مســائل مهمة في الحيــض
بسم
الله الرحمن الرحيم
الحمد
لله كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب
ربنا ويرضى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده
لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً
كثيراً إلى يوم الدين.
أما
بعد:
فهذا جمعٌ مختصر ميسَّر لأهم المسائل في الحيض أسأل الله أن ينفع به، وقد اقتصرت على ما ترجح لي صحته من أقوال
أهل العلم الموافقة لكتاب الله عز وجل
وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بدون التطرق
لمسائل الخلاف -في المسائل التي فيها خلاف، عدا
بعض المسائل التي لا بد من ذكر شيء من ذلك فيها-.
(مسألة:
ما
هو الحيض؟)
الحيض
هو دم طبيعة وجِبِلَّة، يخرج من قعر الرحم
إذا بلغت المرأة ثم يعتادها
في أوقات معلومة، خلقه الله لحكمة
غذاء الولد في بطن أمه؛ لافتقاره إلى
الغذاء، فإذا ولدت؛ قلبه الله لبنا يدر
من ثدييها؛ ليتغذى به ولدها، فإذا خلت
المرأة من الحمل والرضاع؛
بقي لا مصرف له؛ ليستقر في مكان من رحمها،
ثم يخرج في الغالب في كل شهر ستة أيام أو
سبعة أيام، وقد يزيد عن ذلك أو يقل، ويطول
شهر المرأة ويقصر حسبما ركبه الله من
الطباع.
المغني(1/223)
،
الملخص الفقهي(1/80)
(مسألة:
الحائض
ليست بنجس)
والدليل:
حديث
عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال لها:
«ناوليني
الخمرة»
،
فقالت:
إني
حائض فقال:
«إنها
ليست في يدك».
وعنها
رضي الله عنها:
«كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع رأسه
في حجري وأنا حائض فيقرأ القرآن»
.
وعنها
أيضاً:
«كنت
أُرَجِّل رأس رسول الله صلى الله عليه
وسلم وأنا حائض».
الأوسط(2/203-204)
(مسألة:
أقل
الحيض وأكثره)
ليس
لأقل الحيض ولا لأكثره حد بالأيام على
الصحيح، لقول الله عز وجل:
(وَيَسْأَلونَكَ
عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً
فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ
وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ).
مجموع
فتاوى العثيمين(11/271)
قال
شيخ الإسلام ابن تيمية:
الحيض
علق الله به أحكاماً متعددة في الكتاب
والسنة ولم يُقدِّر لا أقله ولا أكثره
ولا الطهر بين الحيضتين مع عموم بلوى
الأمة بذلك واحتياجهم إليه واللغة لا
تفرق بين قدر وقدر فمن قدر في ذلك حدا فقد
خالف الكتاب والسنة، والعلماء منهم من
يحد أكثره وأقله ثم يختلفون في التحديد.
ومنهم
من يحد أكثره دون أقله والقول الثالث أصح:
أنه
لا حد لا لأقله ولا لأكثره بل ما رأته
المرأة عادة مستمرة فهو حيض...
وأما
إذا استمر الدم بها دائماً فهذا قد عُلم
أنه ليس بحيض لأنه قد علم من الشرع واللغة
أن المرأة تارة تكون طاهراً وتارة تكون
حائضاً ولطهرها أحكام ولحيضها أحكام.
مجموع
الفتاوى(19/237)
(مسألة:
أقل
سن يمكن فيه الحيض وأكثره)
قال
شيخ الإِسلام، وابن المنذر، وجماعة من
أهل العلم:
لا
صحَّة لتحديد أوَّل الحيض بتسع سنين،
وآخره بخمسين سَنَة ، وأن المرأة متى
رأت الدَّم المعروف عند النِّساء أنه
حيض؛ فهو حيض؛ صغيرةً كانت أم كبيرةً،
والدَّليل على ذلك ما يلي:
1
- عموم
قوله تعالى:
{وَيَسْأَلُونَكَ
عَنِ الْمَحِيْضِ قُلْ هُوَ أَذىً}
[البقرة:
222]،
فقوله:
{قُلْ
هُوَ أَذىً} حكمٌ
معلَّقٌ بِعلَّة، وهو الأذى، فإِذا وُجِدَ
هذا الدَّمُ الذي هو الأذى ـ وليس دم
العِرْق ـ فإِنَّه يُحكمُ بأنه حيضٌ.
