قال العلامة صالح الفوزان في عقيدة التوحيد وبيان ما يضادها(102-104):
مما يجب التنبيه عليه والتنبه له: أن السحرة والكهان والعرافين يعبثون بعقائد الناس بحيث يظهرون بمظهر الأطباء، فيأمرون المرضى بالذبح لغير الله؛ بأن يذبحوا خروفًا صفته كذا وكذا، أو دجاجة، أو يكتبون لهم الطلاسم الشركية، والتعاويذ الشيطانية بصفة حروز يعلقونها في رقابهم، أو يضعونها في صناديقهم، أو في بيوتهم.
والبعض الآخر يظهر بمظهر المخبر عن المغيبات، وأماكن الأشياء المفقودة؛ بحيث يأتيه الجهال فيسألونه عن الأشياء الضائعة، فيخبرهم بها أو يحضرها لهم، بواسطة عملائه من الشياطين.
وبعضهم يظهر بمظهر الولي الذي له خوارق وكرامات، أو بمظهر الفنان، كدخول النار ولا تؤثر فيه، وضرب نفسه بالسلاح، أو وضع نفسه تحت عجلات السيارة ولا تؤثر فيه، أو غير ذلك من الشعوذات التي هي في حقيقتها سحر من عمل الشيطان، يجري على أيدي هؤلاء للفتنة. أو هي أمور تخيلية لا حقيقة لها؛ بل هي حيل خفية يتعاطونها أمام الأنظار، كعمل سحرة فرعون بالحبال والعصي.
قال شيخ الإسلام في مناظرته للسحرة البطائحية الأحمدية الرفاعية (قال: " يعني شيخ البطائحية " ورفع صوته: نحن لنا أحوال وكذا وكذا، وادَّعى الأحوال الخارقة كالنار وغيرها واختصاصهم بها، وأنهم يستحقون تسليم الحال إليهم لأجلها) . قال شيخ الإسلام: (فقلتُ ورفعتُ صوتي وغضبت: أنا أُخاطب كل أحمدي من مشرق الأرض إلى مغربها: أي شيء فعلوه في النار؟ ! فأنا أصنع مثل ما يصنعون، ومن احترق فهو مغلوب، وربما قلت: فعليه لعنة الله، ولكن بعد أن نغسل جسومنا بالخل والماء الحار، فسألني الأمراء والناس عن ذلك؛ فقلت: لأن لهم حيلًا في الاتصال بالنار، يصنعونها من أشياء من دهن الضفادع، وقشر النارنج، وحجر الطلق، فضج الناس بذلك؛ فأخذ يظهر القدرة على ذلك، فقال: أنا وأنت نُلَفُّ في بارية بعد أن نطلي جسومنا بالكبريت. فقلت: فقُم، وأخذت أكرر عليه في القيام إلى ذلك، فمدَّ يده يظهر خلع القميص، فقُلتُ: لا، حتى تغتسل بالماء الحار والخل؛ فأظهر الوهم على عادتهم، فقال: من كان يحبُّ الأمير فليحضر خشبًا - أو قال: حزمة حطب - فقلتُ: هذا تطويلٌ وتفريقٌ للجمع ولا يَحصلُ به مقصود؛ بل قنديل يوقد وأُدخل أصبعي وأصبعك فيه بعد الغسل، ومن احترقت أصبعه فعليه لعنة الله، أو قلت: فهو مغلوب، فلمَّا قلتُ ذلك تغير وذل) انتهى.
والمقصود منه بيان أن هؤلاء الدجالين يكذبون على الناس بمثل هذه الحيل الخفية، كجرهم السيارة بشعرة، وإلقائه نفسه تحت عجلاتها، وإدخال أسياخ الحديد في عينه، إلى غير ذلك من الشعوذات الشيطانية.