قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في شرحه لكتاب التوحيد(1/181-184)- وعند شرحه على حديث عائشة رضي الله عنها في الصحيح أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصِه":
النذر
على قسمين: نذر
طاعة، ونذر معصية.
فنذر
الطاعة مثل:
الاعتكاف
في المسجد الحرام، أو الصلاة في المسجد
الحرام، أو المسجد الأقصى، أو المسجد
النبوي أو غيرها من المساجد ينذر أن يصلي
في أحد المساجد الثلاثة، ويسافر إليه من
أجل ذلك، فقوله:
"من
نذر أن يطيع الله"
بصلاة،
بصيام، بحج، بعمرة، بصدقة، باعتكاف، أو
بغير ذلك من أنواع الطاعات.
هذا
نذر طاعة، وهو في الأصل غير واجب، لكن لما
نذره وجب عليه بنذره، والدخول في النذر
ابتداءً غير مرغّب فيه، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن النذر، قال: "لا تنذروا، فإن النذر لا يأتي بخير، وإنما يُستخرج به من البخيل"، وذلك لأن الإنسان في سَعَة في أمور الطاعة غير الواجبة، إن شاء فعلها وله أجر، وإن شاء تركها ولا حرج عليه، والله لا يحب لنا أن نكلف أنفسنا شيئاً لم يوجبه علينا: {يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} ، وإدخال الإنسان نفسه في نذر غير واجب عليه في الأصل، قد يعجز، وقد يشق عليه.
وأما نذر المعصية:كأن
نذر أن يقطع رحمه، وأن لا يصل أباه أو أمه
أو أخاه.
فهذا
نذر معصية لا يجوز له الوفاء به، أو نذر
أن يقتل فلاناً؛ فهذا لا يجوز الوفاء به
لأنه معصية، لأن القتل بغير حق معصية
كبيرة، فلا يجوز الوفاء به، أو نذر أن
يترك الصلاة، أو أن يشرب الخمر.
كل
هذه نذور معصية، سواء كانت المعصية بترك
واجب أو بفعل محرّم، من نذر ذلك فإنه لا
يجوز له الوفاء بهذا النذر، لأنه معصية
لله.
ومن
ذلك- بل
أولى-: إذا
نذر للقبور، لأن النذر للقبور شرك وهو من
أعظم المعاصي، فلا يجوز له الوفاء به كما
إذا نذر أن يذبح للبدوي، أن يذبح لأيّ
ضريح من الأضرحة، أو أن يذبح للجن، أو أن
يذبح للأولياء والصالحين يرجو نفعهم أو
دفع الضرر عنه بالذبح لهم؛ فهذا من أعظم
أنواع المعصية، ويدخل في قوله:
"ومن
نذر أن يعصي الله فلا يعصه"،
لأن المعصية قد تكون شركاً، وقد تكون دون
ذلك.