عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "أوصاني خليلي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بثلاثٍ: صيامُ ثلاثةِ أيامٍ من كلِّ شهرٍ، وركعتي الضُّحى، وأن أوتِرَ قبلَ أن أنامَ" متفق عليه.
وعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يصبحُ على كلِّ سلامي من أحدِكم صدقةٌ . فكلُّ تسبيحةٍ صدقةٌ . وكلُّ تحميدةٍ صدقةٌ . وكلُّ تهليلةٍ صدقةٌ . وكلُّ تكبيرةٍ صدقةٌ . وأمرٌ بالمعروفِ صدقةٌ . ونهيٌ عن المنكرِ صدقةٌ . ويجزئُ ، من ذلك ، ركعتان يركعُهما من الضحى " رواه مسلم.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يصلي الضحى أربعًا . ويزيدُ ما شاء اللهُُُُ " رواه مسلم.
وعن أمّ هانىءٍ بنتَ أبي طالبٍ قالت: "ذهَبتُ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عامَ الفتحِ ، فوجَدتُه يَغتَسِلُ ، وفاطمةُ ابنتُه تَستُرُه ، قالتْ : فسلَّمتُ عليه ، فقال : مَن هذه . فقلتُ : أنا أمُّ هانىءٍ بنتُ أبي طالبٍ ، فقال : مَرحبًا بأمِّ هانىءٍ . فلما فرَغ من غُسلِه . قام فصلَّى ثمانيَ ركعاتٍ ، مُلتَحِفًا في ثوبٍ واحدٍ ، فلما انصَرَف ، قلتُ : يا رسولَ اللهِ ، زعَم ابنُ أمي ، أنه قاتلٌ رجلًا قد أجَرتُه ، فلانَ بنَ هُبَيرَةَ ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : قد أجَرْنا مَن أجَرتِ يا أمَّ هانىءٍ . قالتْ أمُّ هانىءٍ : وذاك ضُحًى" . متفق عليه
وعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ كَانَتْ إِذَا رَمِضَتِ الْفِصَالُ مِنَ الضُّحَى» رواه مسلم
وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحافظُ على صلاةِ الضُّحى إلا أوَّابٌ ، و هي صلاةُ الأوَّابينَ" رواه ابن خزيمة وحسنه الألباني .
قال الشيخ العثيمين رحمه الله في شرح رياض الصالحين:
صلاة الضحى هي: ركعتان أو أكثر تفعلان من ارتفاع الشمس قدر رمح إلى قبيل الزوال، وتأخيرها إلى آخر الوقت أفضل من تقديمها.
و قال النووي رحمه الله في شرحه على مسلم: هَذِهِ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا مُتَّفِقَةٌ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهَا عِنْدَ أَهْلِ التَّحْقِيق وَحَاصِلُهَا أَنَّ الضُّحَى سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَأَنَّ أَقَلَّهَا رَكْعَتَان.
وقال ابن دقيق العيد: ... وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ صَلَاةِ الضُّحَى وَأَنَّ أَقَلَّهَا رَكْعَتَانِ.
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: وَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ مِنْهُمْ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ وَبِهِ جَزَمَ الْحَلِيمِيُّ وَالرُّويَانِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ لَا حَدَّ لِأَكْثَرِهَا وَرَوَى مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ الْأَسْوَدَ بْنَ يَزِيدَ كَمْ أُصَلِّي الضُّحَى قَالَ كَمْ شِئْتَ.
وَقَالَ الطَّبَرِيّ: وَالصَّوَاب أَن يُصَلِّي على غير عدد.
الجمع بين أحاديث الإثبات وأحاديث النفي
جاء عن أم المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله عنها لما سئلت: أَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى؟ قَالَتْ: لَا , إِلَّا أَنْ يَجِيءَ مِنْ مَغِيبَةٍ " رواه مسلم
وعنها رضي الله عنها قالت: ما رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يصلي سبحةَ الضحى قط . وإني لأسبِّحها . وإن كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ليدعُ العملَ ، وهو يحبُّ أن يعملَ بهِ ، خشيةَ أن يعملَ بهَ الناسُ ، فيُفْرَضَ عليهم . متفق عليه
وعن مُوَرِّقٍ قلتُ لابنِ عمرَ رضي اللهُ عنهما : أتُصلي الضُّحى ؟ قال : لا، قلتُ : فعمرُ ؟ قال : لا، قلتُ : فأبو بكرٍ ؟ قال : لا، قلتُ : فالنبيُّ ؟ قال : لا إِخالُه . رواه البخاري
وروي بإسناد صحيح عن ابن عمرَ أنَّهُ قالَ: إنَّها أي صلاةَ الضُّحَى مُحدثةٌ وإنَّها لَمِن أحسنِ ما أحدَثوا.
وعن مجاهد قال: دخَلتُ أنا وعُروَةُ بنُ الزُّبَيرِ المسجدَ، فإذا عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رضي اللهُ عنهما، جالسٌ إلى حُجرَةِ عائشةَ، وإذا ناسٌ يُصلُّونَ في المسجدِ صلاةَ الضُّحى، قال : فسأَلْناه عن صلاتِهم، فقال : بِدعَةٌ . متفق عليه
وبِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَقَدْ قُتِلَ عُثْمَانُ وَمَا أَحَدٌ يُسَبِّحُهَا وَمَا أَحْدَثَ النَّاسُ شَيْئًا أحب إِلَيّ مِنْهَا.
وعن الأعرجِ قالَ سألْتُ ابن عمرَ عن صلاةِ الضُّحَى، فقالَ: بدعةٌ ونعمتِ البدعةُ.
