عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ أنه وجد أبا هريرة يتوضأ على المسجد فقال: إنما أتوضأ من أثوار أقط أكلتها لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «توضئوا مما مست النار» (رواه مسلم)
قوله: (أثوار أقط) الأثوار جمع ثور هي القطعة وهي من الأقط بالثاء المثلثة والأقط: لبن جامد مستحجر وهو مما مسته النار. (نيل الأوطار)
وعن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «توضئوا مما مست النار». (رواه مسلم)
وعن زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (رواه أحمد ومسلم والنسائي)
هذه الأحاديث تدل على وجوب الوضوء مما مسته النار، إلا أن هذا الحكم منسوخ بحديث جابر التالي
عن جابر قال: «كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مسته النار» (رواه أبو داود والنسائي)
قال الشوكاني في النيل: قال النووي في شرح مسلم: حديث جابر حديث صحيح رواه أبو داود والنسائي وغيرهما من أهل السنن بأسانيدهم الصحيحة، والحديث يدل على عدم وجوب الوضوء مما مسته النار.
وعن ميمونة قالت: «أكل النبي صلى الله عليه وسلم من كتف شاة، ثم قام فصلى ولم يتوضأ» .
وعن «عمرو بن أمية الضمري قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يحتز من كتف شاة، فأكل منها فدعي إلى الصلاة، فقام وطرح السكين وصلى ولم يتوضأ» متفق عليه
وعن جابر قال: «أكلت مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر وعمر خبزا ولحما فصلوا ولم يتوضئوا» رواه أحمد.
قال المجد ابن تيمية في المنتقى: وهذه النصوص إنما تنفي الإيجاب لا الاستحباب ولهذا قال للذي سأله: (أنتوضأ من لحوم الغنم قال: إن شئت فتوضأ وإن شئت فلا تتوضأ) ولولا أن الوضوء من ذلك مستحب لما أذن فيه؛ لأنه إسراف وتضييع للماء بغير فائدة.