قال الشيخ العثيمين رحمه الله في شرح العقيدة الواسطية(438-440): قوله تعالى:
{لو
أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا
متصدعا من خشية الله}
[الحشر:21]
.
الجبل
من أقسى ما يكون,
والحجارة
التي منها تتكون الجبال هي مضرب المثل في
القساوة؛ قال الله تعالى:
{ثم
قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو
أشد قسوة}
[البقرة:
74] ،
ولو نزل هذا القرآن على جبل؛ لرأيت هذا
الجبل خاشعا متصدعا من خشية الله.
{خاشعا}
؛
أي:
ذليلا.
ومن
شدة خشيته لله يكون {متصدعا}
يتفلق
ويتفتق.
وهو
ينزل على قلوبنا,
وقلوبنا
-إلا
أن يشاء الله -تضمر
وتقسو لا تتفتح ولا تتقبل.
فالذين
آمنوا إذا نزلت عليهم الآيات؛ زادتهم
إيمانا، والذين في قلوبهم مرض؛ تزيدهم
رجسا إلى رجسهم؛ والعياذ بالله!
ومعنى
ذلك:
أن
قلوبهم تتصلب وتقسو أكثر وتزداد رجسا إلى
رجسها,
نعوذ
بالله من ذلك!
وهذا
القرآن لو أنزل على جبل؛ لتصدع الجبل
وخشع؛ لعظمة ما أنزل عليه من كلام الله.
وفي
هذا دليل على أن للجبل إحساسا؛ لأنه يخشع
ويتصدع,
والأمر
كذلك,
قال
النبي صلى الله عليه وسلم في أحد:
"هذا
أُحُد جبل يحبنا ونحبه".
وبهذا
الحديث نعرف الرد على المثبتين للمجاز
في القرآن,
والذي
يرفعون دائما علمهم مستدلين بهذه الآية:
{فوجدا
فيها جدارا يريد أن ينقض}
[الكهف:77]
؛
يقول:
كيف
يريد الجدار؟!
فنقول:
يا
سبحان الله!
العليم
الخبير يقول:
{يريد
أن ينقض}
, وأنت
تقول:
لا
يريد!
أهذا
معقول؟
فليس
من حقك بعد هذا أن تقول:
كيف
يريد؟!
وهذا
يجعلنا نسأل أنفسنا:
هل
نحن أوتينا علم كل شيء؟
فنجيب
بالقول بأننا ما أوتينا من العلم إلا
قليلا
فقول
من يعلم الغيب والشهادة:
{يريد
أن ينقض}
: لا
يسوغ لنا أن نعترض عليه,
فنقول:
لا
إرادة للجدار!
ولا
يريد أن ينقض!
وهذا
من مفاسد المجاز؛ لأنه يلزم منه نفي ما
أثبته القرآن.
أليس
الله تعالى يقول:
{تسبح
له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن
من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون
تسبيحهم}
[الإسراء:44]
؛
هل تسبح بلا إرادة؟!
يقول:
{تسبح
له}
: اللام
للتخصيص؛ إذاً؛ هي مخلصة,
وهل
يتصور إخلاص بلا إرادة؟!
إذاً؛
هي تريد وكل شيء يريد لأن الله يقول:
{إن
من شيء إلا يسبح}
, وأظنه
لا يخفى علينا جميعا أن هذا من صيغ العموم؛
فـ (إن)
: نافية
بمعنى (ما)
, و
{من
شيء}
: نكرة
في سياق النفي,
{إلا
يسبح بحمده}
, فيعم
كل شيء.
فيا
أخي المسلم!
إذا
رأيت قلبك لا يتأثر بالقرآن؛ فاتهم نفسك؛
لأن الله أخبر أن هذا القرآن لو أنزل على
جبل لتصدع، وقلبك يتلى عليه القرآن,
ولا
يتأثر.