الثلاثاء، 26 مايو 2015

تَفْسِيرُ سُورَةِ النَّبَأِ


تَفْسِيرُ سُورَةِ النَّبَأِ


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2) يَقُولُ تَعَالَى مُنْكِرًا عَلَى الْمُشْرِكِينَ فِي تَسَاؤُلِهِمْ عَنْ يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنْكَارًا لِوُقُوعِهَا: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِأَيْعَنْ أَيِّ شَيْءٍ يَتَسَاءَلُونَ؟ مِنْ أَمْرِ الْقِيَامَةِ، وَهُوَ النَّبَأُ الْعَظِيمُ، يَعْنِيالْخَبَرَ الْهَائِلَ الْمُفْظِعَ الْبَاهِرَ قيلالنَّبَأُ الْعَظِيمُالْبَعْثُ بَعْدَ الْمَوْتِوقيلهُوَ الْقُرْآنُوَالْأَظْهَرُ الْأَوَّلُ.
الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (3) يَعْنِيالنَّاسُ فِيهِ عَلَى قَوْلَيْنِمُؤْمِنٌ بِهِ وَكَافِرٌ.
كَلا سَيَعْلَمُونَ (4) ثُمَّ كَلا سَيَعْلَمُونَ (5) هَذَا تهديدٌ شَدِيدٌ وَوَعِيدٌ أَكِيدٌ لِمُنْكِرِي الْقِيَامَةِ.
ثُمَّ شَرَعَ تبارك وَتَعَالَى يُبَيّن قُدْرَتَهُ الْعَظِيمَةَ عَلَى خَلْقِ الْأَشْيَاءِ الْغَرِيبَةِ وَالْأُمُورِ الْعَجِيبَةِ، الدَّالَّةِ عَلَى قُدْرَتِهِ عَلَى مَا يَشَاءُ مِنْ أَمْرِ الْمَعَادِ وَغَيْرِهِ، فَقَالَ: أَلَمْ نَجْعَلِ الأرْضَ مِهَادًا (6) ؟ أَيْمُمَهَّدَةٌ لِلْخَلَائِقِ ذَلُولا لَهُمْ، قَارَّةً سَاكِنَةً ثَابِتَةً.
وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (7) أَيْجَعَلَهَا لَهَا أَوْتَادًا أَرْسَاهَا بِهَا وَثَبَّتَهَا وَقَرَّرَهَا حَتَّى سَكَنَتْ وَلَمْ تَضْطَرِبْ بِمَنْ عَلَيْهَا.
وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا (8) يَعْنِيذَكَرًا وَأُنْثَى، يَسْتَمْتِعُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالْآخَرِ، وَيَحْصُلُ التَّنَاسُلُ بِذَلِكَ.
وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا (9) أَيْقَطْعًا لِلْحَرَكَةِ لِتَحْصُلَ الراحة من كثرة الترداد والسعي فِي الْمَعَايِشِ فِي عَرْضِ النَّهَارِ.
وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10) أَيْيَغْشَى النَّاسَ ظَلَامُهُ وَسَوَادُهُوقيلأَيْسَكَنًا.
وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11) أَيْجَعَلْنَاهُ مُشْرِقًا مُنيرًا مُضِيئًا، لِيَتَمَكَّنَ النَّاسُ مِنَ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَالذِّهَابِ وَالْمَجِيءِ لِلْمَعَاشِ وَالتَّكَسُّبِ وَالتِّجَارَاتِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا (12) يَعْنِيالسموات السَّبْعَ، فِي اتِّسَاعِهَا وَارْتِفَاعِهَا وَإِحْكَامِهَا وَإِتْقَانِهَا، وَتَزْيِينِهَا بِالْكَوَاكِبِ الثَّوَابِتِ وَالسَّيَّارَاتِ.
وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا (13) يَعْنِيالشَّمْسَ الْمُنِيرَةَ عَلَى جَمِيعِ الْعَالَمِ الَّتِي يَتَوَهَّجُ ضَوْؤُهَا لِأَهْلِ الْأَرْضِ كُلِّهِمْ.
وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (14):  أي أنزلنا من السحب الممطرة ماء منصَبّا مُتَتَابِعًا كثيرا.
لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (15)وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا (16) أَيْلنخرجَ بِهَذَا الْمَاءِ الْكَثِيرِ الطَّيِّبِ النَّافِعِ المُبَارَك {حَبًّايُدَّخَرُ لِلْأَنَاسِيِّ وَالْأَنْعَامِ، {وَنَبَاتًاخَضِرًا يُؤْكَلُ رَطْبًا، {وَجَنَّاتٍأَيْبَسَاتِينَ وحدائقَ مِنْ ثَمَرَاتٍ مُتَنَوِّعَةٍ، وَأَلْوَانٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَطَعُومٍ وَرَوَائِحَ مُتَفَاوِتَةٍ، وَإِنْ كَانَ ذَلَكَ فِي بُقْعَةٍ وَاحِدَةٍ مِنَ الْأَرْضِ مُجْتَمَعًا.
إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا (17) يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ يَوْمِ الْفَصْلِ، وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، أَنَّهُ مُؤَقَّتٌ بِأَجَلٍ مَعْدُودٍ، لَا يُزَادُ عَلَيْهِ وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُ، وَلَا يَعْلَمُ وَقْتَهُ عَلَى التَّعْيِينِ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.
يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا (18) أيزُمَرًا زُمَرًا قال ابن جريريَعْنِي تَأْتِي كُلُّ أُمَّةٍ مَعَ رَسُولِهَا.
وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا (19) أَيْطُرُقًا وَمَسَالِكَ لِنُزُولِ الْمَلَائِكَةِ.
وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا (20) أَيْيُخَيَّلُ إِلَى النَّاظِرِ أَنَّهَا شَيْءٌ، وَلَيْسَتْ بِشَيْءٍ، بَعْدَ هَذَا تَذهب بِالْكُلِّيَّةِ، فَلَا عَيْنَ وَلَا أَثَرَ.
إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (21) أَيْمُرْصَدَةً مُعَدّةوقيليَعْنِيأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ الْجَنَّةَ حَتَّى يَجْتَازَ بِالنَّارِ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ جَوَازٌ نَجَا، وَإِلَّا احْتَبَسَ.
لِلطَّاغِينَ مَآبًا (22) {للِطَّاغِينَوَهُمُالمَرَدة الْعُصَاةُ الْمُخَالِفُونَ لِلرُّسُلِ، {مَآبًاأَيْمَرْجِعًا وَمُنْقَلَبًا وَمَصِيرًا وَنُزُلًا.
لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (23) أَيْمَاكِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا، وَهِيَ جَمْعُ "حقُب"، ولَا يَعْلَمُ عِدَّةَ هَذِهِ الْأَحْقَابِ إِلَّا اللَّهُ، والحقب على ما قاله كثير من المفسرينثمانون سنة، وَالسَّنَةُ ثَلَاثُمِائَةٌ وَسِتُّونَ يَوْمًا، كُلُّ يَوْمٍ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ.
لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (24) أَيْلَا يَجِدُونَ فِي جَهنَّم بَرْدًا لِقُلُوبِهِمْ، وَلَا شَرَابًا طَيِّبًا يَتَغَذَّوْنَ بِهِ.
إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (25) فَأَمَّا الْحَمِيمُفَهُوَ الْحَارُّ الَّذِي قَدِ انْتَهَى حَرُّهُ وحُموهوالغَسَّاقهُوَ مَا اجْتَمَعَ مِنْ صَدِيدِ أَهْلِ النَّارِ وَعَرَقِهِمْ وَدُمُوعِهِمْ وَجُرُوحِهِمْ، فَهُوَ بَارِدٌ لَا يُسْتَطَاعُ مِنْ بَرْدِهِ، وَلَا يُوَاجَهُ مَنْ نَتَنِهِ.
جَزَاءً وِفَاقًا (26) أَيْهَذَا الَّذِي صَارُوا إِلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الْعُقُوبَةِ وَفق أَعْمَالِهِمُ الْفَاسِدَةِ الَّتِي كَانُوا يَعْمَلُونَهَا فِي الدُّنْيَا.
إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا (27) أَيْلَمْ يَكُونُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ ثَمَّ دَارًا يُجَازَوْنَ فِيهَا وَيُحَاسَبُونَ.
وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا (28) أَيْوَكَانُوا يُكَذِّبُونَ بِحُجَجِ اللَّهِ وَدَلَائِلِهِ عَلَى خَلْقِهِ الَّتِي أَنْزَلَهَا عَلَى رُسُلِهِ، فَيُقَابِلُونَهَا بِالتَّكْذِيبِ وَالْمُعَانَدَةِ.
وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا (29) أَيْوَقَدْ عَلِمنا أعمالَ العباد كلهم، وكتبناهم عَلَيْهِمْ، وَسَنَجْزِيهِمْ عَلَى ذَلِكَ، إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ.
فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا (30) أَيْيُقَالُ لِأَهْلِ النَّارِذُوقُوا مَا أَنْتُمْ فِيهِ، فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا مِنْ جنسهِ.
إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31) يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنِ السُّعَدَاءِ وَمَا أَعَدَّ لَهُمْ تَعَالَى مِنَ الْكَرَامَةِ وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ، فَقَالَ: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًاأيفَازُوا، فَنَجَوْا مِنَ النَّارِوقيلمُتَنَزَّهًا -وهو الأظهر-.
حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (32) وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (33)  وَهِيَ الْبَسَاتِينُ مِنَ النَّخِيلِ وَغَيْرِهَا، وَحُورًا كَوَاعِبَأَيْنَوَاهِدَ، يَعْنُونَ أَنْ ثُدُيَّهن نَوَاهِدَ لَمْ يَتَدَلَّيْنَ لِأَنَّهُنَّ أَبْكَارٌ عُرُب أَتْرَابٌ، أَيْفِي سِنٍّ وَاحِدَةٍ.
