قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في شرحه لكتاب التوحيد(1/168) وعند شرحه لحديث علي رضي الله عنه قال:
حدثني
رسول الله بأربع كلمات:
"لعن
الله من ذبح لغير الله...الحديث"رواه
مسلم:
قوله:
"لعن
الله"
اللعن
معناه:
الطرد
والإبعاد عن رحمة الله سبحانه وتعالى.
"من
ذبح لغير الله"
أي:
تقرَّب
بالذبح لغير الله من الأصنام، ومن الأضرحة،
ومن الأشجار والأحجار، والجن، وغير ذلك.
فكل
من تقرَّب بالذبح إلى غير الله فإنه قد
لعنه الله سبحانه وتعالى، وهذا يدلّ على
شدّة هذه الجريمة، فإن الله جل وعلا لا
يلعن
إلا
على جريمة خطيرة، فدلّ على شدة جريمة من
ذبح لغير الله، أيًّا كان هذا الذبح كثيراً
أو قليلاً جليلاً أو حقيراً.
وذلك
بأن يذكر على الذبيحة غير اسم الله أو
يكون في نيّته وقلبه واعتقاده أنه يتقرّب
بهذه الذبيحة إلى غير الله، أو يريد بهذه
الذبيحة دفع شر هذا المذبوح له، فيذبح
للجن من أجل دفع شرهم، وخوفاً منهم، أو
يذبح للصنم من أجل أن الصنم يجلب له الخير،
كما يفعل بعض الجُهّال؛ إذا تأخر المطر
ذهبوا بِثَوْر أو غيره من الحيوان وذبحوه
في مكان معيّن، أو عند قبر يريدون نزول
المطر، وقد يُبتلون فينزل المطر، وتحصل
لهم حاجتهم ابتلاءً وامتحاناً من الله
سبحانه وتعالى، وهذا لا يدلّ على جواز ما
فعلوه، من الشرك والتقرّب لغير الله
سبحانه وتعالى.
فمن
فعل ذلك فهو مشرك وملعون، سواء تلفّظ
وقال: هذه
الذبيحة للقبر، أو للبدوي، أو للسيد
الحسين، أو لفلان أو لفلان، أو ونوى بقلبه
فقط. وهذه
الذبيحة حرام، لأنها تدخل في قوله:
{وَمَا
أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ}
فما
أهلّ به لغير الله يشمل ما ذُبح باسم غير
الله، ويشمل ما ذُبح باسم الله ويُنْوى
به الصنم أو الجن أو العفاريت، والمُشَعْوِذُون
الآن إذا جاءهم المرضى يأمرونهم بالذبح
لغير الله لأجل أن يشفوا من مرضهم.
ويدخل
في الذبح لغير الله أصناف:
ما
ذُبح لغير الله على وجه التقرّب، ولو قيل
عليه: بسم
الله، وهذا حرام بإجماع المسلمين، وهو
شرك بالله عزّ وجلّ.
وما
ذُبح للّحم وسمي عليه بغير اسم الله.
وما
ذُبح من أجل التحيّة والتعظيم، مثل:
ما
يُذبح للملوك والرؤساء عند قدومهم إذا
نزل من الطائرة، أو من السيارة، أو من
الدابة؛ ذبحوا عند نزوله.
وما
يُذبح عند ابتداء المشروع، فبعض الجُهّال،
أو بعض الذين لا يُبالون، إذا أنشؤوا
مشروعاً-
مصنعاً
أو غير ذلك-
يذبحون
عند تحريك الآلة.
وما
يُذبح عند أول نزول البيت خوفاً من الجن،
وهذا شرك، لأنه مما ذُبح لغير الله عزّ
وجلّ. أما
إذا ذبح ذبيحة عند نزول البيت من باب الفرح
والسرور، ودعوة الجيران والأقارب، فهذا
لا بأس به.