الأحد، 15 ديسمبر 2013

الأعمال لا تصح إلاَّ بشرطين: الشرط الأول: الإخلاص لله عز وجل. الشرط الثاني: المتابعة للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في شرحه لكتاب التوحيد(1/45-46): العبادة كما أنها لا تكون عبادة إلاَّ مع التّوحيد، كذلك لا تكون عبادة إلاَّ إذا كانت موافقة لما شرعه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فالعبادة وسائر الأعمال لا تصح إلاَّ بشرطين:
الشرط الأول: الإخلاص لله عز وجل.
الشرط الثاني: المتابعة للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فلو أن الإنسان جاء بعبادات مُحْدَثة ليس فيها شرك أبداً كلها خالصة لله، ولكنها ليست من شريعة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهي بدع مردودة لا تُقبل، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رَدْ" وفي رواية: "من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رَدْ"، فالعبادة لا تكون عبادة إلاَّ بشرطين: الإخلاص لله عز وجل، والمتابعة للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذا هو معنى الشهادتين: شهادة أن لا إله إلاَّ الله، فمعناها: الإخلاص لله عز وجل، وشهادة أن محمداً رسول الله ومعناها: المتابعة للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فالعبادات لا يصلح أن يكون فيها شيء من الاستحسانات البشريّة، أو استدراكات العقول، أو غير ذلك، مهما حسُنت نية الفاعل ما دام أنه بدعة: فلو أن إنساناً- مثلاً- قال: الصلوات خمس،
أنا أريد زيادة خير، أصَلِّي فريضة سادسة، زيادة خير، نقول: لا، هذا باطل، لأن هذا شيء لم يَشْرعه الله ولا رسوله، وإن كان قصدك حسناً، فهو عمل مردود وباطل، ولهذا لما جاء ثلاثة نفر من الصحابة إلى بيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسألون عن عبادة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أجل أن يقتدوا به، فذكر أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهؤلاء الرَّهْط عبادة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكأنهم تقالُّوها، ولكن اعتذروا بأن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر، وقالوا: أين نحن من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فقال أحدهم: أنا أصلي ولا أنام، وقال الآخر: أنا لا أتزوج النساء- يعني: يريد التَّبَتُّل -، وقال الثالث: أنا أصوم ولا أُفطر،- وفي رواية: ولا آكل اللحم-، فلما بلغ ذلك رسول الله غضب غضباً شديداً، وقال: "أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أما والله إني لأعلمكم بالله وأتقاكم له وأخشاكم له، وإني أصلي وأنام، وأصوم وأُفطر، وأتزوج النساء، ومن رغب عن سنتي فليس مني"، وهكذا، فالعبادة لابد أن تكون مطابقة لما جاء به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليس فيها بدع، ولا خرافات، ولا محدثات، ولا استحسانات للعقول، أو اقتداء بفلان أو علاَّن، ما دام أن هذا المُقتدى به ليس متبعاً للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فليس بقدوة، هذه هي العبادة، ولهذا يقول العلامة ابن القيّم رحمه الله في "النونية":
حق الإله عبادة بالأمر لا ... بهوى النفوس فذاك للشيطان
حق الإله عبادة بالأمر، يعني: بالشرع، فالأمر المراد به: الشرع؛ فلا تحدث شيئاً من عندك.
لا بهوى النفوس فذاك للشيطان، فالذي يعبد الله باستحسان عقله، وشهوة نفسه بشيء لم يَشرعه الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليس عابداً لله، وإنما هو عابد للشيطان، لأنه هو الذي أمره بذلك، فالشيطان يأمر بالبدع والخرافات.
وقال في موضع آخر:
وعبادة الرحمن غاية حُبّه ... مع ذُلِّ عابده هما قُطْبان
وعليهما فَلَك العبادة دائر ... ما دار حتى قامت القُطْبان
ومداره بالأمر أمر رسوله ... لا بالهوى والنفس والشيطان
هكذا تكون العبادة، لابد أن تكون العبادة خالصة لوجه الله عز وجل، ليس فيها شرك، وأن تكون- أيضاً- على وفق ما جاء به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تماماً ليس فيها بدعة.