قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في شرحه لكتاب التوحيد(1/123): كثير
من الذين يتسمَّون بالدعوة في هذه الأيام
من الجماعات أو الأفراد، أكثرهم لا يعرفون
معنى لا إله إلاَّ الله على الحقيقة، ولا
يعرفون معنى الإسلام على الحقيقة، ولا
يعرفون نواقض الإسلام، ونواقض الشهادتين،
وإنما يَدْعُون إلى شيء مجمل، وربما أن
بعضهم يفهم هذا، ولكن لا يحب أن يبين للناس
هذه الأشياء لأنهم-
بزعمه-
يَنْفُرون
منه، وهو يريد أن يجمِّع الناس، يجمعهم
على ماذا؟ على جهالة؟، يجمعهم على ضلالة؟ لابد
أن تبين ما تدعو إليه، وتوضح ما تدعو إليه
كما قال تعالى في حق نبيه:
{قُلْ
هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ
عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي}
والبصيرة
معناها:
العلم
بما يدعو إليه، ومعرفة معناه، حتى يوضحه
للناس، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لما
بعث عليًّا رضي الله عنه وأعطاه الراية،
قال:
"ادعهم
إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من
حق الله تعالى فيه"،
ما قال:
"ادعهم
إلى الإسلام"
واكتفى
بهذا، بل قال:
"أخبرهم
بما يجب عليهم"،
إذا قبلوا أن يدخلوا في الإسلام، فبيّن لهم: معنى الإسلام، واشرحه لهم، حتى يدخلوا فيه على بصيرة.
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمعاذ: "إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه: شهادة أن لا إله إلاَّ الله، فإن هم أجابوك لذلك، فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات"، إلى آخر الحديث، ولم يقف عند قوله: "ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلاَّ الله "، بل أمره أن يبيّن لهم بعدما ينطقون بالشهادتين، أن يبيّن لهم مقتضى هاتين الشهادتين، وأنه ليس المراد مجرد النُّطق بهما والتلفظ بهما، بل لابد من الالتزام والعمل.
فمن دعا إلى شهادة أن لا إله إلاَّ الله، فلابد أن يفسِّرها، ويفسِّر التّوحيد، حتى تكون دعوته على بصيرة، أما إن كان لا يعرف هذا، فلا يدخل فيما ليس من شأنه، حتى يتعلم هو بنفسه أولاً، أو إن كان يعرف هذا ولكن لا يريد أن يبينه للناس لغَرَض في نفسه، أو لإرضاء جماعته أو حزبه؛ فليبتعد عن هذا، ولا يكون محسوباً على الدعوة، وهو لا يقوم بواجبها، لأن هذا يصبح سُبَّةً على الدعوة، ونَكْسَة على الدعوة.
فهؤلاء الذين شغلونا بهموم الدعوة -كما يقولون-، هم لا يفهمون معنى الدعوة، ولا يفهمون ما يُطلب من الداعية، فالواجب أن يكون الدعاة على بصيرة، حتى تُجدي دعوتهم، وحتى تنفع، وحتى يكتب لهم الأجر عند الله سبحانه وتعالى.