قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في شرحه لكتاب التوحيد(2/13-14): قد يقع
في قلوبنا شيء من الطَيرة، فإذا رأى
الإنسان شيئاً يكرهه يقع في نفسه شيء،
لأنه لا يقدر على ردِّ هذا، وهذا لا يؤاخذ
عليه الإنسان، كما قال صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"إن
الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما
حدَّثتْ بها أنفسها ما لم تتكلّم أو تعمل"،
فكونه يقع في نفس الإنسان شيءٌ إذا رأى
شيئاً يكرهه، أو يخاف شيئاً ثمّ لا يتأثر
ولا يتصرّف تصرُّفاً يخالف ما شرعه الله؛
لا يؤاخذ على هذا.
"ولكن
الله يُذهبه بالتوكُّل" كما قال ابن مسعود.
هذا
هو العلاج، فالمؤمن يتوكل على الله ولا
يضره ما وقع في نفسه، ويذهب بإذن الله إذا
توكّل على الله.
فهذا ما تُعالجَ به الطيَرة أيضاً(1) وهو:
التوكُّل
على الله سبحانه وتعالى،
ثم المُضي وعدم التردُّد، فإن تأثر
بالطيَرة التي وقعتْ في نفسه وقعد عن
الخروج، أو فرّ من المكان الذي تطيّر منه؛
فهذا هو الطيَرة المذمومة، لأنها أثّرْت
فيه فمضى أو رجع.
وقال في ص14: بيّن صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما تُعالجَ به الطيَرة، وهو ثلاثة أمور:
وقال في ص14: بيّن صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما تُعالجَ به الطيَرة، وهو ثلاثة أمور:
الأمر
الأول:- وهو
الأصل-:
التوكُّل
على الله سبحانه وتعالى، وأنه لا يأتي
بالخير ولا يدفع الشر إلاّ هو سبحانه
وتعالى، وهو الذي يأتي بالخير ويدفع الشر،
وهو الذي يضرُّ وينفع، وهو الذي يتصرف في
الكون فإذا توكّل على الله فإن الطيرة لا
تضره.
الأمر
الثاني:
أنْ
يمضيَ في حاجته التي أرادها، ولا يرجع
عنها بسبب الطيَرة.
الأمر
الثالث:
الدعاء،
بأن يدعوَ الله بالدعاء الذي أرشد إليه
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وهو أن يقول:
"اللهم
لا يأتي بالحسنات إلاَّ أنت، ولا يدفع
السيّئات إلاَّ أنت، ولا حول ولا
قوة إلاَّ بك"
وهذا
دعاءٌ عظيم، فيه توكُّل على الله، وفيه
اعتراف بأن الذي يأتي بالحسنات ويدفع
السيّئات هو الله تعالى وليست الطيَرة،
وأنه لا حول ولا قوة إلاَّ بالله، لا أحد
يحوِّل من حال إلى حال إلاَّ الله سبحانه
وتعالى، ولا أحد يقوى على شيء إلاَّ بقوة
الله سبحانه وتعالى.
_______________
(1): أورد المصنف رحمه الله في هذا الباب الحديث التالي: ذُكرت
الطيرة عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال:
"أحسنها
الفأل، ولا ترد مسلماً، فإذا رأى أحدكم
ما يكره فليقل:
اللهم
لا يأتي بالحسنات إلاَّ أنت، ولا يدفع
السيئات إلاَّ أنت، ولا حول ولا قوة إلاَّ
بك". قال العلامة الألباني رحمه الله في الضعيفة: ضعيف الإسناد.
قلتُ:وله شاهد يرتقي به للحسن إن شاء الله، أورده أبو داود في المراسيل:عن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَابِطٍ
الْجُمَحِيُّقَالَ:
قَالَ
رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ:
" إِنَّهُ
لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ إِلَّا سَتَدْخُلُ
قَلْبَهُ طِيَرَةٌ، فَإِذَا أَحَسَّ
ذَلِكَ فَلْيَقُلْ:
أَنَا
عَبْدُ اللَّهِ، مَا شَاءَ اللَّهُ، لَا
قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، لَا
يَأْتِي بِالْحَسَنَاتِ إِلَّا اللَّهُ،
وَلَا يَذْهَبُ بِالسَّيِّئَاتِ إِلَّا
اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى
كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، ثُمَّ يَمْضِي
لِوَجْهِهِ