الأحد، 15 ديسمبر 2013

المراد بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا نوء ولا غول"

قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في شرحه لكتاب التوحيد(2/10-11) وعند شرحه على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أخرجه مسلم:"ولا نوء، ولا غول":
النوء المراد به: أحد الأنواء، وهو: النجم، لأنهم كانوا يعتقدون أنّ نزول الأمطار وهُبوب الرياح بسبب طلوع النجوم، ويُسندون هذا اإلى النجوم والكواكب، وهذا من اعتقاد الجاهلية، لأن نزول الأمطار وحصول الرياح وغير ذلك إنما هو بقضاء الله وقدره، أما هذه النجوم وهذه الكواكب فإنها لا تُحْدِثُ شيئاً، نعم، وقت طلوع النجم وقت للمطر بإذن الله، أو هبوب الرياح، هذا من ناحية الوقت لا من ناحية الخلق والإيجاد، فهي لا توجِد ولا تسبب ولا تحدِث، ولكن يكون طلوعها وقتاً لنزول الأمطار إذا شاء الله، وقد يطلع النجم ولا يحصل مطر، وهذا راجع إلى مشيئة الله وقدره، فقد يكون هناك مواقيت للأمطار ولا ينزل مطر، قد يكون هناك مواقيت لهبوب الرياح ولا تهب الريح لأن هذا بيد الله سبحانه وتعالى، وكم من بلاد كانتْ تنزل عليها الأمطار صيفاً وشتاءً، وامتنع عنها المطر وأجدبتْ، كما تسمعون الآن بما يسمونه بالجفاف في بلاد كانتْ تدوم عليها الأمطار، فإذا أراد الله مَنَعَه وحَبَسَهُ منعه وحبسه، وبلاد مجدبة قاحلة يابسة يسوق الله إليها المطر فتمطر فتهتز بالنبات والزهور، هذا بيد الله سبحانه وتعالى، فنزول المطر لا تصرُّف لأحد فيه لا النجوم ولا غير النجوم.
ولَمّا صلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة الفجر بأصحابه يوم الحديبية على إِثر سماء كانت من الليل قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أتدرون ماذا قال ربكم؟ "، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: "قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مُطرنا بفضل الله ورحمته؛ فذلك مؤمنٌ بي كافرٌ بالكوكب. وأما من قال: مُطرنا بنوء كذا وكذا؛ فذاك كافرٌ بي مؤمنٌ بالكوكب"، فالذي ينسب الأمطار إلى الكواكب أو الأنواء مشركٌ بالله.
أما الذي يقول: إن الأنواء وقت للأمطار، فلا شيء فيه، لأن الله جعل للأشياء مواقيت، قد تحصل في هذه المواقيت وقد لا تحصل.
وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ولا غول" - بضم الغين-: أحد الغيلان، والغيلان من أعمال شياطين تتشكّل أمام النّاس في الفلوات، خصوصاً إذا استوحش الإنسان تتشكّل أمامه أشياء تضله عن الطريق، إما بأنْ يرى أمامه ناراً تتنقّل، أو أصواتاً يسمعها، أو غير ذلك، ولهذا يقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا تغوّلت الغيلان فبادروا بالأذان"(1) بمعنى: أنه إذا تغوّل الغول أمامك فبادر إلى ذكر الله، فإن ذكر الله يطرد الشيطان، فإذا ذكرت الله أو تلوت القرآن ذهب عنك هذا العمل الشيطاني.
فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نفى هذا- أيضاً-.
وكانوا في الجاهلية يعتقدون في هذه الغيلان أنها تُحدِث لهم شرًّا، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نفى هذا، وقال: لا أصل لها، وهي أعمال شيطانية لا تضر أحداً إلاَّ بإذن الله، وذكر لها علاجاً شافياً وهو: ذكر الله.
__________________
(1): قال الإمام الألباني في السلسلة الضعيفة رقم 1140:ضعيف. وقال: له شاهد واهٍ جداً.