وصحيحٌ
أن المرأة قد لا تحيضُ غالباً إلا بعد
تمام تسع سنين، لكن النِّساء يختلفن،
فالعادةُ خاضعةٌ لجنس النِّساء، وأيضاً
للوراثة، فمن النساء من يبقى عليها الطُّهر
أربعة أشهر، ويأتيها الحيض لمدَّة شهر
كامل، كأنه ـ والله أعلم ـ ينحبس، ثم يأتي
جميعاً.
ومن
النِّساء من تحيض في الشهر ثلاثة أيام،
أو أربعة، أو خمسة، أو عشرة.
2
- قوله
تعالى:
{وَاللاََّّئِي
يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ
إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ
ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاََّّئِي لَمْ
يَحِضْنَ}
[الطلاق:
4]،
أي: عِدَّتهن
ثلاثةُ أشهر، ولم يقل: واللائي
قبل التسع أو بعد الخمسين، بل قال: واللائي
يئسن من المحيض واللائي لم يحضن، فالله
سبحانه رَدَّ هذا الأمر إِلى معقول معلَّل،
فوجب أن يثبت هذا الحكم بوجود هذه الأمور
المعقولة المعلَّلة، وينتفي بانتفائها،
والمرأة التي حاضت في آخر شهر من الخمسين،
وأوَّل شهر من الحادية والخمسين غير آيسة،
فهو حيضٌ مطَّردٌ بعدده وعدد الطُّهر بين
الحيضات ولا اختلاف فيه، فمن يقول بأنَّ
هذه آيسة؟!.
والله
علَّق نهاية الحيض باليأس، وتمام الخمسين
لا يحصُل به اليأس إِذا كانت عادتُها
مستمرَّةٌ، فتبيَّن أنَّ تحديد أوَّله
بتسع سنين، وآخره بخمسين سَنَة لا دليل
عليه.
فالصَّواب: أنَّ
الاعتماد إِنَّما هو على الأوصاف، فالحيض
وُصِفَ بأنَّه أذى، فمتى وُجِدَ الدَّمُ
الذي هو أذىً فهو حيض.
الشرح
الممتع -بتصرف-(1/467-468)
(مسألة:
يحرم
على الحائض فعل الصلاة وليس عليها قضاء
بعد الطهر)
تحريم
فعل الصلاة؛ لقول النبي -
صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
«إذا
أقبلت الحيضة فدعي الصلاة»
متفق
عليه.
وسقوط
فرضها؛ لقول عائشة -
رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهَا -:
«كنا
نحيض على عهد رسول الله -
صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فنؤمر
بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة»
متفق
عليه.
الكافي
لابن قدامة(1/134)
(مسألة:
يحرم على الحائض الصوم ويجب
عليها القضاء)
لحديث
عائشة «كنا
نحيض على عهد رسول الله -
صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فنؤمر
بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة»
،
متفق عليه، وقول النبي
-
صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
«أليس
إحداكن إذا حاضت لم تصم ولم تُصَل؟ قلن:
بلى»
رواه
البخاري.
الكافي
لابن قدامة(1/134)
(مسألة:
يحرم
على الحائض الطواف بالبيت)
لقول
النبي -
صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
لعائشة
إذ حاضت:
«افعلي
ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى
تطهري»
متفق
عليه.
الكافي
لابن قدامة(1/134)
(مسألة:
تحريم
إتيان الحائض في الفرج
ولا يحرم الاستمتاع بها في غير الفرج)
تحريم
الوطء في الفرج لقوله تعالى (فَاعْتَزِلُوا
النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا
تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) ومعنى
الاعتزال:
ترك
الوطء.
