قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في شرحه لكتاب التوحيد(1/318): قال
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"لا
تجعلوا قبري عيداً"(1) أي:
مكاناً
للعبادة، تصلون عنده، وتدعون عنده،
وتترددون عليه.
وهذا
من حمايته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لجناب التّوحيد، فالعبادة لا تُشرع
عند القبور، لا قبور الأنبياء والرسل،
ولا قبور غيرهم من الأولياء والصالحين
أبداً، فالمقابر ليست محلاً للعبادة،
فمن تردد عليها، وجلس عندها، أو وقف عندها
للتبرك بها، أو للدعاء عندها، أو للصلاة
عندها أو سافر إليها فقد اتخذها عيداً
جاهليًّا وعيداً محرماً، ولهذا لما جاء
رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يسأله بأنه نذر أن ينحر إبلاً
ببوانة-
اسم
مكان-،
فقال له النبي صلى الله عليه وسل:
"هل
كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يُعبد؟
"
قالوا:
لا،
قال:
"هل
كان فيها عيد من أعيادهم؟ "
يعني:
مكان
لاجتماع أهل الجاهلية،
قالوا:
لا،
قال:
"فأوف
بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله،
ولا فيما لا يملكه ابن آدم"
والشاهد
منه:
أنه
قال:
"هل
كان فيها عيد من أعيادهم؟ "
يعني:
هل
هذا المكان الذي خصّصته هل كان الجاهليون
يخصّصونه؟، فدلّ على أن تخصيص مكان للعبادة
لم يخصصه الله ولا رسوله أنه من أعياد
الجاهلية، لا تجوز العبادة فيه أبداً،
ومن ذلك:
القبور،
فالتردد عليها، والجلوس عندها من أجل
التبرّك بتربتها، أو من أجل الدعاء عندها،
أو الصلاة عندها، كل هذا من اتخاذها عيداً،
وهو وسيلة من وسائل الشرك.
كما
هو واقع الآن عند الأضرحة مما لا يخفاكم،
وتسمعون عنه في البلاد الأخرى التي بُليت
بهذه الفتنة -والعياذ
بالله-،
ولم تجد من دعاة التّوحيد من يقوم بنصيحة
المسلمين عنها والأمر بإزالتها.
نرجو
الله أن يهيء للمسلمين من يقوم بإصلاح
عقيدتهم، وإزاحة هذه الفتنة العظيمة
عنهم، كما منّ على هذه البلاد-
ولله
الحمد-
بهذه
الدعوة المباركة التي أزاحت عنها هذه
الأوثان الجاهلية.
نسأل
الله أن يثبتنا وإياكم وإخواننا المسلمين
على هذا الدين، وأن يتم علينا هذه النعمة،
وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، وإلاَّ
فنحن معرضون للفتنة، ولا نزكي أنفسنا،
ولا نأمن أن نصاب بمثل ما أصيب به أولئك،
إذا تساهلنا وغفلنا وتركنا الدعوة إلى
الله وتركنا بيان التّوحيد والتحذير من
الشرك فإنه يدب إلينا ما وقع في البلاد
المجاورة لنا.
________________
(1):رواه أبو داود بإسناد حسن، ورواته ثقات.