كما لا ينفع مع الكفر طاعة، فطريقة الخوارج فيها يأسٌ من رحمة الله، وطريقة المرجئة فيها أمنٌ من مكر الله.
أما أهلُ السنّة والجماعة فإنهم يجمعون بين الخوف من عذاب الله، مع رجاء رحمة الله؛ فالخوف يمنعهم من المعاصي، ورجاء رحمة الله يحملهم على التوبة والاستغفار والندم على ما حصل منهم؛ هذه طريقة أهل السنّة والجماعة وكما قال الله تعالى في الأنبياء: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} {رَغَباً وَرَهَباً} الرغب هو الرجاء، والرهب هو الخوف؛ يعني: يجمعون بين الخوف والرجاء، وكما في قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً (57) } ، {وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} يجمعون بين الأمرين بين الخوف والرجاء.
قال أهل العلم: "فيجب على المؤمن أن يكون معتدلاً بين الخوف والرجاء، لا يرجو فقط حتى يأمن من مكر الله، ولا يخاف فقط حتى ييأس من رحمة الله، بل يكون معتدلاً".
ويقولون: "الخوف والرجاء للمؤمن كجناحي الطائر، إذا اعتدلا استطاع الطيران في الجو، وإذا اختلّ واحدٌ منهما سقط فلا يستطيع الطيران"، كذلك المؤمن، إذا تعادل فيه الخوف والرجاء استطاع السير إلى الله سبحانه وتعالى، وإذا اختلّ أحدُ الركنين اختلّ إيمانه.