ويجوز
لزوج الحائض أن يستمتع منها بغير الجماع
في الفرج؛ كالقبلة واللمس ونحو ذلك.
قال
النبي صلى الله عليه وسلم "اصنعوا
كل شيء إلا النكاح"،
رواه الجماعة إلا البخاري، وفي لفظ:
"إلا
الجماع".
وقالت
عائشة:
«كان
رسول الله -
صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
يأمرني
فأتَّزر فيباشرني، وأنا حائض»
،
متفق عليه
الكافي(1/209)
،
الملخص الفقهي (1/81)
(مسألة:
تحريم
إتيان الحائض بعد الطهر
وقبل الغسل)
الوطء
بعد الطهارة من الحيض وقبل الاغتسال محرم
لقول الله تعالى:
(حَتَّى
يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ)،
فالأول (حَتَّى
يَطْهُرْنَ)
حتى
ينقطع حيضها ، والثانية (فَإِذَا
تَطَهَّرْنَ)
أي
اغتسلن لأن التطهر هو الاغتسال لقوله
تعالى:
(وَإِنْ
كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا)
أي
تطهروا .
تعليقات
العثيمين على الكافي (1/210)
(مسألة:
المرأة
تطهر من الحيض ولا تجد ماء تغتسل به هل
لزوجها أن يطأها قبل غسلها؟)
المرأة
الحائض إذا انقطع دمها فلا يطؤها زوجها
حتى تغتسل إذا كانت قادرة على الاغتسال
وإلا تيمَّمت.
كما
هو مذهب جمهور العلماء
مجموع
فتاوى شيخ الإسلام(21/624)
(مسألة:كفّارة
من أتى زوجته حائضا)
من
وطئ زوجته أثناء حيضتها أو قبل اغتسالها
من الحيضة فهو آثم لارتكابه ما حرم الله،
وعليه التوبة النصوح من ذلك الفعل السيء،
وعليه الكفارة وهي أن يتصدق بدينار أو
نصفه للفقراء، لقول رسول
الله صلى الله عليه وسلم:
«من
أتى امرأته حائضا فليتصدق بدينار ومن
أتاها وقد أدبر الدم عنها ولم تغتسل
فليتصدق بنصف دينار» .
اللجنة
الدائمة(4/225)
قلتُ:
الحديث
رواه أصحاب السنن و
صححَّه جمعٌ من أهل العلم كالحاكم وابن
القطان وابن حجر والخطابي وغيرهم واستحسنه
الإمام أحمد.
والدينار
يساوي اليوم 4.25
أربعة
جرامات وربع الجرام من الذهب .
(مسألة:
وجوب
الكفارة على من أتى زوجته وهي حائض)
قال
الشوكاني في نيل الأوطار(1/347):
والحديث
يدل على وجوب الكفارة على من وطئ امرأته
وهي حائض، وإلى ذلك ذهب ابن عباس والحسن
البصري وسعيد بن جبير وقتادة والأوزاعي
وإسحاق وأحمد في الرواية الثانية عنه
والشافعي في قوله القديم.
قلتُ:
قول
النبي صلى الله عليه وسلم:"فليتصدق"
أمر،
والأمر يقتضي الوجوب ولا ينصرف عنه إلا
بقرينة تصرفه عن ذلك، فالصحيح إن شاء الله
أنها للوجوب.
(مسألة:
هل
تلزم المرأة الموطوءة وهي حائض كفارة؟)
قال
ابن قدامة في «المغني»
(1/245):وهل
تلزم المرأة كفارة؟
المنصوص أن عليها الكفارة.
قال
أحمد في امرأة غرت زوجها:
إن
عليه الكفارة وعليها؛ وذلك لأنه وطء يوجب
الكفارة، فأوجبها على المرأة المطاوعة،
ككفارة الوطء في الإحرام...
وإن
كانت مكرهة أو غير عالمة، فلا كفارة عليها،
لقوله -
عليه
السلام -:
«عفي
لأمتي عن الخطأ والنسيان، وما استكرهوا
عليه»
.
