الخميس، 6 مارس 2014

كيفية التعامل في تربية الأولاد والبنات


التعامل في تربية اﻷبناء 

من فتاوى الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله 

السؤال: كيفية التعامل في تربية الأولاد والبنات

الإجابة: 
الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، وأشهد ألا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله. وبعد :

فتربية الأبناء من الأمور المهمّة والمشكلة.
أمّا كونها مهمّة فإنّ الصغير يأخذ عن من يخالطه ، فإن كان أبوه مغنّيا ما تسمعه إلّا يغنّي ، وإن كان أبوه مؤلّفا من بدء أمره قرطاس وقلم ويخطّط في الدفتر حتى يملأ الدّفتر ، وهكذا إن كان من أصحاب الموسيقى وغيرها ، وإن كان أبوه ضابطا وقلت له ماذا تحبّ أن تكون ؟ قال : أحبّ أن أكون ضابطا ، وإن كان عالما ماذا تحب أن تكون ؟ هذا في صغره قبل أن يختلط بالشارع . 
ثمّ بعد ذلك قصّة لقمان فيها توجيه للأبناء : " يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ " [لقمان:17] ، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله – صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم -: " كلّ مولود يولد على الفطرة فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه " ، وفي صحيح مسلم أنّ النّبيّ - صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم - أنّه قال فيما يرويه عن ربّه : " إني خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين " .
فينبغي أن تحذر من جلساء السوء على ولدك وعلى ابنتك : " وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا * ياوَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا* لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولا} [الفرقان:27،28،29].
مسالة مجالسة اهل الخير تعين الشخص على نفسه وعلى أولاده ، ذات مرّة وأنا في المدينة خرجت والبنت صغيرة ما أذكر اللباس رقيق أم ماذا ، لقيني طالب علم فاضل فقال لي ، فقلت هي صغيرة ولكنّها ستألف كما يقول ، وإنّني أحمد الله سبحانه وتعالى فأبت من نفسها أن تخرج بذلك اللباس وقالت : لا يراني الرّجال بهذا اللباس ، معناها يقول أيش هذا اللّباس ؟ وهي كانت ما أدري ، أربع سنين أو نحو ذلك . 
أيضا في الصحيحين من حديث ابي موسى رضي الله عنه : " إِنَّمَا مَثَلُ الجليس الصالحُ والجليسُ السوءِ كحامِلِ المسك ونافخِ الكِيْرِ فحاملُ المسك : إِما أن يُحْذِيَكَ ، وإِما أن تبتاع منه، وإِمَّا أن تجِدَ منه ريحا طيِّبة، ونافخُ الكير: إِما أن يَحرقَ ثِيَابَكَ ، وإِما أن تجد منه ريحا خبيثَة " .
وقلنا إنّ تربية الأبناء مشكلة ومتعبة جداً لأنّهم ينسون ولا يعقلون ، تخرج من البيت وتقول : إجلسي يا بنّية ولا تخرجي من البيت . طيّب يا أبي ، وما تخرج إلّا تمسك حبل الباب وتخرج وهي صغيرة تخرج لكنّها ما ترجع من الشارع إلّا بكلمات بذيئة ، إمّا يا جنّي وإمّا يا ملعون وإمّا كذا من هذه الكلمات ، حتّى التعليم أيضا والتدريس للاولاد الصغار متعب ، تضربه ضربا شديدا وينسى في أقرب وقت ويرجع يلعب كما هو ، بل ربّما يأخذ الطبشورة والأستاذ يكتب ويحذف الأستاذ ، هي مشكلة من المشاكل لكن ينبغي للشخص أن يتّقي الله سبحانه وتعالى ، وأن يهتمّ بتربية أبنائه .
وأنا آسف جداً جداً من كثير من النّاس يهتم تجده من مسجد إلى مسجد ، ومن بلد إلى بلد ، ولا يهتمّ بتربية أبنائه ، يترك أبناءه ، وإذا ظهر الشارب يبدا يتصارع معه في ذلك الوقت . 
فينبغي أن يهتمّ به من بدء الامر ، وأن يحرص على أن يجالس النّاس الصّالحين : " وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى "[طه: 132] ، وينبغي أن تتولّى تربية ابنك وابنتك أنت بنفسك ، وأن تجعل لهم وقتا ، وأن تحسن إليهم وتحسن أخلاقك معهم ، وتداعبهم في بعض الأوقات .
أخ في الله في أمريكا أبناء المسلمين يتختطقون لكن هو أسأل الله أن يجزيه خيراً ، ما شاء الله بعض الأوقات عندهم حديقة صغيرة يخرج هو وأولاده يتصارعون فيها هو وأولاده ، وتصرخ أمهم من الطاقة كما اخبرني هو ، : قتلت الأولاد ، قتلت الأولاد ، قال : والله لو تجي لرميتك معهم .
طيّب هذا التودّد في مثل ذلك البلد ، التودّد إلى الأولاد أمر مهمّ جدّاً ، لأنه ربّما أولئك الذين هم أعداء الإسلام ربّما بارك الله فيكم يتودّدون إليهم ويأخذونهم من بين يديك . 
أخ له ولدان يلعبان ويتصارعان أحدهما خدش الآخر ههنا بدون قصد أو ههنا بدون قصد ، فالولد هذا يدرس فرأوا الخدش ههنا وههنا ومن خدش ؟ ضريك أبوك ؟ لو ضربه أبوه جاؤوا يأخذونه ولا يراه في حال من الأحوال ، يأخذونهم تحت الرّعاية ، خلاص لا يراه . ضربك أبوك ؟ قال : لا بس أمزح أنا وأخي بس مزاح . ويأتونهم إلى البيت ويحاولان مع الولد أن يقول ضربني أبي ، ضربتني أمّي أو كذا من أجل أن تأخذه ، والحمد لله وفق الله الولد ، نيّة الرّجل نيّته طيّبة جزاه الله خيرا وصان الله الولد وقال: بس ألعب أنا وأخي. 

