السبت، 15 مارس 2014

قصة الثلاثة الذين تكلموا في المهد

بسم الله الرحمن الرحيم

أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضْيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"لَمْ يَتَكَلَّمْ في المَهْدِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ: عِيْسَى ابْنُ مَرْيَمَ، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ، وَكَاْنَ جُرَيْجُ رَجُلاً عَابِدَاً، فَاتَّخَذَ صَوْمَعَةً فَكَاْنَ فِيْهَا، فَأتَتْهُ أُمُّهُ وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالتْ: يَا جُرَيْجُ!، فَقَالَ: يَارَبِّ! أُمِّي وَصَلَاتِي؟، فَأقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ، فَانْصَرَفَتْ. فَلَمَّا كَاْنَ مِنَ الغَدِ أتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالتْ: يَا جُرَيْجُ!، فَقَالَ: أيْ رَبِّ! أمِّي وَصَلَاتِي؟، فَأقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ، فَلَمَّا كَاْنَ مِنَ الغَدِ أتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالتْ؟ يا جُرَيْجُ! فَقَالَ: أيْ رَبِّ! أمِّي وَصَلَاتِي؟ فَأَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ، فَقَالتْ: اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُ حَتَّى يَنْظُرَ إلَى وُجُوْهِ المُوْمِسَاتِ. فَتَذَاكَرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ جُرَيْجَاً وَعَبِادَتَهُ، وَكَاْنَتِ امْرأَةٌ بَغِيٌّ يُتَمَثَّلُ بحُسْنِهَا، فَقَالتْ: إِنْ شِئْتُمْ لَأفْتِنَنَّهُ! فَتَعَرَّضَتْ لَهُ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا، فَأَتَتْ رَاعِياً كَاْنَ يَأوِي إِلى صَوْمَعَتِهِ، فَأَمْكَنَتْهُ مِن نَّفْسِهَا فَوَقَعَ عَلَيْهَا، فَحَمَلَتْ. فَلَمَّا وَلَدَتْ قالتْ: هُوَ مِنْ جُرَيْجٍ، فَأتَوْهُ فَاسْتَنْزَلُوْهُ وَهَدمُوا صَوْمَعَتَهُ وَجَعلُوا يَضْرِبُوْنَهُ، فَقَالَ: مَا شَأْنُكُمْ؟، قَالُوا: زَنَيْتَ بِهَذِهِ البَغِيِّ فَوَلَدَتْ مِنْكَ. قَالَ: أَيْنَ الصَّبِيُّ؟! فَجَاؤُوا بِهِ فَقَالَ: دَعُوْنِي حَتَّى أُصَلِّي، فَصَلَّى، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَتَى الصَّبِيَّ فَطَعَنَ في بَطْنِهِ وَقَالَ: يَا غُلَامُ! مَنْ أبوْكَ؟! قَالَ: فُلَانٌ الرَّاعِي!!، فَأقْبَلُوا عَلَى جُرَيْجٍ يُقَبِّلُوْنَهُ، وَيَتَمَسَّحُوْنَ بِهِ، وَقَالوانَبْنِي لَكَ صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ: لَا، أَعِيْدُوْهَا مِنْ طِيْنِ كَمَا كَاْنَتْ فَفَعَلُوا.
وَبَيْنَا صَبِيٌّ يَرْضَعُ مِنْ أُمِّهِ، فَمَرَّ رَجُلٌ رَاكِبٌ عَلَى دَابَّةٍ فَارِهَةٍ، وشَارَةٌ حَسَنَةٌ، فَقَالتْ أُمُّهُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ ابْنِي مِثْلَ هَذَا! فَتَرَكَ الثَّدْيَ، وَأقْبَلَ إلَيْهِ، فَنَظرَ إِلَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ، ثُمَّ أقْبَلَ عَلَى ثَدْيهِ فَجَعَلَ يَرْتِضعُ"، فَكَأنِّي أنْظرُ إِلى رَسُوْلِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَحْكِي ارْتِضَاعَهُ بَأَصْبُعِهِ السَّبابَةَ في فِيْهِ، فَجَعَلَ يَمُصُّهَا، قَالَ: "وَمَرُّوا بِجَارِيةِ وَهُمْ يَضْرِبُوْنَهَا وَيَقُوْلُوْنَ: زَنَيْتِ، سَرَقْتِ! وَهِيَ تَقُوْلُ: حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيْلُ. فَقَالتْ أُمُّهُ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهَا، فَتَرَكَ الرَّضَاعَ وَنَظرَ إِليْهَا وَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا، فَهُنَالِكَ تَرَاجَعَا الحَدِيْثَ، فَقَالتْ: مَرَّ رَجُلٌ حَسَنُ الهَيْئَةِ، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ اجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهُ، فَقُلْتَ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ. وَمَرَّوُا بِهَذِهِ الأَمَةِ وَهُمْ يَضْرِبُوْنَهَا وَيَقُوْلُوْنَ: زَنَيْتِ، سَرَقْتِ، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهَا، فَقُلْتَ: اللَّهُمَّ اجَعَلْنِي مِثْلَهَا؟! قَالَ: إِنَّ ذَلِكَ الرَّجُلُ كَاْنَ جَبَّارَاً، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ، وَإنَّ هَذِهِ يَقُوْلُوْنَ لَهَا: زَنَيْتِ، وَلَمْ تَزْنِ، وَسَرَقْتِ وَلَمْ تَسْرِقْ، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا".