قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في شرحه لكتاب التوحيد(1/96) وعند قول المؤلف: قال
الخليل عليه السلام:
{وَاجْنُبْنِي
وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ}:
قوله:
" {وَاجْنُبْنِي}
" أي
أبعدني واجعلني في جانب بعيد "
{أَنْ
نَعْبُدَ الأَصْنَامَ}
" خاف
من عبادتها.
مع
هذه المنزلة العظيمة التي نالها إبراهيم
عليه السلام من ربه، ومع أنه قاوم الشرك
وكسر الأصنام بيده، وتعرض لأشد الأذى في
سبيل ذلك حتى ألقي في النار، مع ذلك خاف
على نفسه من الوقوع في الشرك، لأن القلوب
بين أصبعين من أصابع الرحمن، والحي لا
تؤمن عليه الفتنة، ولهذا قال بعض السلف:
"ومن
يأمن البلاء بعد إبراهيم؟ "،
فإبراهيم خاف على نفسه الوقوع في الشرك
لما رأى كثرة وقوعه في الناس، وقال عن
الأصنام:
{رَبِّ
إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ
النَّاسِ}
.
وفي
هذا أبلغ الرد على هؤلاء الذين يقولون:
لا
خوف على المسلمين من الوقوع في الشرك
بعدما تعلموا وتثقفوا، لأن الشرك بعبادة
الأصنام شرك ساذج يترفع عنه المثقف
والفاهم، وإنما الخوف على الناس من الشرك
في الحاكمية، ويركزون على هذا النوع خاصة،
وأما الشرك في الألوهية والعبادة فلا
يهتمون بإنكاره، وعلى هذا يكون الخليل
عليه السلام وغيره من الرسل إنما ينكرون
شركاً ساذجاً!!،
ويتركون الشرك الخطير وهو شرك الحاكمية
كما يقول هؤلاء.
وفي الحديث قال: "أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر"، فسئل عنه، فقال: "الرياء".
وفي الحديث قال: "أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر"، فسئل عنه، فقال: "الرياء".
الرسول
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول
لأبي بكر وعمر ولسادات المهاجرين والأنصار،
الذين بلغوا القمّة في التّوحيد والإيمان
والجهاد في سبيل الله، ومع هذا الرسول
يخاف عليهم، فمن يأمن بعد هؤلاء؟:
"أخوف
ما أخاف عليكم الشرك الأصغر"،
فسئل عنه فقال:
"الرياء"
هذا
دليل على اهتمام الصحابة في الأمر، والرياء
معناه:
أن
الإنسان يتصنّع أمام الناس بالتقوى،
والعمل الصالح، وإتقان الصلاة، وغير ذلك،
من أجل أن يمدحوه، فالرياء من الرؤية أن
يحب الإنسان أن يراه الناس وهو يعمل العمل
الصالح من أجل أن يمدحوه،
والسُّمعة أن يحب الإنسان أن الناس يسمعون
كلامه ويسمعون عمله ويمدحونه، فالرياء
لما يُرى من الأعمال، والسُّمعة لما يسمع
منها. والرياء
شرك خفي.