الثلاثاء، 26 مايو 2015

النهي عن التنفس في الإناء عند الشرب

بسم الله الرحمن الرحيم

عن أبي هريرة وأبي قتادة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناءمتفق عليه، وفي رواية لابن عباس نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتنفس في الإناءرواه أبو داود والترمذي وغيرهما وصححه الألباني، وفي رواية عند الحاكم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا يتنفس أحدكم في الإناء إذا كان يشرب منه ولكن إذا أراد أن يتنفس فليؤخره عنه ثم يتنفس هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

قَالَ ابن عبد البر رحمه الله في التمهيد: وَالنَّهْيُ عَنْ هَذَا نَهْيُ أَدَبٍ لَا نَهْيُ تَحْرِيمٍ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ مَنْ تَنَفَّسَ فِي الْإِنَاءِ أَوْ نَفَخَ فِيهِ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ طَعَامُهُ وَلَا شَرَابُهُ وَلَكِنَّهُ مُسِيءٌ إِذَا كَانَ بِالنَّهْيِ عَالِمًا.
وقال: إِنَّمَا نُهِيَ عَنِ التَّنَفُّسِ فِي الْإِنَاءِ لِأَدِبِ الْمُجَالَسَةِ لِأَنَّ الْمُتَنَفِّسَ فِي الْإِنَاءِ قَلَّ مَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مَعَ نَفَسِهِ رِيقٌ وَلُعَابٌ وَمِنْ سُوءِ الْأَدَبِ أَنْ يَشْرَبَ ثُمَّ يُنَاوِلَ جَلِيسَهُ لُعَابَهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ عَمَدَ إِلَى الْإِنَاءِ فَشَرِبَ مِنْهُ ثُمَّ تَفَلَ فِيهِ وَنَاوَلَهُ جَلِيسَهُ أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا تَقْذِرُهُ النُّفُوسُ وَتَكْرَهُهُ وَلَيْسَ مِنْ أَفْعَالِ ذَوِي الْعُقُولِ فَكَذَلِكَ مَنْ تَنَفَّسَ فِي الْإِنَاءِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ مَعَ تَنَفُّسِهِ أَكْثَرُ مِنَ التَّفْلِ مِنْ لُعَابِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وقال العيني في عمدة القاري: قَوْله فَلَا يتنفس نهي أدب وَذَلِكَ أَنه إِذا فعل ذَلِك لم يَأْمَن أَن يبرز من فِيهِ الرِّيق فيخالط المَاء فيعافه الشَّارِب وَرُبمَا يروح بنكهة المتنفس إِذا كَانَت فَاسِدَة وَالْمَاء للطفه ورقة طبعه تسرع إِلَيْهِ الروائح ثمَّ أَنه يعد من فعل الدَّوَابّ إِذا كرعت فِي الْأَوَانِي جرعت ثمَّ تنفست فِيهَا ثمَّ عَادَتْ فَشَرِبت.


وقال: والتنفس خَارج الْإِنَاء أحسن فِي الْأَدَب وَأبْعد عَن الشره وأخف للمعدة وَإِذا تنفس فِيهِ تكاثر المَاء فِي حلقه وأثقل معدته وَرُبمَا شَرق وأذى كبده وَهُوَ فعل الْبَهَائِم وَقد قيل أَن فِي الْقلب بَابَيْنِ يدْخل النَّفس من أَحدهمَا وَيخرج من الآخر فَيبقى مَا على الْقلب من هم أَو قذى وَلذَلِك لَو احْتبسَ النَّفس سَاعَة هلك الْآدَمِيّ ويخشى من كَثْرَة التنفس فِي الْإِنَاء أَن يَصْحَبهُ شَيْء مِمَّا فِي الْقلب فَيَقَع فِي المَاء ثمَّ يشربه فَيَتَأَذَّى بِهِ.