(مسألة:
من
جامع زوجته ولا يعلم بأنها حائض إلا بعد
الجماع)
من
جامع امرأته وهي حائض وهو لا يعلم بوجود
الحيض فلا إثم عليه، ولكن تجب عليه الكفارة.
اللجنة
الدائمة(4/226)
(مسألة: تحريم طلاق الحائض)
طلاق
الرجل زوجته وهي حائض محرم بالكتاب والسنة
والإجماع.
وهل
يقع الطلاق أو لا يقع؟
هذه
المسألة من المسائل التي اختلف فيها
العلماء اختلافاً كبيراً حتى قال صاحب
الروضة الندية:
هذه
المسألة من المعارك التي لا يجول في
حافاتها إلا الأبطال ولا يقف على تحقيق
الحق في أبوابها إلا أفراد الرجال(2/49).
قال
النووي في شرحه على مسلم (10/60):
أَجْمَعَتِ
الْأُمَّةُ عَلَى تَحْرِيمِ طَلَاقِ
الْحَائِضِ الْحَائِلِ بِغَيْرِ رِضَاهَا
فَلَوْ طَلَّقَهَا أَثِمَ وَوَقَعَ
طَلَاقُهُ .
وقال
ابن قدامة في المغني(7/366):
فإن
طلق للبدعة، وهو أن يطلقها حائضا، أو في
طهر أصابها فيه، أثم، ووقع طلاقه.
في
قول عامة أهل العلم.
وذهب
آخرون من أهل العلم وهو مروي عن طاوس، وخلاس
بن عمرو وجماعة، وهو ثابت عن ابن
عمر :
أن
الطلاق في الحيض لا يقع، وأن الرسول صلى
الله عليه وسلم ردّها عليه من دون احتساب
الطّلاق عليه، وإنما حسبها هو ابن
عمر، اجتهادًا منه حسب الطلقة،
ولكن لم يحسبها عليه النبي صلى الله عليه
وسلم، وقال هؤلاء:
إن
هذا الطلاق بدعة ومنكر، فلا يقع؛ لقول
النبي صلى الله عليه وسلم : "من
عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" وهذا
طلاق ليس عليه أمر النبي صلى الله عليه
وسلم، فلا يقع، وهذا هو اختيار أبي
العباس ابن تيمية، وتلميذه
العلامة ابن
القيم رحمة الله عليهما،
واختاره جماعة من أهل العلم.
(نور على الدرب)
قال
العلامة الوادعي:
والصحيح
أنه يقع كما ذكر هذا الحافظ ابن حجر في
فتح الباري وذكر في صحيح البخاري عن
عبدالله بن عمر أنها حُسبت عليه تطليقة
.
(أسئلة
في الطلاق وغيره)
وقال
الإمام ابن باز رحمه الله:
الذي
نفتي به إذا طلقها وهي حائض أو نفساء وهو
يعلم أنها حائض أو نفساء لم يقع وعليه
التوبة إلى الله من ذلك.
(نور
على الدرب)
قال
العلامة العثيمين:
مسألة
الطلاق في الحيض من أكبر مهمات هذا الباب
-أي
باب الحيض-،
ويجب على الإنسان أن يحققها بقدر ما
يستطيع، حتى يصل فيها إلى ما يراه صواباً؛
لأن المسألة ما فيها احتياط، بل المسألة
خطيرة، فافرض أن هذا الرجل طلق في الحيض
امرأة آخر تطليقة فإما أن نحلها له، وإما
أن نحرمها عليه حتى تنكح زوجاً غيره، فعلى
كل حال نحن فتحنا لك الأبواب وبإمكانك أن
ترجع، ومن أحسن من رأيت كتب في الموضوع
ابن القيم ـ رحمه الله ـ في «زاد
المعاد»
فإذا
رجعت إليه يتبين لك إن شاء الله.
