الظلم-
كما
بيّن أهل العلم-
ثلاثة
أنواع:
النوع
الأول: وهو
أعظمها-:
ظلم
الشرك، قال-
تعالى-:
{إِنَّ
الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}
لماذا
سُمي الشرك ظلماً؟ لأن الظلم في الأصل:
وضع
الشيء في غير موضعه، والشرك معناه:
وضع
العبادة في غير موضعها، وهذا أعظم الظلم،
لأنهم لما وضعوا العبادة في غير موضعها،
أعطوها لغير مستحقها، وسوَّوْا المخلوق
بالخالق، سوَّوْا الضعيف بالقوي الذي لا
يُعجزه شيء، وهل بعد هذا ظلم؟
والنوع
الثاني:
ظلم
العبد نفسه بالمعاصي، فالعاصي إنما ظلم
نفسه، لأنه عرّض نفسه للعقوبة، وكان
الواجب عليه أن يُنقذ نفسه، وأن يضعها في
موضعها اللائق بها، وهو الطاعة، والكرامة
{قُلْ
إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا
أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ
الْمُبِينُ}
.
النوع
الثالث:
ظلم
العبد للناس:
بأخذ
أموالهم، أو غيبتهم، أو نميمتهم، أو سرقة
أموالهم، أو التعدي عليهم في أعراضهم
بالغيبة والنميمة والقذف والهمز واللمز
وغير ذلك من التنقُّص، أو في دمائهم بقتل
الأبرياء بغير حق، أو بالضرب والجرح
والإهانة بغير حق، فهذا تعدِّ على الناس.
هذه
هي أنواع الظلم:
ظلم
الشرك؛ وهذا أعظم أنواعه، وظلم العبد
نفسه، وظلم العبد لغيره من المخلوقين.
أما
النوع الأول وهو:
ظلم
الشرك، فهذا لا يغفره الله أبداً إلاَّ
بالتوبة {إِنَّ
اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ
وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ
يَشَاءُ}
.
وأما
النوع الثالث وهو:
ظلم
العبد للناس، فهذا لا يترك الله منه شيئاً،
لابد من القصاص، إلاَّ أن يسمح المظلومون،
جاء في الحديث:
"لتؤدن
الحقوق إلى أهلها
يوم
القيامة، حتى يُقاد للشاة الجلحاء من
الشاة القَرْنَاء"
الشاة
الجَلحَاء هي التي ليس لها قرون، والشاة
القَرْنَاء التي لها قرون، إذا نطحتها
بقرونها لابد من القصاص يوم القيامة حتى
بين البهائم، قال-
تعالى-:
{وَإِذَا
الْوُحُوشُ حُشِرَتْ}
تحشر
البهائم يوم القيامة، ويُقْتَصُّ بعضها
من بعض، ثم يقول الله لها:
"كوني
تراباً"،
فعند ذلك يقول الكافر:
{يَا
لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً}
{وَمَا
مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ
يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ
أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي
الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى
رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ}
.
وكذلك
بنو آدم، يقام القصاص بينهم يوم القيامة،
فيُقْتَصُّ من المظلومين للظلمة، ولا
يُترك من حقوقهم شيء إلاَّ إذا سمحوا بها،
أما النوع الثاني وهو ظلم العبد لنفسه
بما دون الشرك فهذا تحت مشيئة الله، إن
شاء الله غفره، وإن شاء عذب به،كما يقول أهل العلم: الدواوين ثلاثة: ديوان لا يغفره الله، وهو الشرك. وديوان لا يترك الله منه شيئاً، وهو مظالم العباد. وديوان تحت المشيئة إن شاء الله غفر لصاحبه، وإن شاء عذبه، وهو الذنوب والمعاصي التي دون الشرك.
من شرح العلامة صالح الفوزان حفظه الله على كتاب التوحيد (1/57)