قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في شرح العقيدة الواسطية(50-52) وعند شرحه على قول المؤلف : وقوله:
{الرَّحْمَنُ
عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}
في
سبعة مواضع:
في
سورة الأعراف قوله:
{إِنَّ
رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ
أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}
وقال
في سورة يونس ـ عليه السلام ـ:
{إِنَّ
رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ
أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}
وقال
في سورة الرعد:
{اللَّهُ
الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ
عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى
الْعَرْشِ}
وقال
في سورة طه:
{الرَّحْمَنُ
عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}
وقال
في سورة الفرقان:
{ثُمَّ
اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ}
وقال
في سورة الم السجدة:
{اللَّهُ
الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ
وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ
ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}
وقال
في سورة الحديد:
{هُوَ
الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ
فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى
عَلَى الْعَرْشِ}:
ورد إثبات استواء الله على عرشه في سبع
آيات من كتاب الله، كلها قد ورد فيها إثبات
الاستواء بلفظ واحد هو:
{اسْتَوَى
عَلَى الْعَرْشِ}
فهو
نص في معناه الحقيقي لا يحتمل التأويل
بمعنى آخر.
والاستواء
صفة فعلية ثابتة لله سبحانه على ما يليق
بجلاله كسائر صفاته، وله في لغة العرب
أربعة معان هي:
علا،
وارتفع، وصعد، واستقر.
وهذه
المعاني الأربعة تدور عليها تفاسير السلف
للاستواء الوارد في هذه الآيات الكريمة.
فقوله
في الآية الأولى والثانية:
{إِنَّ
رَبَّكُمُ اللَّهُ}
أي:
هو
خالقكم ومربيكم بنعمه والذي يجب عليكم
أن تعبدوه وحده {الَّذِي
خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ}
أي:
هو
خالق العالم.
سماواته
وأرضه وما بين ذلك {فِي
سِتَّةِ أَيَّامٍ}
هي
الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء
والخميس والجمعة، ففي يوم الجمعة اجتمع
الخلق كله وفيه خلق آدم ـ عليه السلام ـ
{ثُمَّ
اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}
أي:
علا
وارتفع على العرش كما يليق بجلاله.
وهذا
محل الشاهد من الآية.
والعرش
في اللغة هو سرير الملك.
والمراد
هنا كما يدل عليه مجموع النصوص:
سرير
ذو قوائم تحمله الملائكة، وهو كالقبة على
العالم هو سقف المخلوقات.
وقوله
في الآية الثالثة:
{اللَّهُ
الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ}
أي:
رفعها
عن الأرض رفعًا بعيدًا لا ينال ولا يدرك
مداه {بِغَيْرِ
عَمَدٍ تَرَوْنَهَا}
العمد
هي الأساطين جمع عماد.
أي:
قائمة
بغير عمد تعتمد عليها بل بقدرته سبحانه.
وقوله:
{تَرَوْنَهَا}
تأكيد
لنفي العمد.
وقيل
لها عمد ولكن لا نراها.
ولأول
أصح.
{ثُمَّ
اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}
هذا
محل الشاهد من الآية الكريمة لإثبات
الاستواء.
والكلام
على بقية الآيات كالكلام على هذه الآية.
ويستفاد
منها جميعًا:
إثبات
استواء الله على عرشه على ما يليق بجلاله،
وفيها الرد على من أول الاستواء بأنه
الاستيلاء والقهر، وفسر العرش بأنه الملك،
فقال استوى على العرش، معناه استولى على
الملك وقهر غيره.
وهذا
باطل من وجوه كثيرة منها:
أولًا:
أن
هذا تفسير محدث مخالف لتفسير السلف من
الصحابة والتابعين وأتباعهم، وأول من
قال به:
الجهمية
والمعتزلة.
فهو
مردود.
ثانيًا:
لو
كان المراد بالاستواء على العرش الاستيلاء
على الملك لم يكن هناك فرق بين العرش
والأرض السابعة السفلى والدواب وجميع
المخلوقات، لأنه مستولٍ على الجميع ومالك
للجميع.
فلا
يكون لذكر العرش فائدة.
ثالثًا:
أن
هذا اللفظ {اسْتَوَى
عَلَى الْعَرْشِ}
قد
اطرد في الكتاب والسنة ولم يأت في لفظ
واحد (استولى
على العرش)
حتى
تفسر به بقية النصوص.
رابعًا:
أنه
أتى ب ـ {ثم}
التي
تفيد الترتيب والمهلة، فلو كان معنى
الاستواء الاستيلاء على العرش والقدرة
عليه لم يتأخر ذلك إلى ما بعد خلق السموات
والأرض فإن العرش كان موجودًا قبل خلق
السموات والأرض، بخمسين ألف سنة كما ثبت
في الصحيحين فكيف يجوز أن يكون غير قادر
ولا مسئول عليه إلى أن خلق السموات
والأرض.
هذا
من أبطل الباطل، والله أعلم.