الشرح
الممتع(13/53)
(مسألة:
الصُّفْرَةُ،
والكُدْرَةُ في زمن الحيض حيض)
الصُّفرة:
ماءٌ
أصفر كماء الجُروح.
والكُدرة:
ماءٌ
ممزوجٌ بحُمرة، وأحياناً يُمزَجُ بعروق
حمراء كالعَلَقة، فهو كالصَّديد
يكون ممتزجاً بمادة بيضاء وبدم.
الشرح
الممتع(1/499)
الصفرة
والكدرة في آخر الدم من الدم .
الأوسط(2/234)
(مسألة:
الصفرة
والكدرة بعد الطهر من الحيض ليست بحيض)
إذا
رأت الحائض الطهر التام واغتسلت من حيضها
فإنها لا تلتفت لما يحصل بعد ذلك من الكدرة
والصفرة؛ لقول أم عطية -
رضي
الله عنها -
(كنا
لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئا)
اللجنة
الدائمة(4/223)
وعليها
أن تصلي وتصوم وتحل لزوجها.
اللجنة
الدائمة (5/429)
(تنبيه):
لا
تتعجَّل المرأة وتغتسل حتى ترى الطهر، لقول أم المؤمنين عائشة رضي
الله عنها للنساء:
(لا
تعجلن حتى ترين القَصَّة البيضاء)،
والقصة البيضاء سائل شفاف لزج
ينزل عند بعض النساء -وليس
الكل-
في
آخر الحيض وهو دليل على أنها طهرت، ومن
لا ترى القصَّة فإنها تدخل في فرجها خرقة
بيضاء وتنظر إن هي خرجت بيضاء نقية لا أثر
للكدرة والصفرة فيها فقد طهرت وإلا فتنتظر
حتى تطهر تماماً ثم تغتسل-وهذا
للنساء الثيبات وليس للأبكار-.
(مسألة:
إذا
حاضت بعد دخول وقت الصلاة قبل أن تصليها
فالأحوط القضاء)
من
أهل العلم من ألزمها بالقضاء ومنهم من
لم يرَ القضاء لازماً لأنها ليست مفرطة
بالتأخير، فلا يلزمها القضاء، والقول
بالقضاء أحوط.
قال
الشيخ العثيمين:
إذا
حدث الحيض بعد دخول وقت الصلاة كأن حاضت
بعد الزوال بنصف ساعة مثلاً فإنها بعد أن
تتطهر من الحيض تقضي هذه الصلاة التي دخل
وقتها وهي طاهرة لقوله تعالى:
(إِنَّ
الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
كِتَاباً مَوْقُوتاً)
.
مجموع
الفتاوى (11/276)
(
مسألة:
الحائض
تطهر قبل غروب الشمس أو قبل طلوع الفجر)
َإِذَا
طَهُرَتْ الْحَائِضُ قَبْلَ
أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ,
صَلَّت
الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ,
وإذا
َطَهُرَتْ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ,
صَلَّت
الْمَغْرِبَ وَالعِشَاءَ ؛رَوَى
الْأَثْرَمُ,
وَابْنُ
الْمُنْذِرِ,
وَغَيْرُهُمَا,
بِإِسْنَادِهِمْ
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْف,
وَعَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عَبَّاس ,
أَنَّهُمَا
قَالَا فِي الْحَائِضِ تَطْهُرُ قَبْلَ
طُلُوعِ الْفَجْرِ بِرَكْعَةٍ:
تُصَلِّي
الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ,
فَإِذَا
طَهُرَتْ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ,
صَلَّتْ
الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا،
وَلِأَنَّ وَقْتَ الثَّانِيَةِ وَقْتٌ
لِلْأُولَى حَالَ الْعُذْرِ,
فَإِذَا
أَدْرَكَهُ الْمَعْذُورُ لَزِمَهُ
فَرْضُهَا,
كَمَا
يَلْزَمُهُ فَرْضُ الثَّانِيَةِ.
قال
الإمام أحمد:
عامة
التابعين يقولون بهذا القول، إلا الحسن.
