الاثنين، 24 مارس 2014

سؤر الحيوان ثلاثة أقسام : طاهر ونجس ومختلف فيه

قال الشيخ العثيمين رحمه الله -بتصرف- في تعليقاته على الكافي لابن قدامة(37-44): سؤر الحيوان ثلاثة أقسام : طاهر ونجس ومختلف فيه .
(1)  القسم الأول: طاهر وهو ثلاثة أنواع:

النوع الأول الآدمي فسؤره لا شك في طهارته لأن المؤمن لا ينجس حيا ولا ميتا وكذلك الكافر ونجاسة الكافر نجاسة معنوية.
الثاني ما يؤكل لحمه فهو طاهر بلا خلاف مثل البعير والدجاجة فسؤرها طاهر بلا خلاف.
الثالث ما لا يمكن التحرز منه من الطوافين كالسنور، وبناءً على ذلك يكون سؤر الحمار والبغل طاهرا لأن البغل والحمار مما يشق التحرز عنه فهما من الطوافين علينا وكذلك غيرهما إلا شيئا واحدا دلت السنة على نجاسة سؤره وهو الكلب فهذا وإن كان من الطوافين علينا ككلب الصيد والحرث والماشية فإنه يجب غسل ما ولغ فيه سبع مرات إحداها بالتراب .
(2) القسم الثاني: نجس وهو الكلب والخنزير ولا شك في نجاسة الكلب والخنزير لقول الله تعالى (قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ) (الأنعام: من الآية145) ولكن ليس كلامنا الآن على نفس الخنزير والكلب وإنما كلامنا على سؤر الكلب وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه كان يغسله سبع مرات إحداها بالتراب والخنزير يقولون إنه شر منه ولكن هذا قياس فاسد الاعتبار لأن الخنزير موجود في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام ومع ذلك لم يأمر بالغسل سبع مرات من سؤره فالصحيح أن الخنزير حكمه حكم بقية النجاسات.

(3): القسم الثالث مختلف فيه وهو ثلاثة أنواع كذلك:
أحدها سائر سباع البهائم والطير وفيهما روايتان إحداهما أنها نجسة
الثانية أنها طاهرة.
الظاهر أن الصحيح هو أنها طاهرة لأننا لو قلنا بأنها نجسة لأدى ذلك إلى مشقة على الناس فإنه يوجد من الغدران في البر ما هو دون القلتين ولا شك أن السباع والطيور ترد هذا الماء فإذا قلنا بأنه نجس صار بهذا مشقة على الناس والنبي عليه الصلاة والسلام فيما يظهر لنا أنه يمر بهذه المياه ويتوضأ منها.
النوع الثاني الحمار الأهلي والبغل ففيهما روايتان إحداهما نجاستهما والثانية أنها طاهرة وهذا هو الصحيح الرواية الثانية أن الحمير والبغال سؤرها طاهر وعرقها طاهر وما أصابك منها فهو طاهر إلا ما خرج من السبيلين والدم فإنه نجس أما الخارج المعتاد من غير السبيلين فالصحيح أنه طاهر ومن المعلوم أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يركب الحمار والحمار يعرق ويصيب راكبه العرق وربما تكون السماء ممطره ويصيب البلل جلد الحمار ويباشره الراكب وكل هذا يدل على أنها طاهرة ولأنه يشق التحرز منها كما قال المؤلف فهي من الطوافين حتى إن بعض العلماء قال إن الحمير والبغال من الطوافين لأنه إذا كانت الهرة حكم النبي عليه الصلاة والسلام بطهارتها لأنها من الطوافين وهي لا تلابس كما تلابس الحمير فتكون الحمير من باب أولى.
النوع الثالث الجلالة و الجلالة هي التي أكثر علفها النجاسة وكيف يكون أكثر علفها النجاسة؟ مثال: هذا طير يغذى بدم مسفوح والدم المسفوح نجس ويغذى بحب من البر ننظر أيهما أكثر إذا قالوا إن الحب أكثر فليس بجلالة إذا قالوا إن الدم أكثر فهو جلالة.
 وقد اختلف العلماء رحمهم الله في الجلالة هل هي نجسة حرام أو هي طاهرة حلال على قولين للعلماء فمنهم من قال إنها نجسة حرام حتى تحبس عن النجس وتطعم الطاهر ثلاثة أيام ثم بعد ذلك تكون حلالا طاهرة ومنهم من قال إنها ليست بنجسة ولا حراما وضعف الأحاديث الواردة في ذلك وقال إن النجاسة إذا استحالت زالت وطهرت وقال إن هذا الغذاء استحال دما فطهر وفيها روايتان عن الإمام أحمد رحمه الله رواية التحريم ورواية الإباحة وقد كثر السؤال عن الدواجن التي قيل إنها تغذى بالدم المسفوح هل هي حلال أو لا؟ والجواب على هذا التفصيل هل أكثر علفها من هذا الدم أو لا فإن كان أكثر علفها من غيره فلا إشكال في حلها وطهارتها وإن كان أكثر علفها من هذا الدم ففيها هاتان الروايتان رواية الطهارة ورواية النجاسة والصحيح أنها طاهرة حلال ما لم تصح الأحاديث والأحاديث الواردة في الجلالة كلها فيها مقال فإن صحت الأحاديث فليس لنا بد من السمع والطاعة لله ورسوله وإن لم تصح الأحاديث فإن الاستحالة تقتضي الإزالة وأنه لا حكم لما حصل وانظر إلى الآدمي فالآدمي طاهر مع أنه يتحول من علقة قطعة دم إلى مضغة وقطعة الدم نجسة ومع ذلك لما تحول صار طاهرا كما قال النبي عليه الصلاة والسلام.