أي: تفرِّقون به بين الحق والباطل، والضار والنافع، والطاعة والمعصية، وأولياء الله وأعداء الله.. إلى غير ذلك.
وتارة يحصل هذا الفرقان بوسيلة العلم، يفتح الله على الإنسان من العلوم، وييسر له تحصيلها أكثر ممن لا يتقي الله.
وتارة يحصل له هذا الفرقان بما يلقيه الله تعالى في قلبه من الفراسة.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لقد كان فيما قبلَكم من الأممِ مُحدَّثونَ ، فإن يك في أمتي أحد، فإنه عمر".
فالله تعالى يجعل لمن اتقاه فراسة يتفرس بها، فتكون موافقةً للصواب.
فقوله تعالى: "يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا" يشمل الفرقان بوسائل العلم والتعلم، والفرقان بوسائل الفراسة والإلهام أن يلهم الله تعالى الإنسان التقي ما لا يُلهم غيره، وربما يظهر لك هذا -أيها الطالب- في مجراك في طلب العلم، تمر بك أيام تجد قلبك خاشعاً منيباً إلى الله، مقبلاً عليه، متقياً له، فيفتح الله عليك مفاتح ومعالم كثيرة، وأحياناً تمر بك غفلة ينغلقُ قلبك، وكل هذا تحقيق لقول الله تبارك وتعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ" [ الأنفال: 29]