قال العلامة العثيمين رحمه الله في كتاب العلم(ص85-87): أهم
شيء أيضًا في منهج طالب العلم بعد النظر
والقراءة، أن يكون فقيهًا، بمعنى أنه
يعرف حكم الشريعة وآثارها ومغزاها وأن
يطبق ما علمه منها تطبيقًا حقيقيًّا بقدر
ما يستطيع {لَا
يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا
وُسْعَهَا}
[البقرة:
286] .
لكن
يحرص على التطبيق بقدر ما يستطيع، وأنا
أكرر عليكم دائمًا هذه النقطة "التطبيق"
سواء
في العبادات أو الأخلاق أو في المعاملات.
طبِّق
حتى يُعرف أنك طالب علم عامل بما علمت.
ونضرب
مثلا إذا مَرّ أحدكم بأخيه هل يشرع له أن
يسلم عليه؟
الجواب:
نعم
يشرع ولكن أرى الكثير يمر بإخوانه وكأنما
مر بعمود لا يسلم عليه، وهذا خطأ عظيم حيث
يمكن أن ننقد العامة إذا فعلوا مثل هذا
الفعل، فكيف لا يُنتقد الطالب؟ وما الذي
يضرك إذا قلت السلام عليكم؟ وكم يأتيك؟
عشر حسنات -
تساوي
الدنيا كلها عشر حسنات لو قيل للناس:
كل
من مر بأخيه وسلم عليه سيدفع له ريال،
لوجدت الناس في الأسواق يدورون لكي يسلموا
عليه؛ لأن سيحصل على ريال لكن عشر حسنات
نفرط فيها.
والله
المستعان.
وفائدة
أخرى:
المحبة
والألفة بين الناس، فالمحبة والألفة جاءت
نصوص كثيرة بإثباتها وتمكينها وترسيخها،
والنهي عما يضادها والمسائل التي تضادها
كثيرة،كبيع المسلم على بيع أخيه، والخِطبة
على خِطبة المسلم، وما أشبه ذلك، كل هذا
دفع للعداوة والبغضاء وجلب للألفة والمحبة،
وفيها أيضًا تحقيق الإيمان؛ لقوله صلى
الله عليه وسلم:
"والله
لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا
حتى تحابوا".
ومعلوم
أن كل واحد منا يحب أن يصل إلى درجة يتحقق
فيها الإيمان له؛ لأن أعمالنا البدنية
قليلة وضعيفة.
الصلاة
يمضي أكثرها ونحن ندبر شئونًا أخرى،
الصيام كذلك، الصدقة الله أعلم بها،
فأعمالنا وإن فعلناها فهي هزيلة نحتاج
إلى تقوية الإيمان، السلام مما يقوي
الإيمان؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم
قال:
"لا
تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى
تحابوا أفلا أخبركم بشيء إذ فعلتموه
تحاببتم يعني حصل لكم الإيمان أفشوا
السلام بينكم" .
هذه
نقطة واحدة مما علمناه ولكننا أخللنا به
كثيرًا؛ لذلك أقول:
أسأل
الله أن يعينني وإياكم على تطبيق ما علمنا؛
لأننا نعلم كثيرا ولكن لا نعمل إلا قليلا،
فعليكم يا إخواني بالعلم وعليكم بالعمل
وعليكم بالتطبيق، فالعلم حجة عليكم،
العلم إذا غذيتموه بالعمل ازداد {وَالَّذِينَ
اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ
تَقْوَاهُمْ}
[محمد:
17] .
إذا
غذيتموه بالعمل ازددتم نورًا وبرهانًا
{يَاأَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ
يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ
عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ
لَكُمْ}
[الأنفال:
29] .
{يَاأَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ
وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ
كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ
لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ
لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
[الحديد:
28] .
والآيات
في هذا المعنى كثيرة، فعليكم بالتطبيق
في العبادات وفي الأخلاق وفي المعاملات
حتى تكونوا طلاب علم حقيقة، أسأل الله أن
يثبتنا وإياكم بالقول الثابت
في الحياة الدنيا والآخرة إنه سميع مجيب،
والحمد لله رب العالمين.