قال الشيخ العثيمين رحمه الله في شرح العقيدة الواسطية(340-341): إذا
أساء إليكم إنسان فعفوت عنه؛ فإن الله
سبحانه وتعالى يعلم ذلك.
ولكن
العفو يشترك للثناء على فاعله أن يكون
مقروناً بالإصلاح؛ لقوله تعالى:
{فَمَنْ
عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى
اللَّهِ}
[الشورى:
40] , وذلك
أن العفو قد يكون سبباً للزيادة في الطغيان
والعدوان,
وقد
يكون سبباً للانتهاء عن ذلك، وقد لا يزيد
المعتدي ولا ينقصه.
1-فإذا
كان مسباً للزيادة في الطغيان؛ كان العفو
هنا مذموماً,
وربما
يكون ممنوعاً؛ مثل أن نعفوا عن هذا المجرم,
ونعلم أو
يغلب على الظن أنه يذهب فيجرم إجراماً
أكبر؛ فهنا لا يمدح العافي؛ عنه,
بل
يذم.
2-وقد
يكون العفو سبباً للانتهاء عن العدوان؛
بحيث يخجل ويقول:
هذا
الذي عفا عني لا يمكن أن أعتدي عليه مرة
أخرى، ولا على أحد غيره.
فيخجل
أن يكون هو من المعتدين,
وهذا
الرجل من العافين؛ فالعفو محمود ومطلوب
وقد يكون واجباً.
3-وقد
يكون العفو لا يؤثر ازدياداً ولا نقصاً؛
فهو أفضل لقوله تعالى:
{وَأَنْ
تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}
[البقرة:
237] .
وهنا
يقول تعالى:
{أَوْ
تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ
كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً}
؛
يعني:
إذا
عفوتم عن السوء؛ عفا الله عنكم,
ويؤخذ
هذا الحكم من الجواب:
{فَإِنَّ
اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً}
؛
يعني:
فيعفو
عنكم مع قدرته على الانتقام منكم,
وجمع
الله تعالى هنا بين العفو والقدير؛ لأن
كمال العفو أن يكون عن قدرة.
أما
العفو الذي يكون عن عجز؛ فهذا لا يمدح
فاعله؛ لأنه عاجز عن الأخذ بالثأر.
وأما
العفو الذي لا يكون مع قدرة؛ فقد يمدح
لكنه ليس عفواً كاملاً، بل العفو الكامل
ما كان عن قدرة.
ولهذا
جمع الله تعالى بين هذين الاسمين (العفو)
و
(القدير)
:
فالعفو:
هو
المتجاوز عن سيئات عباده، والغالب أن
العفو يكون عن ترك الواجبات، والمغفرة
عن فعل المحرمات.
والقدير:
ذو
القدرة يتمكن بها الفاعل من الفعل بدون
عجز.