الجمعة، 6 ديسمبر 2013

بيان الإشكال الذي لا يزال يتردد عند بعض الناس، أن مسجد الرسول مبني على القبر، فيجوزون البناء على القبور

قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في شرحه لكتاب التوحيد(1/291): الحكمة من دفنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بيته، وعدم دفنه في المقبرة العامة، أن ذلك لأجل الحفاظ على عقيدة المسلمين من الغلو في حقه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأن يُفعل عند قبره كما فُعل عند قبور الأنبياء والصالحين في بني إسرائيل، هذا هو بيان الحكمة.
وهذا فيه بيان الإشكال الذي لا يزال يتردّد عند بعض الناس، ويقولون: إن مسجد الرسول مبني على القبر، فهذا دليل على جواز البناء على القبور بزعمهم.
ونقول: إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يدفن في المسجد، وإنما دفن في بيته خارج المسجد، والحكمة في ذلك ما ذكرته أم المؤمنين أنه خشي أن يتخذ مسجداً، فالبيت منفرد عن المسجد، وفي معزل عن المسجد، وإنما أدخل البيت في المسجد بعد عهد الخلفاء الراشدين في وقت الوليد بن عبد الملك؛ لما أراد أن يوسع المسجد عمّم التوسعة من جهة المشرق، فأدخل حجرة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يكن هذا بمشورة أهل العلم، وإنما هذا عمل الخليفة بدون مشورة أهل العلم، ولكن مع هذا فالبيت لا يزال على شكله وحيازته، والمسجد لا يزال على وضعه والحمد لله، وما يحصل من النّاس الجهّال إنما يكون في مسجد الرسول وليس عند القبر، لأن القبر بعيد عنهم، ومَصُون عنهم، ولا يرونه، ولهذا لما دعا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ربه قال: "اللهم لا تجعل قبري وثناً يُعبد" استجاب الله دعاءه، فصانه في بيته، ولهذا يقول العلامة ابن القيم:
فأجاب رب العالمين دعاءه ... وأحاطه بثلاثة الجدران

يعني: صار القبر داخل الجدران، فلا يُرى أبداً، وذلك صيانة له عن الغلو - عليه الصلاة والسلام-.