قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في شرحه لكتاب التوحيد(1/104):
في
هذه الآية الكريمة(({قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} الآية)) مسائل
عظيمة:
المسألة
الأولى: أن
طريقة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وطريقة أتباعه على الحقيقة:
الدّعوة
إلى الله.
المسألة
الثانية:
أن
من لم يدع إلى الله وهو يستطيع الدعوة إلى
الله، فإنه لم يحقق إتباعه للرسول صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بل إتباعه
فيه نقص عظيم.
المسألة
الثالثة:
وهي
المسألة التي نبّه عليها الشيخ في مسائله:
التنبيه
على الإخلاص في الدعوة لقوله:
{إِلى
اللهِ} فإن
بعض الناس إنما يدعو إلى نفسه، فالذي يقصد
المدح والثناء وكثرة الأتباع وكثرة
الجماعة وكذا وكذا والفَخْفَخَة، هذا لا
يدعو إلى الله.
المسألة
الرابعة:
-وهي
المسألة العظيمة-:
أن
الداعية إلى الله لابد أن يكون على بصيرة،
مؤهّلاً بالعلم النافع الذي يستطيع به
أن يدعوَ إلى الله، وأن يجادله المُغرضين
والمعارضين، ويَدْحضَ حججهم بلسانه
وبقلمه، الدعوة إلى الله تكون باللسان
وتكون بالقلم أيضاً، وتكون بالسيف والجهاد،
فيُشترط في الداعية شرط أساسي، بل أصلي،
بأن يكون على علم، وأما الجاهل فلا يصلح
للدعوة، وإن كان عنده عبادة، وعنده.
ورع،
وعنده تُقى، وعنده غيرة على الدين، وعنده
محبة للدين، هذا شيء طيّب، وصفات طيّبة،
لكن نقول له:
يا
أخ الدعوة لا يدخل فيها إلاَّ من كان
على علم، أما مجرّد الخوف والخشية والعبادة
والورع والغيرة والصلاح، فهذا شيء طيّب،
لكن أنت لا تصلح للدعوة لأنك لست على علم،
والله تعالى يقول:
{عَلَى
بَصِيرَةٍ}
.
ويقول:
{ادْعُ
إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ}
،
والحكمة هي العلم، فأنت لا تصلح للدعوة،
تعلّم أولاً، فإذا تعلّمت تعال للدعوة،
فالدعوة ليست بالمسألة الهيّنة، ولذلك
عندما حصل هذا الإهمال في الدعوة حصل ما
ترون الآن من التفكك والتخاذل لأن الدعوة
دخل فيها ما هب ودب، من الجهال والمُغرضين
وأصحاب المطامع، ولا تنجح دعوة لم يتوفر
فيها الشروط الإلهية التي اشترطها الله
تعالى، ولا يبقى إلاَّ الأصلح دائماً
وأبداً، ولو كثرت الجماعات الدعوية، ما
دامت أنها ليست على الشروط التي اشترطها
الله، والمنهج الذي رسمه الله ورسوله،
فإنها لا تنجح مهما بلغت من الكثرة والقوة،
وستتلاشى وتصاب بالنَكْسَة والفشل، أما
إذا كانت مؤسَّسة على العلم وعلى الإخلاص
والنصيحة، فهذه هي التي تنجح بإذن الله
ولو كانت من فرد واحد.
المسألة
الخامسة:
أن
الشرك نقص عظيم يجب تنزيه الله عنه، لأن
الله عزّ وجلّ كامل، له الكمال المطلق
فمن أشرك به فقد تنقصه ومن نفى صفات الله
عزّ وجلّ أو أوّلها فقد تنقص الله عزّ
وجلّ، فالمؤوّلة والمشبهة الذين يشبهون
الله بخلقه، أو يؤوِّلون صفات الله، أو
يُلحدون في أسمائه، هؤلاء تنقّصوا الله
عزّ وجلّ، وهذا نقص ينزّه الله جل وعلا
عنه، ومن وصفه بما لا يليق به أو سماه بغير
ما سمى به نفسه فقد تنقصه، ومن حكم بغير
ما أنزل فقد تنقصه، ومن عصى أمره أو ارتكب
نهيه فقد تنقصه سبحانه.
المسألة
السادسة:-
وهي
مهمة جدًّا-:
البراءة
من المشركين، فالذي يدعو إلى الله -بل
وكل مسلم-
لكن
الذي يدعو إلى الله من باب أولى، لأنه
قدوة، يجب عليه أن يتبرّأ من المشركين،
لأنهم أعداء الله، وأعداء رسوله، وأعداء
المؤمنين، {لا
تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ
أَوْلِيَاءَ}
،
فمن لم يتبرأ من المشركين فإنه لم يحقق
الدعوة إلى الله عزّ وجلّ، حتى وإن انتسب
إليها، وهذه مسألة عظيمة.