قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: المعصوم
عند الرافضة الإمامية الاثنا عشرية:
هو
الذي يزعمون أنه دخل إلى سرداب
سامرا بعد موت أبيه الحسن بن علي العسكري
سنة ستين ومائتين.
وهو
إلى الآن غائب لم يعرف له خبر ولا وقع له
أحد على عين ولا أثر.
وأهل
العلم بأنساب أهل البيت يقولون:
إن
الحسن بن علي العسكري لم يكن له نسل ولا
عقب.
ولا
ريب أن العقلاء كلهم يعدون مثل هذا القول
من أسفه السفه واعتقاد الإمامة والعصمة
في مثل هذا:
مما
لا يرضاه لنفسه إلا من هو أسفه الناس
وأضلهم وأجهلهم.
وبسط
الرد عليهم له موضع غير هذا.
والمقصود
هنا:
بيان
جنس المقولات والمنقولات عند أهل الجهل
والضلالات.
فإن
هؤلاء عند الجهال الضلال يزعمون أن هذا
المنتظر كان عمره عند موت أبيه:
إما
سنتين أو ثلاثا أو خمسا على اختلاف بينهم
في ذلك.
وقد
علم بنص القرآن والسنة المتواترة وإجماع
الأمة:
أن
مثل هذا يجب أن يكون تحت ولاية غيره في
نفسه وماله.
فيكون
هو نفسه محضونا مكفولا لآخر يستحق كفالته
في نفسه وماله تحت من يستحق النظر والقيام
عليه من ذمي أو غيره.
وهو
قبل السبع طفل لا يؤمر
بالصلاة.
فإذا
بلغ العشر ولم يصل أدب على فعلها.
فكيف
يكون مثل هذا إماما معصوما يعلم جميع
الدين ولا يدخل الجنة إلا من آمن به؟.
ثم
بتقدير وجوده وإمامته وعصمته:
إنما
يجب على الخلق أن يطيعوا من يكون قائما
بينهم:
يأمرهم
بما أمرهم الله به ورسوله وينهاهم عما
نهاهم عنه الله ورسوله.
فإذا
لم يروه ولم يسمعوا كلامه لم يكن لهم طريق
إلى العلم بما يأمر به وما ينهى عنه.
فلا
يجوز تكليفهم طاعته إذ لم يأمرهم بشيء
سمعوه وعرفوه وطاعة من لا يأمر ممتنعة
لذاتها.
وإن
قدر أنه يأمرهم ولكن لم يصل إليهم أمره
ولا يتمكنون من العلم بذلك:
كانوا
عاجزين غير مطيقين لمعرفة ما أمروا به
والتمكن من العلم شرط في طاعة الأمر ولا
سيما عند الشيعة المتأخرين.
فإنهم
من أشد الناس منعا لتكليف ما لا يطاق؛
لموافقتهم المعتزلة في القدر والصفات
أيضا.
وإن
قيل:
إن
ذلك بسبب ذنوبهم.
لأنهم
أخافوه أن يظهر.
قيل:
هب
أن أعداءه أخافوه فأي ذنب لأوليائه ومحبيه؟
وأي منفعة لهم من الإيمان به وهو لا يعلمهم
شيئا ولا يأمرهم بشيء؟
ثم كيف جاز له -
مع
وجوب الدعوة عليه -
أن
يغيب هذه الغيبة
التي لها الآن أكثر من أربعمائة وخمسين
سنة.
وما
الذي سوغ له هذه الغيبة دون آبائه الذين
كانوا موجودين قبل موتهم:
كعلي
والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن
علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن
موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن
بن علي العسكري فإن هؤلاء كانوا موجودين
يجتمعون بالناس.
وقد
أخذ عن علي والحسن والحسين وعلي بن الحسين
ومحمد بن علي وجعفر بن محمد -
من
العلم ما هو معروف عند أهله والباقون لهم
سير معروفة وأخبار مكشوفة.
فما
باله استحل هذا الاختفاء هذه المدة الطويلة
أكثر من أربعمائة سنة.
وهو
إمام الأمة بل هو على زعمهم هاديها وداعيها
ومعصومها الذي يجب عليها الإيمان به.
ومن
لم يؤمن به فليس بمؤمن عندهم؟
فإن قالوا:
الخوف.
قيل:
الخوف
على آبائه كان أشد بلا نزاع بين العلماء.
وقد
حبس بعضهم وقتل بعضهم.
ثم
الخوف إنما يكون إذا حارب.
فأما
إذا فعل كما كان يفعل سلفه من الجلوس مع
المسلمين وتعليمهم لم يكن عليه خوف.
وبيان
ضلال هؤلاء طويل. مجموع الفتاوى(27/455).