وَكَأْسًا دِهَاقًا (34) أيمَمْلُوءَةٌ مُتَتَابِعَةٌوقيلصَافِيَةٌوقيلالْمَلْأَى الْمُتْرَعَةُ.
لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا (35) أَيْلَيْسَ فِيهَا كَلَامٌ لاغٍ عَارٍ عَنِ الْفَائِدَةِ، وَلَا إِثْمٌ كَذِبٌ، بَلْ هِيَ دَارُ السَّلَامِ، وَكُلُّ ما فيها سالم من النقص.
جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا (36) أَيْهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ جَازَاهُمُ اللَّهُ بِهِ وَأَعْطَاهُمُوهُ، بِفَضْلِهِ ومَنِّه وَإِحْسَانِهِ وَرَحْمَتِهِ؛ {عَطَاءً حِسَابًاأَيْكَافِيًا وَافِرًا شَامِلًا كَثِيرًا.
رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا (37) يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ عَظَمَتِهِ وَجَلَالِهِ، وَأَنَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِمَا وَمَا بَيْنَهُمَا، وَأَنَّهُ الرَّحْمَنُ الَّذِي شَمِلَتْ رَحْمَتُهُ كُلَّ شَيْءٍوَقَوْلُهُ: {لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًاأَيْلَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى ابْتِدَاءِ مُخَاطَبَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ.
يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا (38) اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي الْمُرَادِ بِالرُّوحِ عَلَى أَقْوَالٍأَحَدُهَاأَنَّهُمْ أَرْوَاحُ بَنِي آدَمَالثَّانِيهُمْ بَنُو آدَمَالثَّالِثُأَنَّهُمْ خَلق مِنْ خَلْقِ اللَّهِ، عَلَى صُور بَنِي آدَمَ، وَلَيْسُوا بِمَلَائِكَةٍ وَلَا بِبَشَرٍ، وَهُمْ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَالرَّابِعُهُوَ جِبْرِيلُوَالْخَامِسُأَنَّهُ الْقُرْآنُوَالسَّادِسُأَنَّهُ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ بِقَدْرِ جَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِوالأرجح القول الرابع وأنه جبريل.
وَقَوْلُهُ: {إِلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ}: ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ: "وَلَا يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ إِلَّا الرُّسُلُ".
وَقَوْلُهُ {وَقَالَ صَوَابًاأَيْحَقًّا، وَمِنَ الْحَقِّ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.
ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا (39): قَوْلُهُ: {ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّأَيِالْكَائِنُ لَا مَحَالَةَ {فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًاأَيْمَرْجِعًا وَطَرِيقًا يَهْتَدِي إِلَيْهِ وَمَنْهَجًا يَمُرُّ بِهِ عَلَيْهِ.
إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا (40): قَوْلُهُ: {إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًايَعْنِييَوْمَ الْقِيَامَةِ لِتَأَكُّدِ وُقُوعِهِ صَارَ قَرِيبًا، لِأَنَّ كُلَّ مَا هُوَ آتٍ آتٍ.{يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُأَيْيَعْرِضُ عَلَيْهِ جَمِيعَ أَعْمَالِهِ، خَيْرِهَا وَشَرِّهَا، قَدِيمِهَا وَحَدِيثِهَا،{وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًاأَيْيَوَدُّ الْكَافِرُ يَوْمَئِذٍ أَنَّهُ كَانَ فِي الدَّارِ الدُّنْيَا تُرَابًا، وَلَمْ يَكُنْ خُلِقَ، وَلَا خَرَجَ إِلَى الْوُجُودِوَذَلِكَ حِينَ عَايَنَ عَذَابَ اللَّهِ، وَنَظَرَ إِلَى أَعْمَالِهِ الْفَاسِدَةِ قَدْ سُطَّرت عَلَيْهِ بِأَيْدِي الْمَلَائِكَةِ السَّفَرة الْكِرَامِ البَرَرة، وَقِيلَإِنَّمَا يَوَدُّ ذَلِكَ حِينَ يَحْكُمُ الله بين الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي كَانَتْ فِي الدُّنْيَا، فَيَفْصِلُ بَيْنَهَا بِحُكْمِهِ الْعَدْلِ الَّذِي لَا يَجُورُ، حَتَّى إِنَّهُ لِيَقْتَصَّ لِلشَّاةِ الجمَّاء مِنَ الْقَرْنَاءِفَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْحُكْمِ بَيْنَهَا قَالَ لَهَاكُونِي تُرَابًا، فتصير تُرَابًافَعِنْدَ ذَلِكَ يَقُولُ الْكَافِرُ: {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًاأَيْكُنْتُ حَيَوَانًا فَأَرْجِعُ إِلَى التُّرَابِ.


من تفسير القرآن العظيم لابن كثير رحمه الله-بتصرف-