قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في شرح العقيدة الواسطية(39-41):
قوله:
{وَاصْبِرْ
لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا}
{وَحَمَلْنَاهُ
عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ تَجْرِي
بِأَعْيُنِنَا جَزَاء لِّمَن كَانَ
كُفِرَ}
{وَأَلْقَيْتُ
عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ
عَلَى عَيْنِي}.
{وَاصْبِرْ}
الصبر
لغة الحبس والمنع.
فهو
حبس النفس عن الجزع وحبس اللسان عن التشكي
والتسخط وحبس الجوارح عن لطم الخدود وشق
الجيوب.
{لِحُكْمِ
رَبِّكَ}
أي:
لقضائه
الكوني والشرعي.
{فَإِنَّكَ
بِأَعْيُنِنَا}
أي:
بمرأى
منا وتحت حفظنا فلا تبال بأذى الكفار،
فإنهم لا يصلون إليك.
قوله:
{وَحَمَلْنَاهُ}
أي:
نوحًا
ـ عليه السلام ـ.
{عَلَى
ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ}
أي:
على
سفينة ذات أخشاب عريضة.
ومسامير
شدت بها تلك الألواح، مفردها:
دسار.
{تَجْرِي
بِأَعْيُنِنَا}
أي:
بمنظر
ومرأى منا وحفظ لها.
{جَزَاء
لِّمَن كَانَ كُفِرَ}
أي:
فعلنا
بنوح ـ عليه السلام ـ وبقومه ما فعلنا من
إنجائه وإغراقهم ثوابًا لمن كفر به وجحد
أمره، وهو نوح ـ عليه السلام ـ.
وقوله:
{وَأَلْقَيْتُ
عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي}
الخطاب
لموسى ـ عليه السلام ـ أي:
وضعتها
عليك فأحببتك وحببتك إلى خلقي.
{وَلِتُصْنَعَ
عَلَى عَيْنِي}
أي:
ولتربى
وتغذى بمرأى مني، أراك وأحفظك.
الشاهد
من الآيات:
أن
فيها إثبات العينين لله تعالى حقيقة على
ما يليق به سبحانه.
فقد
نطق القرآن بلفظ العين مضافة إليه مفردة
ومجموعة، ونطقت السنة بإضافتها إليه
مثناة، وقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم
ـ :
(إن
ربكم ليس بأعور).
وذلك
صريح بأنه ليس المراد إثبات عين واحدة
فإن ذلك عور ظاهر تعالى الله عنه.
ولغة
العرب جاءت بإفراد المضاف وتثنيته وجمعه
بحسب أحوال المضاف إليه.
فإن
أضافوا الواحد المتصل إلى مفرد أفردوه،
وإن أضافوا إلى جمع ظاهرًا أو مضمرًا
فالأحسن جمعه مشاكلة للفظ كقوله سبحانه:
{تَجْرِي
بِأَعْيُنِنَا}.
وكقوله:
{أَوَلَمْ
يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا
عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا}
وإن
أضافوه إلى اسم مثنى فالأفصح في لغتهم
جمعه كقوله:
{فَقَدْ
صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}
وإنما
هما قلبان فلا يلتبس على السامع قول
المتكلم نراك بأعيننا ونأخذك بأيدينا
ولا يفهم منه بشر على وجه الأرض عيونًا
كثيرة على وجه الأرض عيونًا كثيرة على
وجه واحد، والله أعلم.