المغني
-بتصرف-(1/287)
(مسألة:
هل
تحيض الحامل؟)
الجمهور
على أن الحامل لا تحيض.
لكن
الصواب التفصيل:
إذا
استمر بها الدم كما كان قبل الحمل، فهو
حيض، لأنه وُجد من النساء من تحيض في الحمل _وإن كان نادراً_.
وإذا
طرأ عليها، إما بسبب حادث، أو حمل شيء،
أو سقوط من شيء ونحوه، فهذا ليس بحيض ،
وعلى هذا فلا يمنعها من الصلاة ولا من
الصيام فهي في حكم الطاهرات.
قال
الحافظ ابن حجر في الفتح(1/419):
هذا
دم بصفات دم الحيض وفي زمن إمكانه فله حكم
دم الحيض فمن ادعى خلافه فعليه البيان.
وقال
الشيخ العثيمين:
ليس
في الكتاب والسنة ما يمنع حيض الحامل .
وهذا
هو مذهب مالك والشافعي واختيار شيخ الإسلام
ابن تيمية ، قال في الاختيارات ص 30
وحكاه
البيهقي رواية عن أحمد، بل حكى أنه رجع
إليه ا هـ .
مجموع
الفتاوى(11/304)
(مسألة:
جواز
مس المصحف للحائض)
جمهور
العلماء على منع الحائض
من مس المصحف، لقول الله تعالى:
﴿لا
يَمَسُّهُ إِلَّا المُطَهَّرُونَ﴾.
ورخص
بعضهم بمسه لعدم وجود دليل يمنع من ذلك.وأما
الآية التي استدل بها الجمهور فالمراد
بذلك الملائكة، كذلك قال
أنس وابن جبير ومجاهد والضحاك وأبوالعالية،
وقال:
قوله:
﴿لا
يَمَسُّهُ إِلَّا المُطَهَّرُونَ﴾
[الواقعة:79]
خبر
بضم السين ولو كان نهيًا لقال:
لا
يمسَّه بفتح السين، واحتج بحديث أبي هريرة
وحذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
قال:
«المؤمن
لا ينجس»
.
وفي
حديث «إن
حيضتك ليست في يدك»
. وقول
عائشة:
كنت
أغسل رأس النبي صلى الله عليه وسلم وأنا
حائض دليل على أن الحائض لا تنجس ما تمس
إذ ليس جميع بدنها نجس وإذا ثبت أن بدنها
غير نجس إلا الفرج ثبت أن النجس في الفرج
لكون الدم فيه وسائر البدن طاهر.
الأوسط
-بتصرف-(2/101-103)
قال
الإمام الوادعي:
فحكم
مس المصحف للحائض بدون حائل أنه جائز لعدم
ورود الدليل الصحيح في ذلك .
عناقيد
الكرامة بالإجابة على أسئلة نساء أهل
تهامة
وقال
الإمام الألباني:
المصحف
الذي بين أيدينا ، فهذا يمسه الصالح
والطالح والمؤمن والكافر ، فليس يعني
ربنا عز وجل بهذه الآية - لا
يمسه إلا المطهرون -:
البشر
مطلقاً سواءٌ كانوا صالحين أو طالحين ،
وإنما يعني -
كما
قلنا -
: الملائكة
المقربين .
سلسلة
الهدى والنور/الشريط
الأول
(مسألة:
جواز
قراءة الحائض القرآن)
قال
شيخ الإسلام ابن تيمية:
ليس
في منعها من القرآن سنة أصلاً فإن قوله:
{لا
تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن}
حديث
ضعيف.
باتفاق
أهل المعرفة بالحديث .
وقد
كان النساء يحضن على عهد رسول الله صلى
الله عليه وسلم فلو كانت القراءة محرمة
عليهن كالصلاة لكان هذا مما بينه النبي
صلى الله عليه وسلم لأمته وتعلمه أمهات
المؤمنين وكان ذلك مما ينقلونه إلى الناس
فلما لم ينقل أحد عن النبي صلى الله عليه
وسلم في ذلك نهيا لم يجز أن تجعل حراما مع
العلم أنه لم ينه عن ذلك وإذا لم ينه عنه
مع كثرة الحيض في زمنه علم أنه ليس بمحرم.