وروي عن ابنِ عُمرَ بإسناد صحيح أنه قال: ما صلَّيتُ الضُّحى منذُ أسلَمتُ إلَّا أن أطوفَ بالبيتِ .
وعن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة قال: لم يخبرني أحد من الناس أنه رأى ابن مسعود يصلي الضحى.
قال النووي رحمه الله في شرحه على مسلم: الْجَمْعُ بَيْنَ حَدِيثَيْ عَائِشَةَ فِي نَفْيِ صَلَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الضُّحَى وَإِثْبَاتِهَا فَهُوَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّيهَا بَعْضَ الْأَوْقَاتِ لِفَضْلِهَا وَيَتْرُكُهَا فِي بَعْضِهَا خَشْيَةَ أَنْ تُفْرَضَ كَمَا ذَكَرَتْهُ عَائِشَةُ وَيُتَأَوَّلُ قَوْلُهَا مَا كَانَ يُصَلِّيهَا إِلَّا أَنْ يَجِيءَ مِنْ مَغِيبِهِ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ مَا رَأَيْتُهُ كَمَا قَالَتْ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي سُبْحَةَ الضُّحَى وَسَبَبُهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ يَكُونُ عِنْدَ عَائِشَةَ فِي وَقْتِ الضُّحَى إِلَّا فِي نَادِرٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مُسَافِرًا وَقَدْ يَكُونُ حَاضِرًا وَلَكِنَّهُ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَإِذَا كَانَ عِنْدَ نِسَائِهِ فَإِنَّمَا كَانَ لَهَا يَوْمٌ مِنْ تِسْعَةٍ فَيَصِحُّ قَوْلُهَا مَا رَأَيْتُهُ يُصَلِّيهَا وَتَكُونُ قَدْ عَلِمَتْ بِخَبَرِهِ أَوْ خَبَرِ غَيْرِهِ أَنَّهُ صَلَّاهَا أَوْ يُقَالُ قَوْلُهَا مَا كَانَ يُصَلِّيهَا أَيْ مَا يُدَاوِمُ عَلَيْهَا فَيَكُونُ نَفْيًا لِلْمُدَاوَمَةِ لَا لِأَصْلِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وقال: وَأَمَّا مَا صَحَّ عَنِ ابن عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ فِي الضُّحَى هِيَ بِدْعَةٌ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ صَلَاتَهَا فِي الْمَسْجِد وَالتَّظَاهُرَ بِهَا كَمَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ بِدْعَةٌ لَا أَنَّ أَصْلَهَا فِي الْبُيُوتِ وَنَحْوِهَا مَذْمُومٌ أَوْ يُقَالُ قَوْلُهُ بِدْعَةٌ أَيِ الْمُوَاظَبَةُ عَلَيْهَا لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُوَاظِبْ عَلَيْهَا خَشْيَةَ أَنْ تُفْرَضَ وَهَذَا فِي حَقِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ثَبَتَ اسْتِحْبَابُ الْمُحَافَظَةِ فِي حَقِّنَا بِحَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَأَبِي ذَرٍّ أو يقال أن ابن عُمَرَ لَمْ يَبْلُغْهُ فِعْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الضُّحَى وَأَمْرُهُ بِهَا وَكَيْفَ كَانَ فَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الضُّحَى وَإِنَّمَا نُقِلَ التوقف فيها عن ابن مسعود وابن عُمَرَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح: قَالُوا إِنَّ عَدَمَ رُؤْيَتِهَا-أي عائشة- لِذَلِكَ لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ الْوُقُوعِ فَيُقَدَّمُ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ مِنَ الصَّحَابَةِ الْأَثْبَاتِ. وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ عِنْدِي أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهَا مَا رَأَيْتُهُ سَبَّحَهَا أَيْ دَاوَمَ عَلَيْهَا.
وقال: فِي الْجُمْلَةِ لَيْسَ فِي أَحَادِيث ابن عُمَرَ هَذِهِ مَا يَدْفَعُ مَشْرُوعِيَّةَ صَلَاةِ الضُّحَى لِأَنَّ نَفْيَهُ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ رُؤْيَتِهِ لَا عَلَى عَدَمِ الْوُقُوعِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَوِ الَّذِي نَفَاهُ صِفَةٌ مَخْصُوصَةٌ . قَالَ عِيَاضٌ وَغَيره إِنَّمَا أنكر ابن عُمَرَ مُلَازَمَتَهَا وَإِظْهَارَهَا فِي الْمَسَاجِدِ وَصَلَاتَهَا جَمَاعَةً لَا أَنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِلسُّنَّةِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ ابن أبي شيبَة عَن ابن مَسْعُودٍ أَنَّهُ رَأَى قَوْمًا يُصَلُّونَهَا فَأَنْكَرَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ إِنْ كَانَ وَلَا بُدَّ فَفِي بُيُوتِكُمْ.
وقال: وَبَلغَ عَدَدُ رُوَاةِ الْحَدِيثِ فِي إِثْبَاتِهَا نَحْوَ الْعِشْرِينَ نَفْسًا مِنَ الصَّحَابَةِ.
وقَالَ ابن دَقِيقِ الْعِيدِ:... وَعَدَمُ مُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فِعْلِهَا لَا يُنَافِي اسْتِحْبَابَهَا لِأَنَّهُ حَاصِلٌ بِدَلَالَةِ الْقَوْلِ وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْحُكْمِ أَنْ تَتَضَافَرَ عَلَيْهِ أَدِلَّةُ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ. والله أعلم