قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في شرحه لكتاب التوحيد(1/346): الكاهن
هو:
الذي
يخبر النّاس عن المُغَيّبات، بسبب أنه
يسأل الشياطين، وتُخبره الشياطين عن
الأشياء الغائبة، والأشياء المسروقة
والمفقودة، والأشياء البعيدة، فهو يخبر
الناس، فيظنون أن هذا الكاهن يعلم الغيب،
وهو ليس كذلك، لا يعلم الغيب، وإنما أخبرته
الشياطين بأشياء غائبة، لأن الشياطين
لهم قدرة على الطيران السريع، والوصول
إلى الأمكنة البعيدة، حتى إنهم يصعدون
إلى السحاب، ويطيرون في الآفاق، فهم
يجوبون الآفاق بسرعة، فيأتون بالأخبار
ويُخبرون الكهّان، ويرون الأشياء المغيبة
في البيوت أو في الأمكنة، لأنهم يدخلون
بعض البيوت، وعندهم مقدرة ليست عند الإنس،
فإذا تقرّب إليهم الإنسي بما يريدون من
الشرك والذبح لغير الله والسجود لهم؛
فإنهم يخدمونه بما يريد، فيظن الإنس أن
هذا الكاهن عنده خبر من الغيب، وأنه له
خاصّية، والحقيقة أن هذا كله من الشيطان.
وكانوا
يحكِّمونهم في المنازعات والخصومات،
وكان عند كل حي كاهن، يعني:
عند
كل قبيلة كاهن يحكم بينهم.
فلما
جاء الإسلام أبطل الله ذلك كله، لكن لا
يزال عند بعض البوادي والجهّال نوع من
هذا الشيء، يسألون الكُهّان، ويحكّمونهم،
ويرجعون إليهم وقد جاء في الحديث:
"من
أتى كاهناً أو عَرَّافاً فصدّقه بما يقول
فقد كفر بما أُنزل على محمَّد صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"فلا يجوز الذهاب إلى الكُهَّان والمشعوذين والدجّالين لا للعلاج، ولا للسؤال عن الأشياء الضائعة، ولا الأشياء الغائبة، وهذا كفر بما أنزل الله سبحانه وتعالى، ولا يجوز إقرارهم وتركهم، بل يجب القضاء عليهم، وإراحة البلاد والعباد منهم، لأنهم دُعاة كفر وشرك، يُفسدون العقائد، ويأكلون أموال النّاس بالباطل ويُحدثون الشر في الأمة، فلا يجوز تركهم وإقرارهم، فضلاً عن الذهاب إليهم وتصديقهم فيما يقولون، إنما هذا من عادات الجاهلية كما قال جابر رضي الله عنه(1).
فالكُهَّان لا يأتون بالأخبار من عند أنفسهم، وإنما جاءتهم بها الشياطين؛ لما عبدوهم من دون الله، وأطاعوهم في معصية الله، وتقرّبوا إليهم بالعبادة.
_______________
(1): قال جابر: "الطواغيت: كُهَّان كان ينزل عليهم الشيطان، في كل حيٍّ واحد".