قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في شرحه لكتاب التوحيد(2/52-53): قال
تعالى:
{فَلا
تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ
مُؤْمِنِينَ}
لا
تخافوا من الكفّار بل توكلوا على الله،
وخافوا من الله، وفي الأثر:
"من
خاف الله خافه كلُّ شيء، ومن خاف غير الله
أخافه من كلُّ شيء".
{فَلا
تَخَافُوهُمْ}
هذا
نهيٌ من الله سبحانه وتعالى عن خوف أولياء
الشيطان، ثمّ أمر بخوفه وحده سبحانه
وتعالى.
ومن
خاف الله فإن الله يكفيه ويعينه وينصره
خلاف العكس:
من
خاف غير الله وترك طاعة الله من أجل خوف
النّاس فإن الله يسلِّط عليه، فالواجب
على المسلمين الصادقين
في إيمانهم:
أن
لا يخافوا إلاَّ الله سبحانه وتعالى، وأن
لا يخافوا من أعدائهم بل يخافون من ربهم
ويخافون من ذنوبهم، أما الكفار وغيرهم
فإنهم عبيد، نواصيهم بيد الله سبحانه
وتعالى، هو الذي يسلِّطهم، وهو الذي
يكفُّهم فنحن لا نخاف من الكفار، وإنما
نخاف من الله، ونخاف من عواقب الذنوب،
فإذا خِفْنا الله وأصلحنا أعمالنا فإنّ
أحداً لن يضرّنا إلاَّ بإذن الله سبحانه
وتعالى.
وليس
معنى ذلك:
أن
المسلمين لا يخافون من شر الكفّار ويتركون
الأخذ بالأسباب الواقية، بل عليهم أن
يستعدوا بالسلاح والقوّة والعُدّة التي
يُرهبون بها عدو الله وعدوهم، قال تعالى:
{وَأَعِدُّوا
لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ
وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ
بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ}
،
وأمر الله المسلمين في صلاة الخوف أن
يحملوا معهم السلاح وهم في الصلاة، من
أجل أن يدافعوا عن أنفسهم:
{وَإِذَا
كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ
الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ
مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ
فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ
وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ
أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا
مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ
وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ
كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ
أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ
فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً
وَاحِدَةً}
،
وقال تعالى:
{وَخُذُوا
حِذْرَكُمْ}
،
فالحِذْر وإعداد العُدّة للعدو أمرٌ
مطلوب، إنما الممنوع:
أن
نخافهم الخوف الذي يمنعنا من الجهاد في
سبيل الله ومن إعداد العدة، ومن الدعوة
إلى الله، هذا هو الممنوع.