قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في شرحه لكتاب التوحيد(2/49-51): الخوف
من الله هو أحد ركائز العبادة، والخوف
ثلاثة أنواع:
النوع
الأول:
خوف
السر وهو الخوف الذي يكون معه عبادة لغير
الله أو ترك لما أوجب الله.
ومعناه:
أن
يخاف الإنسان من غير الله من الأصنام
والأوثان وما عُبد من دون الله، من القبور
والأضرحة، أو يخاف الشياطين والجن،
ويتقرّب إليهم بما يحبون من الشرك بالله
من أجل أن يسلَم من شرهم، فهذا شركٌ أكبر
يُخرج من الملّة.
فالمؤمن لا يخاف هذه المعبودات
أبداً، لا يخاف من الأصنام، لا يخاف من
القبور والأضرحة التي تُعبد من دون الله،
لا يخاف من الشياطين والجن أن تصيبه إلاَّ
بإذن الله سبحانه وتعالى، وكذلك الخوف
من كل مخلوق أن يصيبه بما لا يقدر عليه
إلاَّ الله سبحانه وتعالى من الإصابة
بالمرض، أو قطع الرزق، أو غير ذلك، وهذا
أحد أنواع الشرك الأكبر.
والآن
عُباد القبور يهددون النّاس بهذه الأضرحة،
ويقولون:
الولي
الفلاني يصيب من لم يخضع له ويعبده، يصيبه
في نفسه أو في ولده، ثمّ الجهال ينخدعون
بهذا التخويف، ويتقرّبون إلى هذه القبور
وهذه الأضرحة بما يُطلب منهم، وغرض عُبّاد
القبور والسَّدَنة:
أكل
أموال النّاس بالباطل، يهدِّدون النّاس
إذا لم ينذروا لهذه القبور ولم يقرِّبوا
لها شيئاً من الأموال، فأنها تصيبهم، أو
تصيب زروعهم، أو تُصيب حروثهم، أو أولادهم،
ثمّ الجهال يتقرّبون إلى هذه الأضرحة
بأموالهم، ثمّ يأخذها هؤلاء السدنة وهؤلاء
القائمون على هذه الأوثان ويقتسمون هذه
الأموال، فالشر
باقٍ من قديم الزمان إلى آخر الزمان،
وطريقة المشركين واحدة.
وأما
أهل الإيمان فإنهم لا يخافون إلاَّ الله
تعالى، لأنه هو الذي يملك النفع والضر،
وهو الذي بيده الأمور، وأنه لا يصيب المؤمن
إلاَّ ما قدّره الله له {قُلْ
لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللهُ
لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللهِ
فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51)
} .
النوع
الثاني من أنواع الخوف المذموم:
أن
يترك الإنسان ما أوجب الله عليه من الدعوة
إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر خوفاً من النّاس أن يؤذوه أو
يضايقوه أو يعذِّبوه فيترك الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله وبيان
الحق خوفاً من النّاس، فهذا شركٌ أصغر،
وهو محرّمٌ، وقد جاء في الحديث:
"أن
الله يحاسب العبد يوم القيامة:
لِمَ
لَمْ تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟.
فيقول:
يا
رب خشيتُ النّاس، فيقول:
إيّايَ
أحقُّ أن تخشى(1)
". ونعني
بذلك:
القادر
على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
والقادر على الدعوة إلى الله، أما الذي
لا يقدر -أو
ليس عنده استطاعة-
فهذا
معذور.
النوع
الثالث:
الخوف
الطبيعي، الذي ليس معه عبادة للمخوف ولا
ترك لواجب.
كأن
يخاف الإنسان من العدو، أو من السَّبُع،
أو من الحيَّة، ويخاف الإنسان من أعدائه،
أو يخاف من السّباع، أو يخاف من الهوام،
فهذا الخوف خوفٌ طبيعي لا يُلام عليه
الإنسان لأنه ليس عبادة وليس تركاً لواجب،
ولا يُؤاخذ عليه الإنسان.
وموسى
عليه السلام لَمّا تآمر عليه الملأ ليقتلوه
وأُنذر أن يخرج من البلد {فَخَرَجَ
مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ
رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ
(21)
} .
____________________
(1):
قال
الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الضعيفة(6872):
ضعيف.وقال
بعدما ذكر العلة:
والمحفوظ
في هذا الباب عن أبي سعيد مرفوعاً بلفظ "لا
يمنعن أحدكم مخافة الناس أن يتكلم بحق
إذا علمه ".