قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في شرحه لكتاب التوحيد(1/330): قال تعالى: {
أَلَمْ
تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً
مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ
وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ
كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ
آمَنُواْ سَبِيلاً }
[ النساء/51]:
في
الآية دليل على أن الموافقة لهم(1) في الظاهر
تسمّى إيماناً ولو
لم يوافقهم في الباطن، لأن اليهود لما
قالوا لكفّار قريش:
أنتم
أهدى من الذين آمنوا سبيلاً(2).
هم
في الباطن يعتقدون بُطلان هذا الكلام،
لكنهم وافقوهم في الظاهر ليحصلوا على
مناصرتهم لهم، ومع هذا سمّى الله هذا
إيماناً بالجبت والطاغوت.
فالذي
يمدح الكفر والكفار ولو بلسانه، ويفضّل
الكفر والكفار على المؤمنين؛ يُعتبر
مؤمناً بالجبت والطاغوت، ولو كان قلبه
لا يوافق على هذا؛ ما لم يكن مُكرهاً،
ففيه رد على مرجئة هذا العصر الذين يقولون:
إن
من تكلم بكلام الكفر لا يكفر حتى يعتقد
بقلبه صحة ما يقول.
وهذه
دقيقة عظيمة ذكرها الشَّيخ في المسائل،
وهي عظيمة جداً.
(1): أي لليهود.
(2): سبب
ذلك:
أن
الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لما هاجر إلى المدينة، وبايعه الأنصار
من الأوس والخزرج، وصارت للمسلمين دولة
عظيمة في المدينة، اغتاظ اليهود كانوا
في المدينة من المسلمين، وضاقوا بهم
ذرعًا، فذهب كعب بن الأشرف وحيّي بن أخطب
إلى المشركين في مكة يستنجدونهم على قتال
الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وأصحابه، فانتهز المشركون الفرصة وقالوا:
أنتم
أهل كتاب، تعرفون الحق من الباطل، بينوا
لنا أنحن أهدى أم محمّد؟، فقالوا:
وما
أنتم وما محمّد؟ يعني:
بينوا
لنا صفتكم وصفة محمّد-،
قالوا:
محمَّد
صنبور مبتور، قطّع أرحامنا وسب آلهتنا.
ونحن
نذبح الكوم، ونطعم الحجيج، ونسقي الحجيج،
ونفك العاني، ونصل الأرحام.
يصفون
أنفسهم بهذه الصفات.ومحمد
قطع أرحامنا، وتبعه سراق الحجيج من غفار.قالوا:
أنتم
خيرٌ وأهدى سبيلاً.