مجموع
الفتاوى(26/191)
وبهذا
القول قال الإمام الشوكاني (نيل
الأوطار)
قال
ابن المنذر في الأوسط(2/100):
عن
عائشة، قالت:
كان
النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على
كل أحيانه، فقال بعضهم:
الذكر
قد يكون بقراءة القرآن وغيره فكل ما وقع
عليه اسم ذكر الله فغير جائز أن يمنع منه
أحداً إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم
لا يمتنع من ذكر الله على كل أحيانه .
(مسألة:
للحائض
أن تدخل المسجد)
قال
ابن حزم:
جائز
للحائض والنفساء أن يدخلا المسجد ، لأنه
لم يأت نهي عن شيء من ذلك، وقد قال رسول
الله -
صلى
الله عليه وسلم -
«المؤمن
لا ينجس»
وعن
عائشة أم المؤمنين «أن
وليدة سوداء كانت لحي من العرب فأعتقوها
فجاءت إلى رسول الله -
صلى
الله عليه وسلم -
فأسلمت
فكان لها خباء في المسجد أو حفش»
.
قال
علي-أي
ابن حزم-:
فهذه
امرأة ساكنة في مسجد النبي -
صلى
الله عليه وسلم -
والمعهود
من النساء الحيض فما منعها -
عليه
السلام -
من
ذلك ولا نهى عنه، وكل ما لم ينه -
عليه
السلام -
عنه
فمباح .
المحلى(1/400-401)
وبهذا
القول قال العلامتين الوادعي والألباني، وزاد الألباني:
دخول
المرأة المسجد ، في الوقت الذي لا يوجد
دليل يمنع منه ، فهناك على العكس من ذلك
، ما يدل على الجواز.
ومن
هذه الأدلة ، حديثان للسيدة عائشة رضي
الله تعالى عنها:الأول: حينما
حجت مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ،
وفاجأها الحيض ، وهي نازلة في مكان قريب
من مكة اسمه (سَرِفْ) ،
دخل عليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم
، ووجدها تبكي ، قال لها:« ما
لك، أنَفِسْت ؟. ،
أو نُفِسْتِ ؟». ،
قالت: نعم
يا رسول الله ، قال:« هذا
أمر كتبه الله عز وجل على بنات آدم ، فاصنعي
ما يصنع الحاج ، غير أن لا تطوفي ، ولا
تصلي ».
والشاهد
من هذا الحديث ، أن النبي صلى الله عليه
وآله وسلم لم يمنعها من دخول أفضل المساجد
، وهو المسجد الحرام ، وحديثنا الثاني في
صحيح مسلم ، قالت: قال
النبي صلى الله عليه وآله وسلم لها
يوماً :« ناوليني
الخُمرة من المسجد » ،
فقالت: يا
رسول الله إني حائض ، فقال عليه الصلاة
والسلام:« إن
حيضتك ليست في يدك ».والمقصود
هنا بالحيضة ، هو دم الحائض ، فدم الحائض
بلا شك هو نجس ، لكن الحائض هي نفسها ليست
نجسة.فلا
يلزم من خروج نجاسة ما ، من شخص ما ، أن
يكون ذات الشخص نفسه نجسة.يضاف
إلى ذلك القاعدة المعروفة عند العلماء ،
وهي:
( أن
الأصل في الأشياء الإباحة )،
والأصل براءة الذمة إلا إذا قام الدليل
على ما يخالف هذين الأصلين ، فكيف وقد قام
الدليل على ما يوافق هذين الأصلين؟.
خاتمة:
هذا
ما ترجح لي صحته من أقوال أهل العلم فما
أصبتُ فيه فمن الله وحده وما أخطأت فمن
نفسي والشيطان والحمد لله الذي بنعمته
تتم الصالحات. (أم
أفنان)