فالمهم أن الممازحة في بعض الوقات مع الأولاد أمر مهمّ جداً ، والبعد عن جلساء السوء ماذا مع ولدك من جلساء السّوء ، أبوك هذا متشدّد يبغي يحرمك من لذّة الحياة ومن كذا وكذا ومسكين ويضلّوه .
الله سبحانه وتعالى بقول في جليس السوء : " فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنْ الْمُصَدِّقِينَ * أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ * قَالَ هَلْ أَنتُم مُّطَّلِعُونَ * فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاء الْجَحِيمِ * " -أي في وسط الجحيم - " قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدتَّ لَتُرْدِينِ * " -هذا الرجل الصالح - " وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ " [الصّافات:50/57] ، { الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف:67] .
ينبغي أن تبتعدوا أو أن يبتعد أبناؤكم ، حتّى أنتم ، عن جلساء السّوء فهم يشغلون الشخص ويدخلون الشّبه على الشخص والله المستعان. 
ثمّ بعد ذلك أيضا تشغل ولدك بالخير إمّا حفظ القرآن حتّى ولو ذهب إلى مدرسة او غيرها إمّا بحفظ القرآن وإمّا أن تشغله بارك الله فيكم بحفظ شيء من الأحاديث ، ولكن لا ينبغي أن يقدّم شيء على القرآن . حفظ القرآن ، وبعدها حفظ شيء من الاحاديث القصيرة مثل " خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه " ، ومثل : أنّ رجل قال : يارسول الله أوصني ، قال : " لا تغضب " ، ومثل حديث " الدّنيا سجن المؤمن ، وجنّة الكافر " الأحاديث القصيرة ، هذه أيضا تساعد الشخص على الحفظ . 
كنت وأنا في بدء أمري عندي قدر مائة طالب نشغلهم هكذا أكتبوا يا أولاد حديث " الدنيا سجن المؤمن وجنّة الكافر " كلّكم يكتبون ، وبعدما يكتبون ، من حفظ الحديث ؟ وقاموا : أنا انا حفظت الحديث حفظت الحديث ، سهل مثل هذا " الدنيا سجن المؤمن ، وجنّة الكافر " ، ويقوم الأولاد ولا تزال مرتسمة في أذهانهم بحمد الله .
فينبغي أن يهتمّ بهم فإنّنا مسؤولون أمام الله عنهم : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ. [التحريم:6] .
كما أنّه يجب على الأمّ ويجب على الأب وعلى الأسرة أن يتعاونوا على تربية الأبناء جميعا ، وإعداد الأم الصالحة تساعدك وتريحك إذا شُغِلت عن تعليم ولدك فهي تعلّمه وهي تؤدّبه والله المستعان.
أمّا من أي شيء يختار؟ فبعد القرآن يمكن أن تختار من <الأدب المفرد> أو من كتاب (الأدب ) من < صحيح البخاري > ومن كتاب أيضا (الأدب) من < سنن أبي داوود >، شيء عجيب في < سنن أبي داوود > كتاب الأدب وهكذا في < صحيح البخاري > وفي < الأدب المفرد > للبخاري ، أيضا ومثل <اللؤلؤ والمرجان فيما اتّفق عليه الشيخان > ، وهكذا < رياض الصالحين >. 
أنا لا أقول لك أن تقدّم هذه الكتب كلّها لكن يختار الشخص منها الأحاديث اللّائقة بالأسرة والله المستعان . 
وبعد هذا لا ينبغي أن نحرم النّسوة والبنات ولا نجعلهنّ كبعض القبائل ، فالبنت راعية غنم لا يبالي بها أو البنت عاملة مثل العاملات ، فيجب أن نتّقي الله سبحانه وتعالى فيها وأن نحسن اختيار الزّوج الصّالح لها. 
أسأل الله العظيم أن يوفّقنا وإيّاكم لما يحبّ ويرضى والحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله .

🔻🔹🔸🔻🔹🔸🔻
▪ من شريط : ( جلسة بالحرازات ) .
لسماع الفتوى صوتياً :
http://www.muqbel.net/files/fatwa/muqbel-fatwa1940.mp3

منقول