قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في شرحه لكتاب التوحيد(1/70): يجب
الإيمان بجميع الرسل كما في قوله تعالى:
{وَالْمُؤْمِنُونَ
كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ
وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ
بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ}
،
فلا بد من الإيمان بجميع الرسل -
عليهم
الصلاة والسلام-،
ومن كفر بواحد منهم فقد كفر بالجميع،
فاليهود الذين يزعمون أنهم آمنوا بموسى
قد كفروا بموسى، لأنهم بكفرهم بمحمد
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كفروا
بموسى، لأن موسى أخبر ببعثة
محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كما هو موجود في التوراة التي جاء بها
موسى عليه السلام، كما قال تعالى:
{الَّذِينَ
يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ
الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً
عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ والإنجيل
يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ
عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ
الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ
الْخَبَائِثَ}
- كذلك
عيسى-
عليه
السلام أخبر بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وأمر بالإيمان به {وَإِذْ
قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي
إِسْرائيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ
إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ
يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً
بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ
أَحْمَدُ}
،
فعيسى عليه السلام بشّر بني إسرائيل بمحمد
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وهذا معناه:
أنه
أمرهم بالإيمان به، فالنصارى لما لم
يؤمنوا بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كفروا بعيسى، لأنه بشرهم بمحمد
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فمعنى
هذا:
أنهم
كذبوا نبيّهم عيسى الذي يزعمون أنهم آمنوا
به، والرسل كلهم يصدِّق بعضهم بعضاً،
ويؤمن بعضهم ببعض، فالرسل-
عليهم
الصلاة والسلام-
سلسلة
واحدة من أولهم إلى آخرهم، أولهم يُبشر
بلاحقهم ومتأخرهم، وآخرهم يصدِّق بأولهم
ويؤمن بأولهم، فهم سلسلة واحدة، ولهذا
يقول جل وعلا في سورة الشعراء:
{كَذَّبَتْ
قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (105)
} مع
أنهم ما كذبوا إلاَّ نبيهم فقط، لكن لما
كذبوا نبيهم كذبوا جميع المرسلين، كما
قال تعالى:
{ إِنَّ
الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ
وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ
اللهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ
بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ}
إلى
قوله تعالى:
{أُولَئِكَ
هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً}
.