قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في شرحه لكتاب التوحيد(2/48) وعند شرحه على قول المؤلف: قال
ابن عباس في قوله تعالى:
{وَتَقَطَّعَتْ
بِهِمُ الْأَسْبَابُ}
قال:
"المودّة": هذه
نهاية مَنْ عَبَد غير الله يوم القيامة، فَعَبَدَةْ غير الله في الدنيا يحبون ما عبدوه كما
قال تعالى:
{وَمِنَ
النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ
اللهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ
اللهِ}
،
وكذلك التابعون في الدنيا يحبون المتبوعين
على الضلالة، فتوجد المحبة بين الكفار
بعضهم مع بعض، وبين المشركين ومعبوداتهم
في الدنيا، لكن يوم القيامة تنعكس الأمور،
وتصير هذه المحبة عداوة كما قال تعالى:
{الْأَخِلَّاءُ
يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ}
يعني:
يوم
القيامة، {إِلَّا
الْمُتَّقِينَ}
فلا
يبقى إلاَّ المحبة التي كانت في الله
ولله هي التي تبقى يوم القيامة:
{إِخْوَاناً
عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ}
،
ويقول إبراهيم -
عليه
الصلاة والسلام-
للمشركين
يحذِّرهم:
{إِنَّمَا
اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثَاناً
مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ
بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْوَاكُمُ
النَّارُ}
فهم
يوم القيامة يتلاعنون ويتباغضون، لأنهم
يقولون لمن أضلوهم أنتم السبب في إضلالنا
وإغوائنا وصرفنا عن دين الله.
أما
محبة المؤمنين بعضهم لبعض من أجل الإيمان
والموالاة في الله والمعاداة في الله
فإنها تبقى، بل تزيد يوم القيامة، وتستمرُّ
إلى أبد الآباد {وَنَزَعْنَا
مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً
عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (47)
} .
فدلّت
هذه الآية على أن المحبة التي لغير الله
أنها تزول يوم القيامة، وتنقلب عداوة،
وأن محبة التابعين على الضلال لأتباعهم
وقادتهم ورؤسائهم تنقلب عداوة يوم القيامة
فيما بينهم ويتلاعنون ويتلاومون فيما
بينهم، من باب التحسُّر-
والعياذ
بالله-
والتألُّم.