قال الله تعالى: {
الَّذِينَ
آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم
بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ
وَهُم مُّهْتَدُونَ }
[ الأنعام/82]
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في شرحه على كتاب التوحيد(1/58): معنى
قوله:
{وَلَمْ
يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ}
يعني:
بِشِرْك.
وقوله
تعالى:
{أُولَئِكَ
لَهُمُ الأَمْنُ} الآية
تدلُّ على فضل التّوحيد، وأنه أمن من
العذاب إما مطلقاً وإما يُؤَمّن من العذاب
المؤبّد، فالآية فيها فضل التّوحيد، وأنه
يمنح الله لأصحابه الأمن على حسب درجاتهم
في التّوحيد والسلامة من الذنوب والمعاصي،
ودلّت الآية بمفهومها على أن من أشرك
بالله وخلط توحيده بشرك أنه ليس له أمن-
والعياذ
بالله-، فهذا فيه خطر الشرك، وأن من عبد
الله، ولكنه يدعو مع
الله غيره، ويستغيث بالموتى، ويذبح
للقبور، ويطوف بالأضرحة مستعيناً بها،
فهذا خلط إيمانه بشرك، وليس له أمن أبداً
حتى يتوب إلى الله عزّ وجلّ، ويُخلص
التّوحيد، فليس المقصود أن الإنسان يعبد
الله فقط، بل لا بد-
أيضاً-
أن
يتجنّب الشرك، وإلاَّ فالمشركون لهم
عبادات، كانوا يحجون، وكانوا يتصدقون،
وكانوا يطعمون الأضياف، وكانوا يُكرمون
الجيران، ولهم أعمال لكنها ليست مبنيّة
على التّوحيد، فهي هباء منثور، لا تنفعهم
شيئاً يوم القيامة، قال تعالى:
{وَقَدِمْنَا
إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ
فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً (23)
} ،
{وَالَّذِينَ
كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ
بِقِيعَةٍ}
{مَثَلُ
الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ
أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ
بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ}
لا
يثبّت الأعمال إلاَّ التّوحيد، ما دام
هناك شرك فالأعمال لا قيمة لها، مهما أتعب
الإنسان نفسه فيها، وهذا يدلُّنا على فضل
التّوحيد، ومكانة التّوحيد، وأنه مُؤَمّن
من عذاب الله عزّ وجلّ بخلاف المشرك فإنه
لا أمن له من عذاب الله، والأمن يكون في
الدنيا، كالأمن من الأعداء، والأمن من
الحروب، تعرفون قيمته، وخطر الخوف، هذا
في الدنيا فكيف بالأمن في الآخرة من
النار؟، النار أشد من الحروب، وأشد من
الأعداء، وأشد من كل شيء، إذا كان الأمن
في الدنيا هذه قيمته، وهذه منافعه، فكيف
بالأمن في الآخرة.